كشف محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج عن أن المؤسسات المصرفية المحلية قامت بإعادة جدولة قروض 726 مؤسسة مالية بإجمالي يصل إلى 33 مليون دينار بحريني حتى نهاية يونيو من العام الجاري كإجراء احترازي لإعادة النشاط إلى طبيعته بسبب الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد. وأكد المعراج – خلال انعقاد المجلس الرمضاني لغرفة تجارة وصناعة البحرين والذي تناول محور السلم الأهلي والاستقرار المالي- «أن حجم الودائع التي خرجت من البنوك المحلية لم تتعد 0.5% بسبب الأحداث»، منوهاً «حركة الودائع منذ فبراير الماضي تواجه تذبذباً من حيث الارتفاع والانخفاض بنسبة 1%»، إلا إنه عاد ليؤكد «أن حجم الودائع ارتفع بنسبة 4% في يونيو الماضي».
في مورد آخر، أشار المعراج إلى «أن مؤسسات التصنيف الائتماني أقرت بتطورات العجز في الميزانية العامة للدولة وزيادة الإنفاق والمصروفات المتكررة وعلى ضوء تلك النقاشات وضعت البحرين على مستوى (BBB) مع منظور مستقر»، لافتاً إلى ذلك مؤشر إيجابي على تغيير التصنيف مع تطور الأوضاع السياسية وما تمخضت عنه نتائج حوار التوافق الوطني». وافتتح محافظ المصرف المركزي حديثه بالمجلس الرمضاني بالحديث عن مسؤوليات المصرف كمؤسسة عامة هدفها الحفاظ على الاستقرار المالي والمحافظة على النظام المصرفي ككل، مشيراً إلى «أن التطورات السياسية التي شهدتها البحرين منذ منتصف فبراير الماضي أجبرت المصرف على تبني سياسة حذرة كالمتبعة في العام 2008 مع نشوء الأزمة المالية التي شابها المزيد من القلق على الأوضاع المصرفية والنظام المصرفي في الولايات المتحدة». ونوه إلى «أن الأزمة المالية العالمية بدأت بتحديات كبيرة في القطاع التجاري بحكم الانهيار المصرفي وحروب الودائع وانعدام الثقة في النظام المصرفي، والتي استطاع خلالها المصرف المركزي خلال تلك الأوضاع أن يؤمن مؤسسات مالية مستقرة في ظل اضطراب الأوضاع المصرفية بالرغم من أن تلك الإجراءات تكلف جزءا كبيرا من المال العام، وتؤثر على ملاءة البنوك وقدرتها في التعامل مع تلك الأزمات».
وأوضح المعراج «إن المصرف المركزي لم يدع الحكومة إلى ضخ ميزانيات للبنوك وتقديم ضمانات للقروض، ولم نقدم على تلك الخطوة في تلك الظروف العصيبة التي اعطت مؤشراً على أن النظام المصرفي سليم». وتحدث المعراج عن تأثير الأزمة السياسية على الوضع المصرفي والمالي قائلاً: «إن الأزمة السياسية خلقت ظروفا غير مواتية انعكست على تبني المصرف المركزي مجموعة من الترتيبات الاحترازية، بحيث لا يتعرض حساب المصرف لأي خلل بناءً على ماروجت له وكالات الأنباء الأجنبية من أنباء مغلوطة عن البحرين».
حجم الودائع التي خرجت لم تتعد 0.5% ولفت إلى «أن المصرف قام بمراقبة حركة خروج الأموال من البحرين بالإضافة إلى تأمين المبالغ النقدية للبنوك بحيث لا ينعكس سلباً على الوضع المصرفي، لافتاً في الوقت ذاته «إلى أن حجم النقد المتداول في تلك الفترة ارتفع إلى معدلات قياسية وأن حجم الودائع التي خرجت لم تتعد 0.5%». وأقر المعراج إلى أن الأوضاع السياسية أثرت على الوضع الاقتصادي جراء تراجع حركة الشراء وعدد الزوار القادمين إلى البحرين وهو ما دفع القطاع المصرفي إلى التعامل بشكل جدي في إعادة جدولة القروض المتاحة للمؤسسات التجارية المقترضة، مشيراً في الوقت ذاته «إلى أن البنوك تعاملت بشكل إيجابي في القيام بإجراءات تتناسب مع تطورات المرحلة».
