فرض تأخّر مجلس شورى الدولة في إبداء رأيه في القرار الثالث للحكومة بتصحيح الأجور، تعديلاً في مسار التوقعات التي أحاطت هذا الموضوع، والتي رجحت صدوره قبيل الجلسة الوداعية للسنة الحالية التي سيعقدها مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الجمهوري في بعبدا قبل ظهر اليوم، ويليها غداء رئاسي تكريمي للوزراء، في حضور الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وشخصيات، كما اكدت مصادر رئاسية، وسيلقي رئيس الجمهورية خطاباً في المناسبة، على ان يغادر قبل نهاية الاسبوع الجاري مع عائلته لتمضية اجازة رأس السنة خارج لبنان.
عملياً طارت «عيدية الأجور» الموعودة للموظفين والقوى العاملة، ولعل ما بات محسوماً في هذا السياق، عدم دخول ملف الأجور بنداً اساسياً في جلسة مجلس الوزراء اليوم، الا اذا أصدر مجلس شورى الدولة رأيه قبل الجلسة، او خلال انعقادها. وقالت مصادر وزارية لـ«السفير» إن صدور رأي مجلس الشورى قبيل الجلسة هو احتمال موجود إنما ضعيف، وحتى اذا ما صدر، فإن مضمونه سيحدد المسار الذي سيسلكه ملف الاجور، بحيث إذا جاء مؤيداً لقرار الزيادة والتصحيح كما وضعه مجلس الوزراء، فعندها ليس ما يمنع أبداً أن يصار الى إدراجه فوراً في جدول اعمال الجلسة لوضعه على سكة النشر في الجريدة الرسمية غداً، كما طمح وزير العمل شربل نحاس. الا اذا جاء مضمونه مغايراً وبصيغة مناقضة لقرار الحكومة، فيوجب إعادة دراسة ملف الاجور في جلسة لاحقة لمجلس الوزراء وبالتالي ترحيل هذا الملف الى السنة الجديدة.
وتلفت المصادر الوزارية الانتباه الى انه وحتى لو تمّ ترحيل الملف الى مطلع العام الجديد، تصبح الحكومة امام احتمالين صعبين ومتساويين، اما في اتجاه إصدار قرار جديد بتصحيح رابع للاجور بناء على رأي شورى الدولة، او في اتجاه تحكـّم التصويت السياسي مرة ثانية بمسار الجلسة، بما يعيد تأكيد تمسك أكثرية مجلس الوزراء بالقرار السابق بصرف النظر عن أية آراء او تحفظات او اعتراضات. علماً ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سبق له أن اكد التزامه بكل ما هو قانوني في هذا السياق. واذا كان جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المحدد بسبعة وثلاثين بنداً يغلب عليها الطابع الاداري، فإن الجلسة قد تكون تأسيسية لإصدار المراسيم التطبيقية للقانون المتعلق بالثروة النفطية، وفي خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الشهر الأول من العام الجديد. وكان هذا الموضوع موضع بحث بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقالت اوساط بري لـ«السفير» إن بري استعجل ميقاتي إصدار المراسيم التطبيقية العائدة للملف النفطي، لما يعود بالمصلحة الكبرى على لبنان، وقد وعد ميقاتي بذلك. وعلى هذا الاســاس وجه رئيس الحكومة دعوة الى اللجنة الوزارية المعنية بموضوع النفط الى الاجتماع بعد ظهر اليــوم في الســرايا، بعد انتهاء الغداء الرئاسي في بعبدا، على ان يكون هذا الاجتماع الأخير او ربما ما قبل الأخير في سياق مهمة اللجنة، ووضع كل الامور بما فيها المراسيم على السكة.
