حكايات من مخيم الزعتري: المرأة السورية "الخاسر الأكبر" داخل المخيم ‎

تاريخ النشر: 06 يناير 2013 - 01:41 GMT
صورة "تعبيرية" لـ لاجئة سورية تطبخ في المطبخ العام في مخيم الزعتري
صورة "تعبيرية" لـ لاجئة سورية تطبخ في المطبخ العام في مخيم الزعتري

وكأن تقاسم الأوضاع الصعبة مع أزواجهن لا يكفي السوريات لتجبرهن الأزمة على تقاسم الأزواج أيضا!. فقد تعد قصة أم خالد التي دارت أحداثها بين أروقة مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن أكبر دليل على مثل هذه الحالة.

لطالما تعاونت "أم خالد" مع زوجها في السراء والضراء قبل انطلاق الثورة السورية في درعا.  إلا أن تصاعد الأحداث في البلاد إلى حد غير مسبوق وما رافقها من عنفٍ وقتلٍ أجبر العائلة على النزوح من سوريا أسوة بغيرها من العائلات حفاظًا على حياة أفرادها. اختارت العائلة مغادرة مدينتها وخصوصا بعد أن سبقتها إلى ذلك عائلات مجاورة كان وضعها المعيشي أفضل من وضع عائلة أبي خالد بكثير.

وصلت أم خالد مع عائلتها المكونة من  زوجها وأولادها الستة إلى مخيم الزعتري للاجئين السوريين والقائم على أرضٍ   أردنية  لتباشر حياة جديدة لا تحمل في طياتها إلا مقاسمة الشقاء.

تبدأ أم خالد صباحها بمزاولة العمل الروتيني الذي يشغل أي ربة منزل عادية في مكانها ولكن بتفاصيل مختلفة.  تغسل الملابس التي استطاعت العائلة النجاة بها في خضم الأزمة بالإضافة إلى بعض الملابس المقدمة لها  كمعونات توفرها التبرعات أو المنظمات الإنسانية.

ولا تلجأ أم خالد إلى فعل الغسيل إلا مضطرة. ذلك أن غسل الملابس بالأيدي فقط ودون الاستعانة بالأدوات الحديثة أمر ليس باليسير إضافة إلى أنه يتطلب الكثير من الجهد في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها المخيم.

وليس طهو الطعام بالأمر الأيسر على أم خالد!. فبعد إيقاف الوجبات الغذائية المقدمة للاجئين في المخيم والاستعاضة عنها بتوفير "غازات صغيرة" مخصصة للطهو؛ اضطرت أم خالد إلى استخدام المعلبات التي تتلقاها يوميا من المعونة في طهو الطعام لزوجها وأطفالها وتلجأ في أحيانٍ أخرى إلى استخدام الخضروات التي يتمكن "أبو خالد" من توفيرها ببعض المال أو الذهب الذي حملته العائلة أثناء فرارها من سوريا أو مما يجنيه من عمله كبائع في المخيم.

وخلافا لأم خالد؛ اختارت نساء أخريات استخدام المطابخ العامة التي خصصت لمجموعة من الخيام التي نصبت لإيواء اللاجئين   والتي لا تعدو كونها غرفا صغيرة بنيت على عجل من قطع "البلوك" ونصبت فيها المواقد التي اصطفت فوقها قدور الطبخ التي تسد رمق الجائعين.  

  وهكذا؛ كان للحياة أن تمارس دورتها بالنسبة لأم خالد علي الرغم من اختلاف حياة الشقاء في المخيم عنها في الوطن الأم. فعلى عكس المعتاد؛ ليس بوسع أم خالد أن تلقي باللوم على سوء حظها كما تفعل النسوة اللواتي لا يشعرن بالرضا عن حياتهن للزوجية؛ ذلك أن الأمر أكبر من قدرات الزوج بكثيرٍ ويتعداها ليصبح موضوعا سياسيا بامتياز!.

إلا أن أم خالد لم تكن لتتصور أن تؤثر الأزمة السورية على زواجها إلى حد أن يصل الأمر إلى أن يختار زوجها الزواج من أخرى وهي جارتهم الأرملة التي قضى زوجها على أيدي قوات النظام السوري تاركًا لها ثلاثة أطفال لا معيل لهم. فكان الحل الأمثل أن تقبل الأرملة بعرض أبي خالد للزواج منها  لتتقاسم الاثنتان الزوج والمعونة وشظف العيش أيضا!.

وليست أم خالد في موقف يخولها الرضى أو القبول بهذا الوضع "فلا مجال للغيرة أو الرفض داخل المخيم". أما الأرملة الصغيرة السن فليست بأفضل حالا هي الأخرى؛ ذلك أن الدلال أمر غير مقبول والبديل الأفضل قد لا يتوافربين رجال وشباب المخيم ولذا وجدت جميع الأطراف نفسها في موقف يدعو إلى القبول بهذا الارتباط القائم على "تقبل الواقع دون مزيد من التفكير".

بالنسبة لأم خالد؛ فإن معونة إضافية يجلبها هذا الزواج قد تكون أفضل بكثير من شعورها بالغيرة تجاه المرأة التي قاسمتها رجل العائلة. أما الأرملة الصغيرة السن فقد فرض عليها وضع "البحث عن ظل رجل" على الأقل في وضع صعب ومجهول وخاصة مع وجود ثلاثة أطفال أيتام لا يتعدى أكبرهم عمر الست سنوات.

وأخيرا؛ قد يكون دافع أبي خالد من هذا الزواج هو حماية زوجة وأبناء "شهيد" من شهداء الوطن من شقاء ينتظرهم لوحدهم داخل المخيم. فللمخيم قواعده الخاصة التي قد لا تنطبق -أحيانا- على الحياة خارجه. فقد تقاوم أي زوجة في الوضع المعتاد فكرة ارتباط زوجها بأخرى على مرأى ومسمع منها إلا أنه يمكننا وفي ظل هذا الوضع  اعتبار  المرأة السورية "زوجة وأما وابنة" الخاسر الأكبر في هذه الأزمة.

نورا خليل العزوني 

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن