يؤكد مختصون في الشأن الاقتصادي أهمية التداول بالبطاقات الائتمانية، مثل "الفيزا كارد" و"الماستر كارد"، خلال التعاملات اليومية من قبل المواطنين لعدة اعتبارات، يقف في مقدمتها التطور المستقبلي لصناعة المصارف في البلاد، والتعاون الأمثل مع المصارف العالمية، فضلا عن أن التعامل بالبطاقات الائتمانية سيقلل من مخاطر التعرض الى سرقة الاموال، او التعرض الى عمليات الاحتيال بالنقود المزيفة.
وما تزال عملية التداول بالبطاقات الائتمانية محدودة في العراق، على الرغم من ان احد المصارف العراقية الرسمية عضو فيها منذ العام 2005، فيما تنتشر في الدول المحيطة بالعراق بشكل واسع، وقلما يتعامل اصحاب المصالح بالسيولة النقدية في تلك الدول، لشيوع التعاملات المصرفية الالكترونية.
ويقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية عزيز المياحي، إن "قضية زيادة التعامل بالبطاقات الائتمانية، طرحت خلال لقاء وفد من اللجنة مع محافظ البنك المركزي العراقي، ووعد الأخير بالعمل على ذلك للنتائج الايجابية على الاقتصاد العراقي بصورة عامة".
واوضع المياحي، في حديث مع "العالم" أمس الاثنين، أن "البطاقة الائتمانية معمول بها في اغلب دول العالم، باعتبارها طريقة حضارية في التداول، فالمواطن لا يضع كميات هائلة من الاموال في جيبه لغرض التعاملات اليومية، بل يضعها في المصرف، ويحصل هناك على الفيزا كارد أو الماستر كارد لغرض سحب الاموال وإيداعها، في أي مدينة في العراق أو في الخارج، من خلال المكان المخصص للسحب والإيداع".
وكان المصرف العراقي للتجارة TPI، أعلن عن استعداده لمنح جميع المواطنين بطاقات ائتمانية، بعد أن نال عضوية شركة "فيزا كارد"، وعضوية شركة "ماستر كارد" العالميتين، مبينا أن البطاقات الائتمانية التي يصدرها المصرف معترف بها عالميا، و"بأنواع منها البلاتينية والمدنية، وبطاقات الرواتب الخاصة بالموظفين".
واوضحت مدير عام المصرف حمدية الجاف لوكالة (آكانيوز) أن "المصرف العراقي للتجارة هو عضو رئيس لدى شركة فيزا العالمية منذ العام 2005، كما حصل على عضوية شركة ماستر كارد العالمية العام 2011"، مشيرة الى أن "بطاقات فيزا وماستر كارد هي بطاقات معمول بها في جميع انحاء العالم".
وبينت الجاف أن "كل مواطن يرغب بالحصول على بطاقة ائتمان، يمكنه مراجعة المصرف أو احد فروعه المنتشرة في عدد من المحافظات، للاطلاع على تفاصيل الحصول على البطاقات"، لافتة الى أن "البطاقات تستخدم للتسوق والسحب النقدي والشراء عبر الانترنت، وبمختلف العملات الاجنبية".
وبشأن امكانية زيادة التعامل بها في العراق، وأثر ذلك في دفع المصارف العراقية الى تبادل الخبرات المصرفية مع مثيلاتها العالمية، وبما يؤدي الى نمو الصناعة المصرفية في البلاد، يضيف عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية "بالتأكيد سيحدث هذا، فالمصارف العراقية تحتاج اليوم الى التطور وتبادل الخبرات، لأن الاقتصاد العراقي مقبل على مراحل قد تفوق سرعتها سرعة عمل المصارف المحلية، لذا فمن الضروري ان تتطور طريقة تعامل المواطنين ماليا والمصارف ايضا في استخدام التكنولوجيا المتطورة في عمليات السحب والدفع، ومنها ايضا معرفة الرصيد البنكي عن طريق الهواتف المحمولة".
من جهته، يصف الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، التعامل الالكتروني عبر "الفيزا كارد" بأنه "وسيلة مهمة لتسهيل عمليات السحب والدفع، فضلا عن أنها تتيح حمل كميات قليلة من العملات النقدية سواء الورقية او المعدنية، وهي إحدى الخدمات المصرفية المهمة التي تقدمها المصارف، لكن التعامل بها في العراق محدود جدا، وهو بحاجة الى مستوى من الثقافة المصرفية لدى المصارف والجمهور على السواء".
ورأى الصوري، في لقاء مع "العالم" أمس، أن "هذه العملية استغرقت عشرات السنين، لكي تصل فيها هذه الثقافة الى دول اوربا والولايات المتحدة، ما مكّنها من استخدام الفيزا كارد على نطاق واسع، وما نحتاجه اليوم في العراق هو مستوى اقتصادي وثقافي مصرفي، يمكننا من التعامل بها بشكل يومي وطبيعي". ويشير الصوري إلى أن "استخدام نظام الفيزا كارد يؤدي الى تواصل المصارف العراقية بنظيرتها العالمية، وهي تدخل ضمن عولمة اقتصاد الصناعة المصرفية، غير اني انبه إلى ضرورة ايجاد ثقافة للتعامل بهذا النظام، كي يجد مداه في التعاملات اليومية".
ويعاني كثير من العراقيين مشاكل سرقة أموالهم خلال التعاملات اليومية، فضلا عن القضية الابرز خلال السنوات المنصرمة، وهي كثرة العملات النقدية العراقية والاجنبية المزورة، فلا تكاد تخلو أي كمية من الاموال من وجود المزور فيها، ولاسيما في المحافظات التي تشهد عمليات بيع للمحاصيل الزراعية من قبل الفلاحين، الذين لا يميز اغلبهم بين العملة الاصلية والمزورة، ما يدعو الى اجراءات عملية، غير التبديل الدوري للعملة المحلية.
وفي هذا الشأن، يؤكد عضو لجنة الزراعة البرلمانية كريم عليوي، أن "الاستخدام الواسع للفيزا كارد سيخلص المواطنين من اعباء كثيرة، وأن المواطنين يعانون من العملات المزورة، وهنا يظهر دور البطاقات الائتمانية باعتبارها نظاما امينا في عمليات السحب والايداع، فهي تسهل على مختلف شرائح المجتمع وبكافة خلفياتهم المعرفية والثقافية، الحصول على اموال غير مزورة، كما أنهم يمكن أن يتبضعوا من دون الاضطرار الى حمل كميات كبيرة من الاموال".
لكن المواطن الراغب في الحصول على "فيزا كارد" أو "ماستر كارد" سيواجه عقبة قلة الأماكن التي تتوافر فيها مكائن الصرف والإيداع، فهي موجودة غالبا في بنايات المصارف، ما يمكن أن يقتل رغبته في الإقبال على استعمال البطاقات، لبعد المسافة مثلا، أو لأنه يمكن أن يسحب ما يشاء من الأموال من رصيده في المصرف، ما دام مضطرا إلى الدخول إليه، لاستعمال البطاقة الائتمانية.
ويعلق عليوي على ذلك بالقول "للاستخدام الامثل للبطاقات الائتمانية، يجب اولا العمل على تثقيف المجتمع وزيادة منافذ سحب الاموال وإيداعها، وأن لا تقتصر على بعض الاماكن، فكثرتها تؤدي الى سهولة عمليات السحب، وبما يؤدي الى انتهاء عمليات النصب والاحتيال التي يتعرض لها البعض من جراء استخدام النقود الورقية المزيفة".