موازنة الدولة للعام 2012 كانت اصعب الموازنات الاردنية من حيث العجز وارتفاع الدين العام الذي تخطى حاجز 23 مليار دولار، وانحسار المنح والمساعدات العربية والاجنبية الى تأخرت حتى نهاية العام الماضي، وباستثناء المنح فان الحكومة نجحت نسبيا في الاعتماد على المواطنين والاقتراض، كما عززت الايرادات المحلية بالاعتماد على الضرائب وقررت رفع الاسعار بخاصة اسعار المحروقات في ظل رفض شعبي لهذه القرارات، وبرغم تباطؤ الاقتصاد الا ان الايرادات المحلية ارتفعت بمعدل 134.3 مليون دينار حتى نهاية شهر تشرين الثاني / اكتوبر الماضي، وهذا الارتفاع يجب ان ينظر اليه بنوع من الحكمة دون الاستمرار في المبالغة خلال العام 2013 اذ قد يؤدي ذلك الى اغراق الاقتصاد في تباطؤ اعمق، ويؤدي الى انعكاسات سلبية على الايرادات المحلية للعام الحالي في نهاية المطاف، فالحاجة تستدعي تحفيز النشاطات الاقتصادية وتحسين الطلب في الاقتصاد الذي ينعكس بصورة ايجابية على الايرادات المحلية.
مشروع الموازنة العامة للعام 2013 سيكون اكثر توازنا بالمقارنة مع السنوات الماضية بخاصة موازنتي 2011 و 2012، حيث يتوقع المراقبون ان يستمر تدفق الغاز المصري لغايات توليد الطاقة الكهربائية الذي كلف الاقتصاد والمالية العامة الكثير، كما ان توقعات المحليين ان تستقر اسعار النفط في الاسواق الدولية عند المستويات الراهنة، وزيادة تدفق النفط العراقي الى مستوى 15 الف برميل يوميا باسعار تفضيلية، الى جانب بشائر ارتفاع طاقة حقل غاز الريشة ورصد تحول مهم في سياسات تنويع مصادر الطاقة الذي من شأنه ان يخفف وطأة تكلفة الطاقة على الاقتصاد الاردني. وبالعودة الى موازنة العام الحالي فان العجز المقدر يناهز 1310 ملايين دينار، وان هذا العجز يمكن التعامل معه في حال استثمار الفرص الاضافية للاقتصاد من تسريع تنفيذ المشاريع الراسمالية بتمويل الصندوق الخليجي والمساعدات الاجنبية، وفتح الابواب امام الصادرات الاردنية الى السوق العراقية التي تعد احد الاسواق التجارية التقليدية للمنتجات الاردنية هذا من جهة، وتركيز العمل على توفير مستلزمات اعادة تنشيط القطاعات الاستثمارية العقارية والصناعية والخدمية من جهة اخرى، وهذا يتطلب سياسة نقدية اكثر انفتاحا ويسرا في تشجيع القطاع المصرفي لتقديم التمويل للقطاعات بكلف عادلة بما يمكنها من الخروج من مشكلة التمول لمواصلة مشاريعها، وان ذلك سيعظم الايرادات المحلية ويساهم في جسر قسم مهم من عجز الموازنة.
الاردنيون تحملوا اعباء الاعوام السابقة بصعوبة ومعاناة كبيرة، وان هذا الوضع يتطلب ادارة حكيمة للمالية العامة واستثمار هذا الوضع، وان خروج الاردن والاردنيين من عام العسر والشظف يستدعي الانتقال الى عام الفرص والانتقال الى تعافي الاقتصاد بما يحسن مستويات معيشة المواطنين، فالغلاء والتضخم يمكن علاجه من خلال تحسين مداخيل المواطنين الذي يمكن تحقيقه بتسريع وتيرة النمو والذي بدوره يتطلب اطلاق المزيد من المشاريع المختلفة الصغيرة والمتوسطة والكبيرة محليا، واستقطاب استثمارات جديدة.