دفعت تراجعات أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، الميزانية السعودية إلى تسجيل عجز عامي 2014، و2015، كما توقعت الحكومة السعودية عجزًا قيمته 326 مليار ريال العام الجاري 2016.
ووفقًا لتحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، جمعت السعودية أموالا قيمتها 380 مليار ريال (101.3 مليار دولار) لتمويل العجز المتوقع خلال العام الجاري.
وليس بالضرورة أن تعلن السعودية عجزا بنفس القيمة خلال 2016، كون بعض هذه الأموال قد لا يكون تم صرفه إلى الآن فلا يتم تسجيلها عجزًا العام الجاري.
وذلك إضافة إلى أنه قد تم اتخاذ مخصص لدعم ميزانية 2016 بمبلغ 183 مليار ريال، لمواجهة النقص المحتمل في الإيرادات ليمنح مزيدا من المرونة لإعادة توجيه الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي على المشاريع القائمة والجديدة.
ولجأت الحكومة السعودية خلال 2016 للثلاث الطرق المعتادة لتمويل العجز المتوقع، وهي: (السحب من الاحتياطي)، (إصدار أدوات دين وتشمل الصكوك والسندات وأدوات أخرى، سواء محلية أو خارجية)، أما الطريقة الثالثة فقد كانت الاقتراض.
و"الاحتياطي العام" هو حساب تابع للحكومة يحول إليه ما يتحقق من فائض إيرادات الميزانية، يتم السحب منه وقت الحاجة بناء على مرسوم ملكي. وبين الطرق الثلاث، كان للسحب من الاحتياطي العام نصيب الأسد في تمويل العجز، حيث تم سحب نحو 180 مليار ريال منه خلال 2016، ليتراجع الاحتياطي بنسبة 28 في المئة، ليبلغ 474 مليار ريال بنهاية أكتوبر الماضي، فيما كان نحو 654 مليار ريال نهاية 2015.
فيما الديون مجتمعة بلغت 200 مليار ريال تعادل 53 في المئة من التمويل للعجز. وتوزعت الديون بين (أدوت دين محلية، سندات خارجية، قرض خارجي).
وبلغت أدوات الدين المحلية نحو 97 مليار ريال (25.9 مليار دولار) تعادل 26 في المئة من إجمالي تمويل العجز.
ثانيًا: أصدرت الحكومة السعودية سندات دولية مقومة بالدولار بنحو 65.6 مليار ريال (17.5 مليار دولار)، تُشكل 17 في المئة من تمويل العجز.
وثالثًا: اقترضت الحكومة السعودية 37.5 مليار ريال (10 مليارات دولار) من الخارج، تمثل 10 في المئة من تمويل العجز.
وكانت الحكومة السعودية قد توقعت عجزًا قيمته 326 مليار ريال العام الجاري، يعتبر الأضخم في تاريخ عجوزات ميزانياتها على الإطلاق، بعد المحقق فعليا عام 2015 والبالغ 367 مليار ريال.
ويأتي العجز المتوقع العام الجاري بعد تقدير إيرادات بـ 514 مليار ريال، مقابل نفقات بنحو 640 مليار ريال.
ووفقًا لتحليل "الاقتصادية"، يفوق العجز المتوقع للعام الجاري، العجز المسجل فعليًا خلال فترة حرب الخليج، حيث بلغ العجز في عامي 1990 و1991 معا نحو 170.8 مليار ريال بمتوسط 85.4 مليار ريال لكل عام، حيث تم دمج الميزانيتين معًا لعدم صدور ميزانية في 1991م.
ويقل العجز المتوقع 2016، بنسبة 11 في المئة (41 مليار ريال)، عن المحقق فعليًا في 2015، والبالغ 367 مليار ريال.
ونظرًا للتقلبات الحادة في أسعار البترول في الفترة الأخيرة، فقد تم تأسيس مخصص دعم الميزانية العامة بمبلغ 183 مليار ريال لمواجهة النقص المحتمل في الإيرادات ليمنح مزيدا من المرونة لإعادة توجيه الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي على المشاريع القائمة والجديدة وفقًا للأولويات التنموية الوطنية ولمقابلة أي تطورات في متطلبات الإنفاق وفق الآليات والإجراءات التي نصت عليها المراسيم الملكية المنظمة لهذه الميزانية.
