إطلاق تقرير بحثي عالمي برعاية مؤسسة قطر وخبراء يؤكدون ضرورة "محاسبة" التعليم
ستتعرض أنظمة التعليم العالمية إلى المراجعة وإعادة النظر و"المحاسبة" إذا لم تلبي احتياجات الطلاب والمجتمعات، كما ينبغي عليها أن تتعامل مع التحديات والسيناريوهات المفترضة في عالم ما بعد كوفيد-19. هذا التحذير أطلقه مجموعة من الخبراء بالتزامن مع إطلاق تقرير بحثي دولي برعاية مؤسسة قطر تناول ما يتعيّن على مؤسسات التعليم العالي فعله من أجل التصدّي للتحديات التي تواجهها والحفاظ على استمرارية عملها.
سلّط التقرير الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجموعة الإيكونوميست، بعنوان: "المدارس الفكرية الجديدة: نماذج مبتكرة للتعليم العالي"، الضوء على مجموعة من العوامل مثل تضاؤل التمويل العام، طرح التساؤلات حول قيمة التعليم العالي، واحتمالية أن تحلّ التكنولوجيا والأتمتة محل الوظائف مستقبلًا، والتي بدورها تضع مؤسسات التعليم العالي تحت ضغوضات فائقة ومتزايدة.
في سياق ما فرضته جائحة كوفيد-19 على الجامعات من تبني نظام التعلّم عن بعد، وتعطل أنماط التعليم التقليدية، يُقدم التقرير خمسة نماذج مبتكرة للتعليم العالي، ويوضح كيف تعالج تلك النماذج التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كما يُبين حاجة المؤسسات التعليمية إلى إعادة تصوّر التعليم الذي تقدمه لتلبية متطلبات واحتياجات عالمنا سريع التغيّر.
مع الكشف عن هذا التقرير، ناقش ثلاثة من قادة الفكر في ثلاثة قارات مختلفة مخرجات هذا التقرير، وتبادلوا وجهات النظر حول مستقبل التعليم وذلك خلال جلسة نقاشية إلكترونية نظمتها وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجموعة الإيكونوميست برعاية مؤسسة قطر بعنوان: "التعليم العالي في عالم ما بعد كوفيد-19".
قالت سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع والرئيس التنفيذي للمؤسسة، في رسالة عبر مقطع فيديو تم بثّه بداية الجلسة النقاشية: "إن المنظومة التعليمية العالمية تعمل بلا انقطاع، لدرجة أننا لم نوقفها يومًا للتحقق من مدى صلاحيتها وملاءمتها مع حياتنا الحالية وتطلعاتنا المستقبلية".
أضافت سعادتها:" لكنّ الخبر الجيد هو أننا نعرف ما هو التغيير وكيف يبدو، كوننا نعيش اليوم في وسطه، هذه الجائحة أثبتت قدرتنا كمجتمعات على التغيير، ما كان يبدو مستحيلًا أصبح فجأة ممكنًا".
تابعت سعادة الشيخة:" نحن مدينون للأجيال الحالية والقادمة بتغيير ما لا يلبي تطلعاتهم. اليوم، الصفحة الجديدة لم تعد حلمًا بعيد المنال. دعونا نستجمع شجاعتنا لنكون بحقّ طلاب علمٍ وسُعاة للمعرفة".
أدارت النقاش كلير كيسي، المدير العالمي للسياسة العامة بوحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجموعة الإيكونوميست. وكان من بين المشاركين في النقاش بن نيلسون، رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفذي لمدارس منيرفا بمعهد خريجي كيك (Keck) بالولايات المتحدة الأمريكية، وعلّق قائلاً: "يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا وأن ندرك أنه عندما يواجه المجتمعات والطلاب المؤسسات التعليمية دون الحصول على منافع مقابلة لما يدفعونه، سيتعرضون للمحاسبة، وهي مسألة حاسمة خلال هذه الفترة الانتقالية التي نمر بها حاليًا في ضوء جائحة كوفيد-19، كما ستكون حاسمة أيضًا فيما بعد ذلك".
أضاف: "تقع على عاتق الطلاب اليوم مسؤولية استثنائية، لأن بإمكانهم التصويت والمشاركة بطريقة لم يتمكنوا من القيام بها من قبل. للمرة الأولى على الإطلاق، يلعب الطلاب دور الشريك الذي يُحدد ما يجب أن تفعله الجامعات، وماهي الجامعات التي يحق لها تقديم خدماتها لهم في المستقبل".
وفقًا لما ذكره تيم بلاكمان، نائب رئيس الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة، فإن "مدة صلاحية المعرفة" أصبحت أقصر، حيث قال: "لا يزال اكتشاف المعارف الجديدة والابتكار أمرًا في غاية الأهمية، لكن القضية الأساسية هي ضرورة أن يكون الجميع متعلمون مدى الحياة، لمواصلة التعلّم، وتطبيق ما تعلّموه واستخدامه".
تابع قائلاً: "المنهج الذي نتبعه في البحث والتدريس والتعلّم يجب أن يتكيف مع عالم المعرفة الفريد من نوعه الذي نعيش فيه."
من جهته، قال فرانسيسكو مارموليجو، مستشار التعليم بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع: "علينا أن نكون حريصين للغاية بأن كلّ ما نقوم به اليوم يجب أن يرقى فعلاً إلى معايير المستقبل".
أضاف: "هل يتعلم الطلاب نتيجة ما نقدمه لهم؟ أم يتلقون تعليمهم بصرف النظر عمّا نقدّمه لهم؟ أو بطريقة مستقلة؟ هل التصنيفات مهمة كما نعتقد؟ ما هو التعليم؟ هل ما زلنا نعتقد أن الدرجات والعلامات هي أفضل طريقة لقياس التعلّم؟ علينا أن نأخذ كل هذه الافتراضات على محمل الجد، لأنه ما لم نفعل ذلك، ونحدث الاضطراب الإيجابي، ونجازف في المخاطرة، سنحاول أن نعود إلى ما كنا عليه سابقًا بمجرد عودة الظروف إلى الوضع الطبيعي. إن الأزمة التي نعيشها تؤكد لنا أنه لا يوجد أي افتراض لعودة الأمور إلى سابق عهدها في هذا المجال".
شارك في النقاش كذلك الدكتورة ماري شميدت كامبل، رئيس كلية سبيلمان بالولايات المتحدة الأمريكية، وعلّقت قائلةً: "في مثل هذه الظروف، تتزايد أهمية نموذج الشراكة، وإمكانية تحديد الشركاء المناسبين".
تابعت: "يجب أن نتوقف عن التباعد والانعزال ومنافسة بعضنا البعض، فالتعاون يصب في مصحلة الجميع، ولكنه يتطلب عقلية مختلفة تمامًا عما لدينا الآن. إذا عدنا إلى اتباع النماذج القائمة على التسويق والمنافسة، فلن نصل إلى أي مكان".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.