قال تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي "إن السياسات الاقتصادية السعودية تتسم بالرشد والتوازن والحرص على تطوير أداء الاقتصاد الوطني وفق برامج عمل فعالة ومؤثرة"، مشيرا إلى أن المملكة تخلت عن استراتيجية الدفاع عن الحصص السوقية فيما يخص النفط في ضوء حشد الجهود وتكثيف الإجراءات لإعادة هيكلة الاقتصاد بما يحقق الرفاهية للموطنين، معتبرا أن عام 2017 سيكون عاما محوريا في تطور الاقتصاد السعودي.
وأضاف التقرير الدولي أن "برنامج التحول الوطني 2020 الذي يجيء في إطار "رؤية 2030" الأوسع سيسيطر على معظم جوانب الحياة الاقتصادية في السعودية على مدى العام الجاري"، مشيرا إلى وجود تغيرات جوهرية أساسية وإيجابية ستؤتي ثمارها سريعا خاصة في قطاعي النفط والغاز.
وفيما يخص الطلب على النفط، فقد أوضح التقرير أن التنبؤ بتطورات الطلب على النفط على المدى الطويل هو مهمة ليست سهلة على الإطلاق في ضوء وجود متغيرات متلاحقة تؤثر في منظومة الطلب بصفة مستمرة وتجعل الحصول على تقديرات دقيقة هو أمر شديد الصعوبة.
وأفاد التقرير – الصادر عن مجموعة من القادة والخبراء المستقلين في مجال الطاقة – أن عودة "أوبك" لقيادة السوق من خلال اتفاق خفض الإنتاج يعد من أبرز العوامل المؤثرة في سوق الطاقة إلى جانب تولي إدارة جديدة في الولايات المتحدة وبدء تنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكل هذه العوامل يمكن القول إنها غيرت كل التقديرات السابقة لتطور مستويات الطلب.
ونقل التقرير عن تقديرات وكالة الطاقة الدولية أن الطلب خلال العام الحالي سيرتفع بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا أي بزيادة قدرها 110 آلاف برميل يوميا عن توقعات سابقة للوكالة مع توقعات بوجود طلب أقوى من المتوقع على الخام في دولتي الصين وروسيا.
في سياق متصل، توقع محللون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية خلال تعاملات الأسبوع الحالي بعد أن اختتمت السوق تعاملات الأسبوع الماضي على انتعاشة ملموسة في الأسعار نتيجة تأثير الضربة الأمريكية في قاعدة جوية سورية حكومية ما دفع الأسعار إلى تسجيل أعلى مستوى في شهر.
وتوقع المحللون أن تكون السوق أقرب إلى تحقيق تعاف نسبى نتيجة استمرار تنامي التزام المنتجين بخفض الإنتاج وفق اتفاق فيينا الذى يضم دول "أوبك" إضافة إلى 11 منتجا مستقلا من خارج المنظمة ويقضي بتقليص 1.8 مليون برميل يوميا من المعروض النفطي في العالم.
وجاءت عودة ارتفاع الدولار لأعلى مستوى في ثلاثة أسابيع لتضغط مجددا على أسعار النفط إلى جانب التأثير المستمر لزيادة المخزونات النفطية وتواصل زيادة الحفارات النفطية الأمريكية للأسبوع الثاني عشر على التوالي، ما يعرقل خطى تعافي السوق بسبب عدم الثقة بسهولة التخلص من حالة تخمة المعروض الناتجة بشكل أساسي عن طفرة الإنتاج الأمريكي.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفك "سلفونفط"، أن السوق ما زالت في حالة عدم استقرار ما يؤدي بالتالي إلى تذبذب الأسعار، مشيرا إلى أن حالة تخمة المعروض قد يكون من الصعب تجاوزها سريعا خاصة في ضوء استمرار زيادة الإنتاج الأمريكي وزيادة إنتاج البرازيل وكازاخستان وعزم بعض دول في "أوبك" رفع إنتاجها على نحو كبير خاصة العراق وإيران وليبيا.