وللعمل على تقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها ومواصلة اعتماد المشاريع التنموية والخدمية الضرورية للنمو الاقتصادي، تم العمل على مجموعة من الإجراءات من أبرزها، العمل على الحد من تنامي المصروفات الجارية خاصة الرواتب والأجور والبدلات وما في حكمها التي بلغت 450 مليار ريال، والتي تزيد على 50 في المئة من المصروفات المعتمدة في الميزانية. وذلك إضافة إلى اتخاذ مجموعة من السياسات والإجراءات الجادة الرامية إلى تحقيق إصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني وتقليل اعتماده على البترول، وتتضمن هذه الإجراءات التي سيتم تنفيذها خلال الأعوام الخمسة المقبلة -ابتداء من العام المالي 1437/1438 (2016م)- طرح مجموعة من القطاعات والنشاطات الاقتصادية للخصخصة.
وتضمنت الإجراءات أيضًا، إعطاء الأولوية للاستثمار في المشاريع والبرامج التنموية التي تخدم المواطن بشكل مباشر كقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه، والصرف الصحي والكهرباء، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي، وكل ما يكفل تحسين نمط الحياة اليومية للمواطن، وذلك فضلًا عن مراجعة وتقييم الدعم الحكومي، ويشمل ذلك تعديل منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء وإعادة تسعيرها يراعى فيه التدرج في التنفيذ خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بهدف تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة والمحافظة على الموارد الطبيعية ووقف الهدر والاستخدام غير الرشيد، والتقليل من الآثار السلبية على المواطنين متوسطي ومحدودي الدخل، وتنافسية قطاع الأعمال.
وأيضًا، مراجعة مستويات الرسوم والغرامات الحالية، واستحداث رسوم جديدة، واستكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي أقرها المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ36 التي عقدت في الرياض في شهر صفر 1437هـ، إضافة إلى تطبيق رسوم إضافية على المشروبات الغازية والسلع الضارة كالتبغ ونحوها.
وخلال فترة التحليل البالغة 45 عامًا (من 1969 حتى 2015)، سجلت ميزانيات السعودية عجزا خلال 25 عامًا، فيما حققت فوائض في الـ 20 عامًا المتبقية.
وكانت السعودية قد سجلت عجزًا بنحو 360 مليون ريال في عام 1969، ثم سجلت فائضًا لسبعة أعوام على التوالي (من 1970 حتى 1976)، فيما عادت لتسجيل العجوزات عامي 1977 و1978، بـ 7.4 مليار ريال، و16.5 مليار ريال على التوالي.
بعدها سجلت الميزانية فوائض لأربعة أعوام (من 1979 حتى 1982)، فيما عادت لتسجيل عجوزات لـ17 عاما على التوالي (من 1983 حتى 1999)، لتكون بذلك فترة الثمانينيات والتسعينيات هي الأسوأ في تاريخ ميزانيات السعودية، مسجلة عجزًا إجماليًا خلال الفترة بنحو 826 مليار ريال، بمتوسط سنوي يقارب 51.6 مليار ريال.
ثم فائض عام 2000، ومن بعده عجز عامي 2001 و2002، بـ 27 مليار ريال، و20.5 مليار ريال على التوالي.
ومنذ عام 2003 حتى 2008، سجلت الميزانية فوائض لستة أعوام متتالية بإجمالي 1.4 مليار ريال بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط، بمتوسط فائض 233 مليار ريال سنويًا، فيما سجلت عجزًا عام 2009 بسبب تراجع أسعار النفط نتيجة الأزمة المالية العالمية، عند 86.6 مليار ريال.
وفي أعوام 2010 و2011 و2012 و2013 عادت السعودية للفوائض مرة أخرى، بنحو 87.7 مليار ريال، و291 مليار ريال، و374 مليار ريال، و206 مليارات ريال على التوالي. ثم سجلت عجزًا عامًا 66 مليار ريال، ثم 367 مليار ريال في عام 2015، وتتوقع الدولة تسجيل عجز العام القادم بـ 326 مليار ريال.
اقرأ أيضًا:
موازنة السعودية 2017 قد تكون رسالة للمستثمرين الأجانب ما السبب؟
مع اقتراب نهاية 2016: كم سيبلغ العجز في الميزانية السعودية؟!
87 مليار دولار العجز المتوقع في ميزانية السعودية لعام 2016