النسـاء والتدخين

تاريخ النشر: 23 أبريل 2005 - 07:26 GMT

 العوامل الحسـية ، والنظرة إلى الوزن ، ومراحل العادة الشهرية – كلها عوامل رئيسية بالنسبة لتوقيف التدخين

 

يقوم باحثون يمولهم المعهد الوطني لمكافحة المخدرات بدراسة الفرق بين سلوك النساء وسلوك الرجال بالنسبة للتدخين ، ويعملون على وضع خطط علاجية تساعد النساء على التخلص من الإدمان على النيكوتين . تعزز هذه المعلومات  ثلاث دراسات حديثة  قام بها الدكتور كينيث بيركنز ، وتختبر مسالك علاجية جديدة كي تستخدمها النساء .

 

تبين إحدى هذه الدراسات أن تأثير رائحة وطعم السجائر على سلوك النساء بالنسبة للتدخين يفوق تأثيرهما على سلوك الرجال . تبين نتائج دراسة أخرى أن العلاج بالسلوك الإدراكي الهادف إلى تغيير نظرة المرأة إلى الوزن يعزز مقدرة النساء على ترك التدخين . وقد  تبين أيضا أن لمرحلة دورة الطمث الشهرية  تأثيرا على مزاج وأعراض الإقلاع عن التدخين لدى النساء اللواتي يحاولن وقف التدخين . هذا يدل على أنه بإمكان النساء رفع نسبة نجاحهن في محاولة وقف التدخين بمجرد بدء المحاولة خلال أيام معينة من الدورة الشهرية .

 

العـوامل الحسية في التدخين  

قام الدكتور بيركنز وزملاؤه بمجموعة دراسات مخبرية لمعرفة تأثير المشعرات الحسية – رؤية سيجارة شاعلة وشم راحة سيجارة وتذوق طعمها -  على سلوك النساء التدخيني مقارنة بالرجال .استخدم الباحثون 51 شخصا مدخنا (21 رجلا و30 إمرأة) قيل لهم إنهم سيجرون اختبارا على مختلف أنواع السجائر . لبس هؤلاء المدخنين أثناء التدخين نظارات معتمة لمنع الرؤية أو مشابك أنف لمنع الشم بغية معرفة دور المشعرات الحسية – النظر والشم – في المتعة بالتدخين أو تعزيز الإدمان عليه . قيّم الباحثون مدى تعزيز الإدمان – عدد نفثات الدخان في أوضاع مختلفة – وقيّموا الاستمتاع بالتدخين لمعرفة مدى تعزيز المشعرات الحسية للإدمان على التدخين .

 

بينت نتيجة الدراسة أن أثر عزل مثيرات حاسة الشم لدى النساء فاق أثره لدى الرجال بكثير . لقد خفت متعة التدخين لدى النساء والرجال عند عزل مشعرات حاستي النظر والشم ، إلا أن متعة النساء بالتدخين وعدد السجائر التي دخنّها أثناء عزل المشعرات الحسية كانت أقل بكثير منها لدى الرجال .  تبين هذه الدراسة أن تأثير المشعرات الحسية في التدخين لدى النساء أقوى منه لدى الرجال ، وأن مشعرات حاسة الشم ،لا مشعرات حاسة النظر ، هي التي أحدثت هذا الفرق .

 

فحص الدكتور بيركينز تأثير جرعة من نيكوتين السجائر على مدى الاستمتاع بالتدخين ومدى تعزيز الإدمان عليه لدى 30 رجلا وامرأة من المدخنين . دخن جميعهم عينات مختلفة من السجائر دون أن يعرفوا  أنواعها ، ثم دخن كل منهم نوع السجائر التي يدخنها عادة ، أو نوع آخر قليل النيكوتين، أيضا دون أن يعرف ما هو النوع . كان للنيكوتين مفعول الاستمتاع بالسيجارة ودلائل الإدمان لدى الرجال أقل منه لدى النساء ، الأمر الذي يؤيد الرأي القائل إن تأثير النيكوتين على تصرف النساء إزاء التدخين أقل منه على تصرف الرجال .

 

بما أن اهتمام النساء بمشعرات حاسة الشم أكبر من اهتمام الرجال ، تستطيع النساء الاستفادة من نصائح الاخصائيين بتجنب تلك المشعرات وتعلم استراتيجيات الإدراك (بدلامن الاستراتيجيات الحسية) لتخفيف الدافع إلى التدخين . يقول الدكتور بيركينز إن هذا النوع من النصح لا يستخدم على نطاق واسع ولا بصورة فعّالة . ويقترح تركيز الدراسات المستقبلية على عوامل أخرى معينة تعزز الإدمان على التدخين ، مثل نوع السجائر وحركة وضع السيجارة في الفم والظروف البيئية المحيطة بالمدخن وتناول مخدرات أخرى (كالكافيين والكحول) بهدف اكتشاف طرق تزيل مفعول العوامل التي تدفع إلى التدخين أو إيجاد بدائل حسية لها .

تقول الدكتورة كورا وذيرنجتن ، منسقة الأبحاث في المعهد الوطني لمكافحة المخدرات ، إن نتائج هذه الدراسة تطابق نتائج الدراسات الأخرى التي تدل على أن فائدة النساء من لصوقات النيكوتين أو العلكة (المستخدمة للإقلاع عن التدخين) أقل منها للرجال وأن فائدة استنشاق النيكوتين لهن أكثر منها للرجال . عندما توقف النساء  التدخين يفقدن المشعرات الحسية ومشعرات النيكوتين . لذلك فإن الاستعاضة عن هذه المشعرات ببدائل أخرى (باستعمال جهاز استنشاق النيكوتين ، وليس باستعمال العلكة)  وتعلّم طرق لمقاومتها قد يساعد المزيد من النساء على الإقلاع عن التدخين .

