عند سؤال الناس حول أكثر ما يحبونه في عملهم، يكون جوابهم غالباً: “زملاؤنا في العمل”. تُعد العلاقات اللطيفة والتعاونية في مكان العمل من الأعمدة الأساسية التي تساعد على التزام الموظفين بالشركات التي يعملون لديها وشعورهم بالانتماء والتحفّز لإنجاز المهام.
النميمة، والتنمّر، والطعن في الظهر، والسخرية، لا تحدث فقط في المدرسة، بل في مكان العمل أيضاً. وتشير مقالة نشرتها “هارفارد بزنس ريفيو” عام 2013، إلى أن قرابة نصف الموظفين يقولون أنهم يُعاملون بوقاحة في مكان العمل مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.
استطلع الباحثون 800 مدير وموظف في 17 قطاعاً، ووجدوا أن ضحايا الوقاحة في مكان العمل تراجع أداؤهم، وانخفضت جودة عملهم، وقصُر الوقت الذي يمضونه في العمل. فضلاً عن ذلك، بين 12% من الأشخاص في الاستطلاع أنهم تركوا عملهم لهذا السبب. ويقول الباحث المشارك في هذه الدراسة، كريستين بوراث، الأستاذ المشارك في “كلية ماكندو لإدارة الأهمال” في “جامعة جورج تاون” بالولايات المتحدة: “الناس غالباً لا يُبلغون عن هكذا سلوكيّات بسبب شعورهم بأنه لا فائدة من ذلك، أو خوفاً من التداعيات المحتملة”.
غالباً لا عِلم لنا بما يحدث في حياة زملائنا وما يواجهونه على المستوى الشخصي، ما يؤثر على مزاجهم في مكان العمل وبالتالي يميلون للتنفيس عن كربتهم عبر الإساءة إلى الآخرين. نعم، لدينا جميعاً مشاكل شخصية، إلا أن هناك من يتركون هذه المشاكل خارج مكان العمل، وهذا هو التصرّف الصحيح. ومع ذلك، حاول أن تشفق على زميلك الذي يسيء معاملتك لأنه بالتأكيد ليس بخير ووضعه يستدعي الشفقة. ومن أهم مسببات وقاحة الزملاء في مكان العمل:
المنافسة
لا يمكن للجميع أن يكونوا شرفاء في منافستهم، ما يعني أنهم سيلجؤون إلى وسائل غير أخلاقية للتقرّب من المدير عبر تحجيمك، كما أن الإساءة إليك قد تشعرهم بالتفوّق والنجاح في هذه المنافسة.
الغيرة
قد يكون سبب الغيرة كون تعليمك أفضل من تعليمهم، أو ربما أداؤك المتفوّق، أو علاقتك الجيدة بالعملاء، أو كون دخل أسرتك أعلى من دخل أسرتهم، أو كون مظهرك أكثر جاذبية منهم، وعلاقتك الجيدة برب العمل، وغيرها.
الانتقام
ربما يحاولون الانتقام منك لخطأ اقترفته بحقهم دون قصد ودون أي علم منك أو نوايا سيئة.
التعصّب الأعمى
قد يكونون متحيّزين ضد عمرك، أو جنسك، أو دينك، أو مذهبك، أو عرقك، أو أي شيءٍ آخر.
عدم الثقة بالنفس
غالباً يكونون غير واثقين بقدراتهم وغير متصالحين مع أنفسهم، إضافةً لشعورهم بأن لا قيمة لهم في الشركة.
الخوف من المنافسة
يخشى الكثيرون وجود من هم أكفأ منهم في مكان العمل لأنهم لا يثقون بقدرتهم على منافستهم، لذا يحاولون مضايقتهم وأئيتهم كي يتخلّصوا منهم. كما أنه عندما يرتفع أداء موظفٍ ما، ستبدأ الشركة بطلب رفع الأداء من الآخرين، وهناك من لا يطمح للتطوّر بل يذهبون إلى عملهم بشكل روتيني كي يحصلوا على رواتبهم نهاية الشهر.
الأداء السيّء
قد يعتقد البعض أنك سيّء الأداء وتستحق أن يزدروك وبعاملوك دون احترام.
أثبتت دراسة أنّ الموظفين الذين يعانون من زملاء وقحين كانوا يرتكبون أخطاء بإمكانهم تفاديها في الظروف الطبيعية والخالية من هكذا ضغوطات سلبية، لذا من المستحسن معالجة الوضع بدل الانتظار والسماح للأمور بالتفاقم. وفيما يلي بعض الحلول:
قل شكراً
نعم، من الغريب أن تشكر من يسيء إليك، لكن هذه العبارة وسيلة خفيّة لتعلم المُسيء بأنك لاحظت وقاحته لكن فضّلت عدم الانخراط في مثل هذه السلوكيات. وهذا يُظهِر نضجك وأنّ إساءته لم تؤثر فيك. أثبت لهم أنّك مسيطر على مشاعرك وأنّك اخترت الشعور الإيجابيّ بدل أساليبهم السلبيّة.