وقال محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج: «إن المؤسسات الصغيرة باتت هي الحلقة الأضعف تجاه التضرر من الأزمة السياسية والركود الذي أصاب القطاع التجاري حيث بلغ عدد المؤسسات التي استفادت من ترتبيبات جدولة القروض 726 مؤسسة وبلغ حجم القروض 33 مليون دينار حتى نهاية يونيو من العام الجاري.
دور المصرف المركزي في الاستقرار المالي وتطرق المحافظ في المحور الثاني من حديثه حول دور المصرف المركزي في الاستقرار المالي، موضحاً «أن المصرف وضع قائمة لأولويات العمل في أوقات الأزمات للتعامل مع الوضع المصرفي، خصوصاً أن النظام المصرفي يتأثر بأي إشاعة، وبالتالي ينعكس على نفسية المودعين وخروج الودائع».
ولفت المعراج «إلى أن نسبة الودائع التي خرجت لم تتعد 0.5% من حجم الودائع الموجودة في البحرين، منوهاً «حركة الودائع منذ فبراير الماضي تواجه تذبذباً من حيث الارتفاع والانخفاض بنسبة 1%، إلا إنه عاد ليؤكد «أن حجم الودائع ارتفع بنسبة 4% في يونيو الماضي». وأشار «إلى أن حجم الاقتراض ارتفع بنسبة بسيطة وأصبح المؤشر يتزامن مع عودة الحركة التجارية وأدى ذلك إلى الطلب بشكل كبير على قروض القطاع المصرفي تزامناً مع إقرار الميزانية العامة، بالإضافة إلى إقرار الزيادة في رواتب موظفي القطاع العام والتي سيكون لها الأثر الإيجابي على رفع معدلات الاستهلاك وإنعاش الحركة التجارية».
مأزق التصنيف الائتماني وفيما يتعلق بالتصنيف الائتماني لمملكة البحرين أشار محافظ مصرف البحرين المركزي إلى أن البحرين تقدمت بشكل متسارع بعد حصولها على تصنيف ائتماني (A) مع منظور مستقر في فبراير 2010، إلا إنه عاد ليشير إلى «أنه مع بداية 2011 تم تخفيض التصنيف بمعدل 3 درجاث إلى (BBB) وبمنظور سلبي نتيجة لما روجت له وكالات الأنباء الأجنبية».
وقال المعراج «إن المصرف المركزي قام بعدد من الجولات إلى وكالات التصنيف الائتماني بعد التقييم المجحف لتوضيح الصورة الاقتصادية للبحرين وقال إنه بني على اساس سياسي ولم يراع المقومات الاقتصادية الموجودة، مشيراً «إلى أن تباين المؤشرات الاقتصادية لا يشير إلى تدهور كبير، بل على العكس، هناك استقرار في عمل البنوك وعودة الحياة التجارية إلى طبيعتها كما كانت».
ولفت «إلى أن القطاعات الاقتصادية الأساسية لم تتأثر، فأسعار منتجات الخام من الألمنيوم والمشتقات النفطية ارتفعت بشكل ملحوظ وبشكل يشكل عنصرا ايجابيا على عودة الاقتصاد البحريني إلى معدلات نمو إيجابية».
وأشار إلى أن مؤسسات التصنيف الائتماني أقرت بتطورات العجز في الميزانية العامة للدولة وزيادة الإنفاق والمصروفات المتكررة على ضوء تلك النقاشات، وضعت البحرين على مستوى (BBB) مع منظور مستقر»، لافتاً إلى «أنه مؤشر إيجابي لتغيير التصنيف مع تطور الأوضاع السياسية وما تمخضت عنه نتائج حوار التوافق الوطني».
وأكد المعراج «أن هناك بوادر على تحسن الوضع الاقتصادي في المملكة من خلال عودة الحركة التجارية إلى طبيعتها والزيادة الملحوظة لعدد الزوار إلى المملكة عبر المنافذ البرية والجوية».
