بما يشير إلى استمرار توسع حملات الاستيطان، وتنفيذ الخطط الإسرائيلية للسيطرة على مزيد من الأراضي الفلسطينية، وآخرها قرار وزير الجيش نفتالي بينيت، بنقل صلاحية تسجيل أراضي الضفة من الإدارة المدنية لوزارة القضاء، كشف النقاب عن نية حكومة الاحتلال المصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وذلك بعد أن سجل تقرير أصدرته أحد مؤسسات الأمم المتحدة، ارتفاع عمليات هدم المنازل في الضفة، واقتلاع الأشجار ومصادرة الأراضي.
وكشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن الإدارة المدنية للاحتلال، ستقوم الأسبوع الجاري بالموافقة على بناء ألفي وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس، في كتل استيطانية ومستوطنات معزولة، وذلك في إطار التطبيق العملي لتصريحات أدلى بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل أيام التي قال فيها إنه “سيسعى قريبا للمصادقة على بناء 3 آلاف وحدة استيطانية”، والتي تعهد فيها بضم الأغوار والسعي للحصول على دعم أمريكي لضم بقية مستوطنات الضفة الغربية.
وفي السياق، ووفقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، فإنه بحجة الافتقار إلى رخص البناء، قامت السلطات الإسرائيلية بهدم 29 مبنى في المنطقة (ج) والقدس الشرقية، مما أدى إلى تهجير 45 شخصا وإلحاق الأضرار بأكثر من 100 آخرين.
وأوضح التقرير أن 12 مبنى من المباني المستهدفة، بما فيها خمسة مبانٍ قُدِّمت كمساعدات إنسانية في وقت سابق، تقع في ثلاثة تجمعات رعوية في مناطق مصنفة كمناطق إطلاق نار لغايات التدريب العسكري في محافظات طوباس ونابلس وأريحا.
وقد وثق تقرير مكتب تنسيق الشئون الانسانية، هدم ومصادرة 617 مبنى منذ مطلع عام 2019، في الضفة الغربية، مما أدى تهجير 898 فلسطينيا، لافتا إلى أن هذه الأرقام تمثل زيادة بلغت 35 و92 في المئة على التوالي بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2018، لافتا أيضا إلى أن ما يربو على 20 في المئة من مجموع المباني التي استُهدفت في عام 2019، ونحو 40 في المئة من جميع المباني التي قُدّمت كمساعدات بتمويل من المانحين، تقع في مناطق إطلاق النار التي تغطي نحو 30 في المئة من مساحة المنطقة (ج).
والمعروف أن المنطقة (ج) تشكل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية وتخضع، بموجب الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل، للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويواجه فيها السكان ضغوط إسرائيلية كبيرة لترحيلهم من خلال هدم منازلهم ومصادرة أراضيها، في مقابل تعطي تسهيلات إسرائيلية كبيرة لمشاريع الاستيطان.
وأشار إلى أنه خلال إحدى عمليات الهدم في منطقة إطلاق نار شرقي نابلس، اقتلعت القوات الإسرائيلية نحو 2,500 شجرة وشتلة، حيث كانت الأشجار تشكّل جزءا من “محمية طبيعية”، حيث أوضح التقرير أن هذه هي المحمية الثالثة التي جرى تدميرها في المنطقة (ج) خلال عام 2019، موضحا أن نحو 80 مزارعا فلسطينيا من ثلاث قرى في محافظة سلفيت إمكانية الوصول إلى أراضيهم الواقعة خلف الجار بعدما صادرت السلطات الإسرائيلية تصاريح الدخول الممنوحة لهم قبل أسبوعين.
كما تطرق التقرير الدولي إلى هجمات المستوطنين، وقال إن أربعة فلسطينيين بجروح جراء تلك الهجمات في الأسبوعين الماضيين، كما ألحقت الأضرار بنحو 330 شجرة زيتون وسبع مركبات خلال ثماني هجمات.
وجاء التقرير الجديد، بعد أن كشف عن قرار لوزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينيت، يقضي بدراسة تسجيل الأراضي في المناطق المصنفة (ج) في سجل الأراضي في وزارة القضاء الإسرائيلية، حيث يريد من وراء هذا القرار ضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة إلى دولة الاحتلال، بشكل فعلي بخطوات تتنافى مع القانون والمواثيق الدولية.
وجاء الكشف عن القرار مترافقا مع إعلان رئيس حكومة الاحتلال أمام مؤيديه في “حزب الليكود” بأنه سيستمر في سياسته من أجل تحقيق اعتراف الولايات المتحدة بضم الأغوار وجميع المستوطنات في الضفة الغربية”.
وقد حذرت الرئاسة من خطورة التوجهات الإسرائيلية التوسعية، الهادفة لتمكين المستوطنين من تسجيل الأراضي الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج) في سجل الأراضي في وزارة القضاء الإسرائيلية، وأعربت الرئاسة، عن رفضها المطلق وإدانتها لمثل هذه التوصيات، معتبرة ذلك يشكل محاولة لضم أجزاء كبيرة من أراضي الفلسطينيين في المناطق المذكورة، الأمر الذي يعتبر مخالفا لقرار مجلس الأمن “2334”، الذي يعتبر الاستيطان كله غير شرعي في الأراضي الفلسطينية كافة.
وأشار إلى أن هذا القرار الإسرائيلي “يستغل معاداة الإدارة الأمريكية لطموحات وآمال الشعب الفلسطيني بمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”، مؤكدا ان هذه تعتبر فرصة لجميع دول العالم لترفض وتدين مرة أخرى كل ما يخالف القانون الدولي، خاصة المستوطنات وسياسة الضم التي يجري الحديث عنها، سواء من قبل إسرائيل أو من خلال “صفقة القرن”.
كما اعتبرت أن هذا التوجه هو بمثابة تحدٍ لقرار المحكمة الجنائية الدولية التي شرعت باتخاذ خطوات للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، واعتبرت أن الخطوات الإسرائيلية هذه تشكل انتهاكاً لكافة الاتفاقيات الموقعة، مجددة الرئاسة رفضها لأن تكون الأرض الفلسطينية وقودا للدعاية الانتخابية الإسرائيلية.
كذلك لاقى القرار ادانات فلسطينية كثيرة، ووصفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، القرار بـ”الخطير والمستفز”، مشيرا إلى انه يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي وسرقة متعمدة للأراضي الفلسطينية.
وقال الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع، إن قرار بينيت يندرج في إطار “جرائم حرب”، وأنه “يدق ناقوس الخطر لضم أجزاء من أراضي الضفة للسيادة الصهيونية والتهجير القسري لأهلها الأصليين من أبناء شعبنا”.
وقال: “ملاحقة الاحتلال ومحاكمة قادته في المحاكم الدولية ووقف التنسيق الأمني معه وإطلاق يد المقاومة والتصدي لجرائمه بكل الوسائل كفيلة بإفشال مخططات الاحتلال الصهيوني”