اضحك
إذا كانت الإساءة مبطّنة بمزحة، على مبدأ “بالضحك والمزاح تشتفي الأرواح”، فاضحك ولا تظهر شعورك بالإساءة. ذلك سيشعرهم بأنك لا تأخذ الموقف بجدّية ولم يؤثروا فيك، وأنه ربما عليهم أن يكونوا أقل حدّة ولا يأخذوا الأمور بتلك الجديّة.
عاملهم بلطفٍ شديد
وفقاً لـ”CNN”، رغم أنه من الصعب أن تكون لطيفاً مع شخصٍ وقح، إلا أنه سيمهّد الطريق أمام علاقةٍ أكثر عقلانيةً ورقيّاً. سيحتاج الأمر لقدرةٍ كبيرة على ضبط النفس، لكنه ليس مستحيلاً.
وتبيّن مقالة على “eHow.com”، أنه بدلاً من الرد بأسلوبٍ دفاعيّ على انتقادات أحدهم أو تعليقاته السلبية، ارفض الدخول في جدلٍ معه وابحث عما هو إيجابيّ في كل موقف. وغالباً تكون النتيجة أن يدرك المُسيء أن تعليقاته لا تاثير لها، وستشعر بالراحة إذا كنت أنت الكبير.
أنهِ الجدل قبل أن يحتدم
إذا حاول الطرف الآخر إقحامك في جدالٍ ساخن، فلا تسمح له ذلك وأنهِ الحوار فوراً بقول: “هذا الحوار ينتهي الآن” وغادر الغرفة. إنهاء الجدال يتيح لك الحفاظ على هدوء أعصابك وعدم الانزلاق إلى مستوىً أنت في غنىً عنه، فمن الأفضل أن تترفّع ولا تسمح لأحد بأن يستدرجك إلى مستوىً غير لائق من الحديث.
لا تسمح لهم بالتأثير عليك
التزم بعملك ولا تشغل تفكيرك بالمسيئين إليك، بل تجاهلهم ولا تسمح لسلوكهم بالتأثير عليك وعلى مزاجك. نعم، من السهل قول هذا، لكن عندما يبدأ هذا الشخص بالتحدث إلى مديرك عنك بأسلوبٍ سلبيّ ولاذع، يصبح من الصعب تجاهله، فعلى الأقل عليك توضيح الأمور لمديرك. وذلك يشخصن الأمور، لذا، إذا لم تكن مضطراً للعمل مع هذا الزميل باستمرار، ربّما عليك أن تسمح بعض المواقف بالمرور. لكن إذا كان عليك التعامل مع هذا الشخص يومياً، فانتقل إلى الخيار التالي.
واجههم
قبل ذلك، سجّل المرات التي أساء فيها إليك زميلك وكيف أشعرك بالإهانة. اكتب العبارات المسيئة التي وجهها إليك والسلوكيات التي تبعها للإساءة لك. رتب لاجتماعٍ بينكما وواجه الموقف بهدوءٍ شديد، فآخر ما تريده هو أن يتصرّف زميلك هذا بأسلوبٍ دفاعيّ، ما قد يؤدي إلى تفاقم الأمور. عبر الحديث إلى الشخص، بإمكانك إيضاح الأمور له وجعله يدرك أنّ أعماله وسلوكياته غير عقلانية ومؤذية.
اطلب مساعدة الآخرين
إذا فشلت جميع الوسائل، أو إذا تفاقمت الأمور لدرجة أن الإساءة أصبحت تؤثر في عملك بشكلٍ ملحوظ، ربما حان الوقت لطلب المساعدة من مدير الموارد البشرية أو مديرك.
اشرح الموقف لمديرك أو مدير الموارد البشرية، واعرض عليه أهمّ التفاصيل وبعض الأمثلة عند الضرورة. حاول أن تبقى هادئاً وموضوعياً قدر الإمكان وابتعد عن الانفعال أو قول ما هو سيء عن زميلك لأن ذلك قد يكون له مفعولٌ معاكس.
إذا لم ينجح كل ما سبق، اترك الشركة
أحياناً لا ينصت إليك من تلجأ إليهم في هذه الحالات، فربّما يكون الطرف الآخر قد كوّن علاقاتٍ وطيدة في الشركة، وربما لا يكون من لجأت إليه مهنياً بما يكفي. ومن المدراء من يخالفك مهما قلت لهم، أو يستخفّ بالموقف وأثره على العمل. ملاذك الوحيد والأخير هنا هو ترك العمل لأنه أصبحاً سبباً في تعاستك دون شك.
تذكّر دائماً أن تعالج الموقف قبل أن يتفاقم بدل كبت غضبك والتذمر لأصدقائك وعائلتك، فهذا مضيعة للجهد والوقت، ومن الأفضل أن تقضي هذا الوقت وأنت تنجز المهام وتطوّر نفسك، دون الشعور بالانزعاج والإهانة والظلم.
اقرأ أيضاً:
تعرف على سبعة أمور تساهم في تطوير مسيرتك في مجال الموارد البشرية
الامارات: توقعات بارتفاع الحد الأدنى لأجور المواطنين العاملين في القطاع الخاص