فجوة الإيداع والاقتراض وخلال نقاشاث الجلسة طرح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين عبدالحميد الكوهجي، مداخلة حول مغالاة البنوك المحلية في احتساب سعر الفائدة على القروض بين 7-12% في حين أن الفائدة على عمليات الإيداع لا تتعدى الـ1.5%، معتبراً «أنه لا يتوافق مع معايير الإيداع والاقتراض المقبولة دولياً».
ليعلق محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، على مداخلته بالقول: «إن تحديد أسعار الفائدة تستند بالأساس على تكلفة التشغيل وتكلفة الاقتراض بأسعار السوق، بالإضافة إلى حجم المخصصات التي يضعها البنك مقابل عمليات التعثر في عمليات السداد».
وأوضح المعراج «أن صغر حجم السوق وارتفاع المؤسسات المالية إلى 30 مؤسسة وكثرة الفروع وشبكاتها المصرفية التابعة تجبر تلك المؤسسات على المنافسة لاستقطاب الزبائن والمودعين، مشيراً إلى أن معدل التكلفة للدخل الإجمالي للبنوك يتراوح بين 50-60% في دول الخليج».
واكد «أن متوسط سعر الفائدة على القروض التجارية في البحرين يتراوح بين 7.2% - 5.5% ، معتبراً «أن وضع البنوك في البحرين تنافسي وأن هناك تسابقاً فيما بينها على جذب الزبائن والمودعين»، لكنه عاد ليشير إلى «أن معدلات الفائدة لا تخرج عن نطاقها الطبيعي بشكل قسري بحيث لا تتجاوز الـ 15-16% من العائد على رأس المال». ونوه» إلى أن غالبية البنوك البحرينية هي بنوك تجارية، وليس من صلاحيات المصرف المركزي التدخل بشكل قسري لتقنيين رسوم الخدمات المصرفية ومعدلات الفائدة، لكن هناك مبررا رسميا للتدخل في حال وجود حالات استغلال من قبل البنوك».
وأشار المعراج إلى «أن المصرف المركزي وضع عدداً من التشريعات الخاصة بحماية المستهلك وتنظيم القروض الاستهلاكية، وكان له دور إيجابي في تتبع كافة الشكاوي للمواطنيين على عمل البنوك وعمليات التأمين، لكنه عاد ليؤكد «أن المصرف المركزي يتدخل حينما يجد مبرراً لحل تلك المشاكل».
سبل الخروج عن دائرة «التصنيف» ورد المعراج على تساؤل أحد الحاضرين حول الآلية التي سيتبعها المصرف المركزي كبديل عن تعليق مصيره الاقتصادي بمستويات التصنيف الائتماني للشركات الأجنبية، موضحاً «أن المستثمرين من مؤسسات مالية يثقون بشراء السندات المالية والحكومية ويثقون بهذه التصنيفات، مستدركاً «أن البحرين وصلت إلى مستويات عليا من التصنيفات خلال السنوات الماضية».
وأشار إلى «أنه في الاجتماع مع مؤسسات التصنيف العالمية قدمت مجموعة كبيرة من المعلومات عن المقومات الاقتصادية للبحرين وحرصها على أن يكون لها موطئ قدم على خارطة التمويل الدولية، مشيراً إلى أن رسوم التأمين على السندات البحرينية ارتفعت من 143 بعد فبراير إلى 250 نقطة في يونيو». وأضاف «إن أسعار السندات الحكومية للبحرين في السوق العالمي هبطت من 100 نقطة إلى 92 نقطة وعاودت الرجوع إلى مستوياتها ما قبل الأحداث مع تطور نفسية المتعاملين لسندات البحرين الحكومية».
زيادة تراخيص البنوك وأجاب المعراج على مداخلة أحد الحضور حول ارتفاع عدد تراخيص بنوك التجزئة العاملة محلياً وانعكاساتها على الاستقرار المالي للمؤسسات «إن المصرف المركزي لم يرخص لأي بنك تجزئة منذ العام 2005 وأن السوق يواجه تشبعاً منذ فترة طويلة، وكنا ندعو بنوك التجزئة منذ فترة إلى الاندماج والتوافق فيما بينها لإنشاء كيانات مالية ضخمة لتحرير السوق المالي».