 

التخوف من زيادة الوزن   

 

تبين من التجارب التي أجريت سابقا لإيقاف التدخين أن أكثر من نصف النساء المدخنات يجدن صعوبة في محاولة توقيف التدخين بسبب خوفهن من زيادة الوزن . يبلغ معدل زيادة الوزن بعد توقيف التدخين عشرة أرطال ، وهو ما يحبط الكثير من محاولات توقيف التدخين المبكر ويدفع بعض النساء إلى الإحجام عن المحاولة ، أو التوقف عن العلاج ، أو العودة إلى التدخين بعد توقيفه . وقد بينت الأبحاث أن اتباع أنظمة غذائية لمنع زيادة الوزن لم يأت بنتائج ، بل في الواقع قد يعطّل جهود توقيف التدخين . تبين الدراسة الجديدة أن العلاج  بالتصرف على أساس الإدراك والمعرفة الهادف إلى تخفيف التقيد بالنظام الغذائي وتغيير النظرة إلى موضوع الوزن حقق نجاحا أكبر في التحكم بالوزن والإقبال على توقيف التدخين .

 

 قام الدكتور بيركنز وزملاؤه بدراسة 219 إمرأة تترواح أعمارهن بين 18 و 65 سنة أردن توقيف التدخين ولكنهن كن يتخوفن من ازدياد الوزن . تم تقسيم النساء إلى ثلاث مجموعات ، وتلقين جميعهن دروسا ونصائح بخصوص توقيف التدخين . كما تلقت كل مجموعة إما نصائح بشأن التصرف للتحكم بالوزن للحد من الخوف من زيادة الوزن ، أو دعم اجتماعي لا يتركز على أمور تتعلق بالوزن .

أعطيت المجموعة التي كلفت بالتحكم بالوزن عدد السعرات الحرارية الذي يجب عليهن التقيد به يوميا ، وطلب منهن تسجيل ما يأكلنه في مفكرة مع توخي تقليل الأكل بين الوجبات (وهو أهم مصدر للسعرات الحرارية الزائدة التي تتأتى بعد توقف التدخين ) . كما كان متوقعا ، نجحت هذه المجموعة في منع أية زيادة في الوزن في الشهر الذي تلى التوقف عن التدخين .

 

خضعت المجموعة الأخرى لعلاج يجعلهن يتقبلن زيادة بسيطة في الوزن في سبيل تحقيق التوقف عن التدخين . قالت الدكتورة مارشا ماركوس ، زميلة الدكتور بيركنز، إنها أرادت مساعدة النساء على قبول فكرة احتمال زيادة وزنهن بمقدار 5 إلى 10 أرطال وأنها لجأت إلى العلاج على أساس الإدراك والمعرفة لتغيير نظرتهن إلى زيادة الوزن . حددت مارشا الأفكار أو الاعتقادات غير الواقعية عن زيادة الوزن والتدخين ووضعت مسالك ترتكز على المعرفة لإبطال هذه الأفكار . الرسالة الرئيسية كانت " الأكل باعتدال ، وتخفيض مستويات الضغط النفسي ، والمزيد من التمارين البدنية أثناء محاولة توقيف التدخين ."

 

عند متابعة الأمر بعد مرور سنة تبين أن 21 % من مجموعة العلاج بالسلوك المعرفي نجحن في توقيف التدخين ، مقارنة بنسبة 13 % من مجموعة السيطرةعلى الوزن ونسبة 9 % من مجموعة الدعم الاجتماعي . زاد وزن من واظبن على توقيف التدخين مدة سنة حوالي 6 أرطال لمجموعة العلاج بالسلوك المعرفي ، و12 رطلا لمجموعة السيطرة على الوزن ، و17 رطلا بالنسبة لمجموعة الدعم الاجتماعي .

 

يقول الدكتور بيركنز : يجب أن يعلم أخصائيو العناية الصحية والمدخنون أن طريقة العلاج بالسلوك المعرفي واعدة أكثر وأنجح من طريقة النظام الغذائي . ويقترح تركيز الأبحاث في المستقبل على العوامل الرئيسية من العلاج بالسلوك المعرفي لتقديمها بشكل ملخص مفيد ، وكذلك القيام بتجربة مزيج من هذا العلاج مع بعض الأدوية بغية تحسين النتائج .

 

يقول الدكتور بيركنز : يهتم الباحثون اليوم باحتمال وجود فروق بين الجنسين ويقومون بتحليل هذه الفروق باستخدام بياناتهم الخاصة. يجب أن تدرك النساء وأخصائيو العناية الصحية الصعاب التي تواجه النساء وأن يفكروا في كيفية التعامل مع هذه المصاعب لتعظيم فرص نجاح النساء في توقيف التدخين .  

 

الدكتورة وذرنجتن ترى أن لهذا النوع من الأبحاث قيمة كبيرة جدا ، وتقول : " نظرا إلى الطريقة المبنية على أساس الجنس التي تبناها الدكتور بيركنز ، بدأنا ندرك أن ما ينجح مع الذكور قد لا ينجح مع الإناث وبالعكس . بدأنا بوضع استراتيجيات أفضل للعلاج .

 

    المدخنون نظارات معتمة م الدكتور بيكنز وزملاؤه بمجموعة دراسات مخبرية  ، وتقوم بفحوصات قومون باحثون