هل الجميع في بيوتهم آمنين؟

بيان صحفي
تاريخ النشر: 22 أبريل 2020 - 11:02 GMT

هل الجميع في بيوتهم آمنين؟
الدكتورة شريفة نعمان العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة
أبرز العناوين
الدكتورة شريفة نعمان العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، تسلط الضوء على الضغوط الأسرية ومخاطر العنف المنزلي التي يمكن أن يسببها كوفيد-19 وكيف تضمن دولة قطر الحماية للفئات المستضعفة.

 

إن مشاعر التوتر والخوف هي مشاعر طبيعية في الفترة الحالية نظرًا للظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أجمع وعدم معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع، ولكن قد تتباين قوتها وحدّتها عند أفراد بخلاف غيرهم. فمن جهة هناك الخوف من الإصابة بفيروس (كوفيد-19) نظرًا لسرعة انتشاره ولازدياد أعداد المصابين بشكل مهول يوميًا. ومن جهة أخرى فالتقارب المكاني الذي يفرضه الحَجْر والاضطرار إلى التواجد مع أفراد العائلة طوال الوقت في مساحات مغلقة، والتي قد تكون ضيقة، من الممكن أن يزيد من نسبة التوتر في العلاقة الأسرية، خصوصًا في حال عدم إيجاد ما يشغل الأفراد لأوقات طويلة، والذي قد يتحول إلى عنف جسدي أو نفسي بين أفراد الأسرة. 

 

بالإضافة إلى أنه قد لا يعيش الجميع في أمان وظيفي ومالي، مما قد يعني مصاعب مالية إذا ما استمر الوضع لفترة طويلة، مما سينعكس على رفاه الأسرة وأفرادها والقدرة على تلبية احتياجاتها، وبالتالي قد يتسبب ذلك في ضغوط نفسية شديدة على مُعيل الأسرة. 

 

كشفت دول عدّة عن ارتفاع نسبة بلاغات حالات العنف الأسري. على سبيل المثال وصل عدد الحالات في بعض مناطق الصين إلى ثلاثة أضعاف المعدل السابق في غضون عدة أسابيع فقط من فرض إجراءات العَزْل والحَجْر. كما ارتفعت هذه النسبة في فرنسا لتصل إلى 32 في المائة. 

أما في العالم العربي، فقد ارتفعت نسبة البلاغات في لبنان إلى 60 في المائة، وفي تونس تضاعف عددها  حتى 5 أضعاف المعدل السابق. كذلك تؤكد عدة تقارير أن الأطفال والنساء هم الفئة الأكثر عرضة للعنف في دول عدّة مثل الصين، إيطاليا، ألمانيا، إسبانيا، البرازيل وغيرها. في المقابل نجد أن الكويت بيّنت أن نسبة الطلاق انخفضت في فترة هذه الجائحة. 

إن العنف الأسري يعتمد على فرض القوة والتحكم وعزل الضحية عن العائلة والأصدقاء، ومع التباعد الاجتماعي والحَجْر المنزلي الذي تقتضيه إجراءات الدول لمنع تفشي جائحة كورونا(كوفيد-19)، وازدياد الضغوطات النفسية التي يولدها هذا الوضع، فإنه يمكن للمعتدين ومرتكبي العنف الأسري استغلال الوضع والاستمرار في التعنيف بل وزيادته. 

إلا أن هناك جهودًا من مؤسسات العديد من الدول عربيًا وعالميًا للحدّ من العنف من خلال وضع إجراءات حماية للأفراد. فالاتحاد الوطني لنساء المغرب، مثالاً، فعّل شبكة اتصالات وطنية تعمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي. وفي لبنان تعمل الجمعيات اللبنانية على وضع خطة استجابة وطنية. أما في تونس، تعمل وزيرة المرأة والأسرة والطفولة كبار السنّ على تقديم الدعم النفسي وتوفير مركز إيواء للمعنفات. في فرنسا، أشارت وزارة الداخلية إلى أنه كوسيلة إضافية لمساعدة ضحايا العنف، فقد أصبح بإمكانهم اللجوء للصيدلية القريبة منهم للتبليغ والتي بدورها ستبلِّغ الشرطة. 

