لم يكن أشدّ المتشائمين يتوقع أن يعيش النجم رياض محرز، هذا الكابوس مع مانشستر سيتي، إذ بات القادم من ليستر سيتي حبيس دكة البدلاء، ولا يشارك إلا لدقائق معدودة، وهذا ما اعتبر إهانة للاعب كان بالأمس نجم ناديه، بل نجم الدوري الإنجليزي ككل.
تحول بيب غوارديولا الذي اعتبر نجماً في أوساط الجماهير الجزائرية، بعدما عمل المستحيل من أجل جلب محرز إلى صفوف ناديه سريعاً إلى مدرب عنصري لا يحبّ اللاعبين الأفارقة، وتم إخراج تصريح لاعب سيتي السابق الإيفواري يايا توريه من الأرشيف، وحديثه عن عنصرية مدربه، وكرهه للاعبي قارّة إفريقيا، بعد استبعاده حينما تولى "بيب" تدريب برشلونة رغم المستويات التي كان يقدمها نجم الوسط، وحتى بقدوم غوارديولا لسيتي لاحقاً لم تكن العلاقة ودّية مع لاعب ساحل العاج.
أما مشاركات محرز مع حامل لقب الدوري الإنجليزي في دوري أبطال أوروبا أو حتى بطولة الكأس لم تشفع لمدربه، إذ بلغ الغضب لدى عشاق اللاعب الذي يعتبر النجم الأول لدى الجزائريين، إلى تمزيق قميص سيتي، وفتح عريضة عبر صفحات التواصل الاجتماعي لنصرة نجمهم الأول.
بالعودة إلى أرشيف غوارديولا، لا بد من التوقف في محطات النجوم الذين تعاملوا معه، فهو من المدربين الذين يملكون فلسفة معينة في اللعب، وفي إدارة المجموعة، وحتى في طريقة رؤيته، والقيمة الكبيرة التي يوليها للتكتيك، وتحرك اللاعبين فوق الملعب، وهو من المدربين الذين يسعون إلى الكمال الكروي، ولا يفوّتون أي تفاصيل مهما بدت صغيرة ولا قيمة لها لدى المتابعين ولا حتى لاعبيه.
ففي تصريح شهير للنجم تييري هنري، الذي تحدث عن مدربه خلال فترة إشرافه عليه في برشلونة، أكد أن بيب من المدربين الذين يضعون التفاصيل كلّها في الحسبان، ولا يريد أن يفوز فريقه فقط مهما كانت الطريقة، بل يريد تطبيق أفكاره.
وفي أحد اللقاءات، أخرجه المدرب الإسباني غاضباً رغم أنه سجل هدف الفوز يومها، لمجرد أن هنري تحرك قبل الهدف بغير ما طلبه المدرب.
نفس الأمر حصل مع بيرناردو سيلفا زميل محرز، الذي ظل حبيس دكة البدلاء طيلة الموسم الماضي، إلا أنه من اللاعبين الذين يشاركون باستمرار حالياً، لأن غوارديولا يرى أن مستواه قد تطور كثيراً من حيث التحرك والاستفادة من أنصاف المساحات.
ما يجب أن يعرفه محرز ومتابعوه، وإن اتسمت طريقة تشجيعهم بالتعصب، أنّ النجم الجزائري بالنسبة لغوارديولا هو عنصر في منظومة معقدة ومتشعبة، وأن المدرب يمتلك ترسانة من اللاعبين، منهم من قد بلغ الثبات التكتيكي في تحركاته بالكرة أو دونها، حتى ولو كان يبدو مستواه عادياً بالنسبة للمتابعين، وأنه مدرب يأخذ كل الأمور بالحسبان، فمن المستحيل أن يفعل المستحيل لجلب محرز من أجل تركه على دكة الاحتياط.
في الطرف الآخر، على محرز أن ينسى أسلوب اللعب الذي تعوّد عليه مع ليستر سيتي، والذي كان مبنياً على مهاراته الفردية والمرتدّات السريعة، وأن الأمور تحوّلت إلى منظومة فعليه أن يدرك تفاصيل الدور المنوط به، وألا يبالغ في الأمر لأنه مع مدرب يقدّس مثل هذه الأمور.