وعلمت «السفير» ان بري اتصل بوزير الطاقة جبران باسيل وتمحور الاتصال حول هذا الموضوع، وقالت المصادر إن هذا الموضوع، لناحية التعجيل بإصدار المراسيم، سيثار من قبل وزراء الأكثرية، ولا سيما من قبل وزير الطاقة جبران باسيل، الذي قال لـ«السفير»: اننا كوزارة طاقة قد أنهينا المطلوب منا في هذا السياق، وأنجزنا كل المشاريع وأودعناها الحكومة في تشرين الاول الماضي، علماً ان الحكومة وفي بيانها الوزاري سبق لها ان التزمت بإصدار المراسيم التطبيقية لهذا الامر قبل نهاية السنة. واضاف باسيل: كم كان جميلاً لو ان الحكومة التزمت بالمهلة التي حددتها أي قبل نهاية السنة، وهذا الموضوع يجب إبقاؤه بعيداً عن كل الأبعاد السياسية وغير السياسية، بل يجب ابقاؤه في كونه ثروة وطنية ومصلحة وطنية كبرى، علماً ان التأخير مضر جداً بالمصلحة الوطنية.
واشار الى ان «التأخير جاء من جهات متعددة. يجب ان ننهي هذا الموضوع، بإصدار المراسيم التطبيقية على ان نقوم باستكمال الخطوات التالية، ولا سيما تعيين هيئة الادارة، وصــولاً الى اطلاق دورات التراخيص اعتباراً من الفصل الاول من العام 2012، خاصة أن قبرص قد عجلت وكذلك فعلت إسرائيل، ونحن في لبنان يتبين لنا يوماً بعد يوم أن لدينا امكانات وثروات عالية، وانه خلال اسبوع واحد اشترت ست شركات عالمية المعلومات، وهذا يدل على تزايد الاهتمام، بالاضافة الى شركات عدة أبدت اهتماماً ليس بالمسح البحري فقط بل بالمسح البري. ان هذا الموضوع مهم جداً، ويلزمه الكثير من الجهود ومن الجدية ايضاً». التعيينات مؤجلة وفي مجال آخر، اكدت مصادر رئاسية لـ«السفير» أن لا إقرار لأية تعيينات إدارية في جلسة مجلس الوزراء اليوم، لافتة الى ان هذه المسألة ستوضع على نار حامية مطلع العام المقبل، علماً ان اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ورئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون قد بحث في هذا الموضوع، مع التأكيد على مبدأ اعتماد الآلية التي وضعها وزير التنمية الإدارية محمد فنيش ووافق عليها مجلس الوزراء لجهة اقتراح الوزير المعني أكثر من اسم مستوف لشروط التعيين على ان يختار مجلس الوزراء من يتمتع بأفضل المواصفات والكفاءات.
ورجحت المصادر صدور دفعات من التعيينات بدءًا من الشهر المقبل، بحيث تأتي على مراحل، وليس سلة واحدة، على ان يتم تقديم التعيين الأكثر إلحاحاً عن غيره من المواقع. في السياق ذاته رجحت مصادر وزارية ان يصار في القريب العاجل الى اتخاذ قرارات في مجلس الوزراء بإعادة بعض المديرين العامين الى مواقعهم، خاصة في بعض الوزارات، التي سبق وأزيحوا منها خلال الظروف السياسية التي حكمت البلاد في السنوات الأخيرة. لا مراقبين لبنانيين الى سوريا على صعيد آخر، قرر لبنان عدم إيفاد مراقبين الى سوريا في إطار بعثة جامعة الدول العربية المكلفة مراقبة وقف اعمال العنف هناك، وذلك انسجاماً مع سياسة «النأي بالنفس» التي ينتهجها ازاء الازمة السورية.
وقال وزير الخارجية عدنان منصور لـ«السفير» إن الجامعة العربية وجهت دعوات لكل الدول العربية للمشاركة في اللجنة، لكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ارتأى بعد التشــاور مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ان ينأى لبــنان بنفسه عن المشاركة في اللجنة من باب عــدم التــدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، ولأن هناك مصلحة لبنانية بذلك لا سيما لجهة عدم دخول لبنان في متاهات الخلافات العربية.