خبراء يطالبون بمنهج شامل متماسك لترسيخ هوية معمارية عصرية موحدة لمدينة الدوحة

استضاف مجلس قطر للمباني الخضراء، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، يوم الاثنين الماضي في مركز طلاب جامعة حمد بن خليفة ندوة بعنوان "نحو عمارة تجريبية مستدامة مرتبطة بالتراث الثقافي"، شاركت فيها نخبة من الخبراء والرواد المتخصصين في مجالي العمارة والاستدامة لمناقشة التحوّلات العمرانية الحالية في ملامح الدوحة، وسبل الحفاظ على الثقافة والتقاليد والقيم القطرية عند التخطيط لمشاريع معمارية كبرى.
واتفق الخبراء في هذه الندوة على الأهمية القصوى لتحديد نهج شامل ومتوازن للتخطيط العمراني من أجل هوية معمارية موحدة في مدينة الدوحة ومواكبة التغيرات المستمرة في التوجهات المعمارية العالمية التي تشهدها دولة قطر في الوقت الحالي. وحول ذلك يقول المهندس مشعل الشمري، مدير مجلس قطر للمباني الخضراء: "يعمل مجلس قطر للمباني الخضراء مع مؤسسات رائدة في القطاعين العام والخاص لرفع الوعي بأكثر قضايا الاستدامة؛ التي تواجهها قطر، أهمية وإلحاحاً. وتمثل هذه الفعالية خطوة حيوية أخرى في سلسلة جهود التوعية والتعليم التي يأخذها مجلس قطر للمباني الخضراء على عاتقه وينفذها بشكل منتظم. فالهندسة المعمارية المستدامة عنصر رئيسي في المباني الخضراء والاستدامة في قطر والتي نود مناقشتها على المدى الطويل."
يسهم التخطيط العمراني السريع الذي تشهده الدوحة في ظل العمل على مشاريع التطوير والبنية التحتية الكبرى - التي تساعد قطر على تحقيق أهدافها الرئيسية المحددة في رؤية قطر الوطنية - في زيادة وتنوع التوجهات والأفكار المعمارية الجديدة التي تشهدها دولة قطر.
وتحدث في الندوة المهندس إبراهيم محمد الجيدة، كبير المهندسين في قطر والرئيس التنفيذي لشركة المكتب العربي للشؤون الهندسية، قائلاً: "في إطار مواكبة الاتجاهات المعمارية الحالية تسعى قطر لضمان استمرار بقاء تراثها وثقافتها الفريدة وذلك من خلال اعتماد تشييد المباني والمنشآت على فهم وتطبيق التفاصيل الدقيقة لأساليب البناء من اجل معرفة أسرار خصوصية المباني والمنشآت الأصلية، وهناك العديد من الصفات والمزايا المهمة والمختلفة في تصاميم المنشآت المعمارية الجديدة في قطر".
وتقرّ رؤية قطر الوطنية 2030 الحاجة لتقدير والتشجيع على امتلاك تراث قطري متفرد ومعايير ثابتة مشتركة في الملامح المعمارية للدولة في ظل التطور العمراني الكبير الذي تشهده الدوحة حالياً. وفي ضوء ذلك، التزم مجلس قطر للمباني الخضراء بشكل كبير بدعم مؤسسة قطر في التوجه لنشر المعرفة وتطبيق أفضل الممارسات المتعلقة بالبيئة وتشجيع الارتقاء بالاستدامة في قطر على طريقها نحو تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
وعلق الدكتور أليكس أماتو، مدير الاستدامة في مجلس قطر للمباني الخضراء، على ذلك قائلاً: "مجلس قطر للمباني الخضراء من أهم المنادين بالاستدامة والمباني الخضراء في قطر، ويرى الاستدامة الثقافية ركيزة مهمة للغاية ضمن الجانب الاجتماعي لمحاور الاستدامة الثلاثة". وأضاف قائلاً: "ثمة مجموعة من المباني الجديدة الرائعة التي تجعل من قطر وجهة معمارية مهمة تتدرج بين المعمارية التعبيرية العصرية إلى تطوير عمارة غنية تجمع المعايير العالمية بالقيم التقليدية. ونود أن نضمن استثمار كل الجهود والوقت في التخطيط العمراني لضمان الاتساق المطلوب في العملية".
مما لا شك فيه أن الدوحة ترتقي بنفسها لتتحول إلى وجهة تستقطب أنظار جميع محبي الهندسة المعمارية العصرية بشكل ملّح، حيث أن تركيز والتزام قطر بهندسة معمارية من الطراز الأول عالمياً، بات واضحاً مع إنهاء مشاريع معمارية غدت صروحاً مميزة على غرار متحف الفن الإسلامي، وكلية الدراسات الإسلامية في المدينة التعليمية، ومشيرب العقارية، ومنطقة الخليج الغربي للأعمال التجارية، ومتحف قطر الوطني البديع في تصميمه.
من جهته، قال الدكتور ياسر يعقوب، مدير قسم العمارة والتخطيط العمراني، في كلية الهندسة بجامعة قطر قال: "تتحول قطر إلى "مختبر" للتجارب العمرانية التي يتطلبها التوجيه النظري العلمي. حيث تحل مشاريع جديدة بشكل سريع محل بيئة ليس لها سمة تقليدية واضحة. وهذه العملية يمكن إبطاؤها فقط من خلال رفع الوعي وتسهيل إطلاع الجمهور العام في اتخاذ القرار الخاص بالهندسة المعمارية والملامح العمرانية".
وأضاف: "الهندسة المعمارية هي مرآة المجتمع. ويجب فرض الهوية المعمارية على الناس والمباني. فهي نتيجة لما "يفكر به الناس ويقومون به" خلال فترة محددة من التاريخ يحكمها الوضع الاقتصادي والبيئي والمتغيرات الثقافية".
وقد كان من بين الرواد الآخرين الذين حضروا وشاركوا بوجهات نظرهم السيدة أمينة أحمدي، المدير التقني في المشاريع الكبرى في مؤسسة قطر، والسيد حفيد كريم، مهندس معماري شريك ومدير منطقة في أتيليرز حافض راقم، والسيد تيموثي ماكور، مدير شركة ماكور للهندسة المعمارية.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.