وفي دولة قطر، فإن الجهود المؤسسية تؤكد على استمرارها بالالتزام بتوفير وتطوير أوجه خدمات حماية المرأة والطفل، فعلى سبيل المثال يوفر مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان) بجانب كونه ملجأ للحالات التي تعرضت للعنف، خدمات خط ساخن للتبليغ متاح على مدار الساعة، وتستقبل كل أنواع الاستشارات المتعلقة بالعنف حاليا عن بعد، وتطبيق "شاوريني" للهاتف الذي يقدم الاستشارات الاجتماعية والنفسية والقانونية المجانية، والذي يهدف لرفع الوعي بحقوق المرأة. كما وأنه لمركز أمان فرع في النيابة العامة لاستقبال حالات العنف الأسري وضمان سرعة الإجراءات وتقديم المشورة والمساعدة والتأهيل قبل تحويل الحالات للمحاكم المختصة. 

بالإضافة إلى أن إنشاء "اللجنة الوطنية المعنية بشؤون المرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة" والتي يعدّ معهد الدوحة الدولي للأسرة أحد أعضائها، هو استكمالٌ لجهود الدولة في هذا المجال حيث تعمل اللجنة على رصد أوضاع هذه الفئات ومراجعة القوانين والتشريعات المتعلقة بها لموائمتها مع ما صادقت عليه دولة قطر من اتفاقيات ومواثيق دولية لضمان تحقيق الحماية والعدالة والحياة الكريمة. 

وبالنظر إلى طبيعة دور المرأة في الأسرة في مجتمعاتنا العربية، فإن إمكانية وقوعها تحت ضغوطات نفسية وصحية تعتبر كبيرة مقارنة ببقية أفراد الأسرة خصوصًا في هذه الفترة، وذلك نظرًا لاضطرارها للعب أدوار متعدَّدة، سواءً كزوجة، أو كأم، أو كأخت، أو كابنة. بالإضافة إلى ضرورة الاستجابة السريعة والفعَّالة لتلبية احتياجات الأسرة، حتى وإن كانت تتوفر مساعدة من العمالة المنزلية، فهي قد تشرف على المنزل أو تباشر العمل فيه، أو تقوم على احتياجات الزوج والأطفال أو الأب والإخوة والأخوات، أو تقوم بمتابعة تعليم الأطفال إذا كانوا يمارسون التعلُّم عن بُعد، وإذا كانت موظفة فهي إما تعمل عن بُعد أو ما زالت ممن يضطرون للذهاب إلى العمل. وقد تكون عدم قدرتها على التوفيق بين جميع هذه المهام وتلبية الاحتياجات سببًا في تعرضها للضغوط النفسية أو التعنيف من قبل أحد أفراد الأسرة.

 أما بالنسبة للأطفال، فإن عدم قدرتهم على الخروج واللقاء بالعائلة والأصدقاء واللعب معهم قد تولد لديهم الشعور بالملل، الغضب، والضغط النفسي. وقد يصبح الأطفال أداة يفرغ فيها البالغون مشاعر الغضب والإحباط التي يعانون منها، ما سيؤدي لتراكم المشاعر السلبية كالغضب والخوف عند الأطفال لعدم ادراكهم للظروف المحيطة. 

الجهود المجتمعية 

تأتي الجهود المجتمعية التي يقدمها الأفراد لبعضهم البعض كعنصر مكمِّل للجهود التي تقوم بها الدولة وكإحدى الوسائل للحدّ من تأثير هذه الظروف على الصحة النفسية والجسدية للفرد والأسرة. 

من المثير للاهتمام رؤية التلاحم والدعم المجتمعي والحلول المبتكرة على مستويات متعددة. فعلى سبيل المثال انضممتُ للفريق التطوعي مع مجموعة من زملائي في مجال الاستشارات النفسية حيث نعمل فيه على تقديم استشارات للدعم النفسي والاجتماعي والتربوي لكل أفراد المجتمع عبر الهاتف. أما في وسائل التواصل الاجتماعي، فيقدم حساب مبادرة “Scorpionsqa” على الانستغرام توعية بالعنف الأسري، وقد استقبلت المبادرة عدة حالات لطلب المشورة والمساعدة. بالإضافة إلى الإسهامات التوعوية من قبل المؤثرين الذين يعملون على تعزيز التوعية أو التقليل من الاحساس بالوحدة، والترابط، وضرورة التعاون الأسري، والالتزام بالإجراءات التي تفرضها الدولة لتخطي الأزمة. 

وهذه دعوة للجميع بأن يدلوا بدلوهم في محاولة دعم من حولهم بالترفّق واللين وبأي طريقة ممكنة لكي نتخطى جميًعا هذه الأزمة بصحة نفسية جيدة. 

خلفية عامة

مؤسسة قطر

تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.

توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.

اشتراكات البيانات الصحفية


Signal PressWire is the world’s largest independent Middle East PR distribution service.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن