مؤسسة قطر تسعى جاهدةً لتعزيز إنتاج الغذاء المستدام
منذ عام، كانت أكثر من 90 بالمائة من السلع الغذائية الاستهلاكية في قطر تُستورد من الخارج، خاصة من دول الخليج العربي المجاورة، ومن بينها الإمارات والسعودية. ولكن، بتاريخ 5 يونيو 2017، قطعت عدد من الدول المجاورة لقطر، فجأةً وبشكل غير متوقع، العلاقات الدبلوماسية، وهو ما شَكَل تحولًا للأحداث كان من الممكن أن يترك تأثيرًا سلبيًا على الحياة اليومية لسكان دولة قطر.
بيد أن الحكومة القطرية الرشيدة أنشأت شراكات دولية جديدة وفتحت قنوات توزيع بديلة، خلال أسابيع معدودة، لتلبية الاحتياجات الملحة للبلاد. وبحلول شهر أغسطس 2017، وجَّه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتعزيز الاكتفاء الذاتي من الغذاء، لضمان تحقيق الاستدامة والأمن الغذائي لدولة قطر على المدى الطويل.
وفي إطار دورها الوطني، سارع عدد من المؤسسات القطرية لتلبية نداء الوطن، بإطلاقها لبرامج مبتكرة في مجال الأمن الغذائي. ومن بين هذه المؤسسات، نجحت حديقة القرآن النباتية، عضو مؤسسة قطر، في طرح برنامج طموح لطلاب المدارس الثانوية مصمم لتعزيز قيمة الاستدامة الغذائية.
واستقطب هذا البرنامج المستمر طلاب المدارس الثانوية، الذين حضروا ورش عمل نظمتها الحديقة، وتعلموا من خبراء في وزارة البلدية والبيئة والقطاع الخاص. كما حصل المشاركون في البرنامج على فرصة لمقابلة رجال الأعمال المحليين الذين يعملون في مجال إنتاج الغذاء، للتعرف على التحديات والعقبات التي تواجههم بشكل يومي. بالإضافة إلى ذلك، تضم حديقة القرآن النباتية مشتلًا في المدينة التعليمية تُزرع فيه مجموعة متنوعة من الفواكه والخضراوات والأعشاب مثل الطماطم، والبصل، والثوم، والبقدونس، والشبت، وهو ما مكّن الطلاب من التعرف بشكل مباشر على كيفية زراعة المنتجات الغذائية.
وفي هذا الصدد، صرّحت السيدة فاطمة صالح الخليفي، مديرة حديقة القرآن النباتية بمؤسسة قطر: "لقد اكتشفنا أن العديد من الشباب وطلاب المدارس الثانوية، على وجه الخصوص، لديهم معرفة محدودة بالزراعة وأهمية الأمن الغذائي. ولهذا السبب، يتمثل الهدف الرئيسي لهذا البرنامج في توفير المعلومات الأساسية للطلاب، وتزويدهم بالمهارات العملية، لتمكينهم من المساهمة في تنمية قطاع الزراعة على المستوى الوطني. ونحن نستثمر من خلال هذه المبادرة في مستقبل بلدنا الحبيب قطر."
وتحدثت الخليفي عن الخطط الرامية لتوسيع نطاق المبادرة فقال: "هذا هو العام الأول للبرنامج، ويتمثل هدفنا في زيادة عدد المدارس المشاركة في برنامج الأمن الغذائي. ونحن نود لهذه المبادرة أن تنمو وتكتسب زخمًا في جميع أنحاء البلاد."
ومن بين الكيانات الأخرى العاملة على تحقيق استدامة الغذاء وايل كورنيل للطب – قطر، وهي جامعة شريكة لمؤسسة قطر. ويُعد مشروع "البيوت الخضراء" جزءًا من مبادرة "صحتك أولًا"، ويهدف إلى تعليم الأطفال حول البيئة والاستدامة وكيفية زراعة الفواكه والخضار وتناول وجبات صحية. ولحينه، فقد وفرت الجامعة البيوت الخضراء، والتربة، والبذور، والأواني المخصصة لزراعة النباتات لأكثر من 130 مدرسة في جميع أنحاء قطر.
وفي فبراير 2018، جرى توسيع مشروع "البيوت الخضراء"، ليشمل مبادرة "خير قطرنا" الجديدة، التي تساعد في تعزيز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في قطر عبر إنشاء ثلاثة بيوت خضراء واسعة النطاق، مهيأة مناخيًا، في مجموعة مختارة من المدارس. وتستخدم هذه البيوت الخضراء في زراعة الفواكه والخضراوات، لتوزيعها على المتاجر المحلية تحت علامة "خير قطرنا". ويتم استخدام العوائد في توسيع المشروع، حيث تسعى وايل كورنيل للطب – قطر إلى الوصول إلى المزيد من المدارس وبناء بيوت خضراء جديدة، وتنويع محاصيل الفواكه والخضار.
وحول ذلك، علّقت السيدة نسرين الرفاعي، الرئيس التنفيذي للاتصال بوايل كورنيل للطب – قطر: "يُعد مفهوم استدامة الغذاء والأمن الغذائي في منتهى الأهمية بالنسبة لقطر. وفي حال كان هنالك جانب إيجابي للحصار، فقد تمثل في تقديم الحافز للدولة لتحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي. وتود مبادرة خير قطرنا أن تكمل ذلك من خلال توفير منتجات غذائية محلية تحت هذا الاسم للمجتمع، وإعطاء أطفالنا دورًا في الأمن الغذائي للدولة".
وأضافت: "للمبادرة أهداف تعليمية واقتصادية في آن معًا. فنحن نساهم في تعليم الطلاب حول أهمية الإنتاج الغذائي المستدام، والتعرف على البيئة، والعمل اللوجستي، والاقتصاد، والمزايا الصحية لاستهلاك الفواكه والخضار. وتُعد صحتك أولًا مبادرة مجتمعية، ونحن نود أن نرد الجميل للمجتمع ودولة قطر".
وتجدر الإشارة كذلك إلى أنه خلال شهر نوفمبر 2017، أطلقت مؤسسة قطر سوق التربة للمزارعين في المدينة التعليمية. ويوفر السوق، الذي استمر طوال أشهر الشتاء، إمكانية شراء أغذية عضوية مزروعة محليًا ومنتجات منزلية الصنع، ويدعم المنتجين الزراعيين ومنتجي الغذاء الآخرين في جميع أنحاء قطر.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.