وأضاف جانييك أن "الأسبوع الماضي شهد ارتفاعات في الأسعار ناتجة عن حوادث طارئة هي الضربة الأمريكية ضد قاعدة جوية سورية وهو ما جعل الأسعار تكسب نحو 3 في المائة لكن الأسعار ستعود في الأسبوع الجاري للتأثر بالعوامل المعتادة وفي مقدمتها زيادة الإنتاج الأمريكي في مقابل حدوث تباطؤ نسبي في عملية خفض الإنتاج".
وأشار جانييك إلى أنه بحسب التعهدات الروسية، فإن اكتمال حصة موسكو من خفض الإنتاج وقدرها 300 ألف برميل يوميا سيتم الوفاء بها خلال أقل من ثلاثة أسابيع، وهو ما يرجح معه أن يكون مستوى الأسعار في الشهر الحالي أفضل من الشهر السابق، متوقعا أن النتائج السلبية للربع الأول الذى خسرت فيه الأسعار 7 في المائة لن تتكرر في الشهر الحالي والشهور المقبلة.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، "إن أنشطة الحفر الأمريكية تسابق الزمن حاليا للاستفادة من مستوى الأسعار الجيد ومن الدعم الذي تتلقاه من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب"، لافتا إلى أن أنشطة الحفر حققت زيادات متواصلة على مدى 12 أسبوعا ومن المرجح أن تستمر بمعدلات أكبر في الأسابيع المقبلة، نظرا لخفض شركات النفط الصخري تكاليف الإنتاج ما زاد قدرتها على تحمل الأسعار المنخفضة وهي تحقق أرباحا جيدة حاليا في ضوء بقاء الأسعار فوق 50 دولارا لفترة غير وجيزة وتوقع بقائها في مستوى 55 دولارا للبرميل في المتوسط خلال العام الجاري.
وتوقع ماندرا أن اعتزام الإدارة الأمريكية السماح للشركات المحلية بالتوسع في أنشطة الحفر في المناطق البحرية سيجعل الإنتاج الأمريكي يحقق قفزات جديدة تزيد الأعباء على حالة وفرة المعروض الحالية في الأسواق وبما قد يحد كثيرا من تأثير اتفاق خفض الإنتاج بصورته الحالية، ومن ثم فإنه يجب على المنتجين في "أوبك" وخارجها التوصل إلى قرارات أكثر فاعلية لمواجهة التحديات التي فرضها الإنتاج الأمريكي على السوق.
وأضاف ماندرا أن "المنطقة القطبية الشمالية سواء في شمال أمريكا أو روسيا من المناطق شديدة الغنى بالنفط والغاز، وأن التوجه نحو زيادة الإنتاج منهما يؤكد زيادة كفاءة الشركات ونمو التطور التكنولوجي ما يمكن من العمل في هذه المناطق" إلا أن الوجه السلبي لهذا الأمر هو استمرار حالة زيادة المعروض وهو ما يهدد باحتمال عودة الأسعار المنخفضة للنفط".
إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن التوقعات تشير إلى زيادة حدة المنافسة في الفترة المقبلة بين موارد النفط التقليدية وبين موارد النفط الصخري الضيق في ضوء الطفرة الإنتاجية التي تستعيدها حاليا الشركات الأمريكية، منوها بضرورة أن يعمل المنتجون بحذر حتى لا يتكرر سيناريو انهيار الأسعار كما حدث في صيف عام 2014.
ولفت كروج إلى أن الإدارة الأمريكية توجه اهتمامها الأكبر نحو تعزيز التنقيب وزيادة الصادرات من الغاز والنفط، فضلا عن تطوير البنية التحتية التي تسهل عمل الاستثمارات النفطية، مشيرا إلى وجود بعض الاختناقات حاليا في خطوط الأنابيب، لكن هناك جهودا لبناء مزيد من خطوط الأنابيب الجديدة بين الشمال الشرقي والخليج الأمريكي ما سيعمل على تخفيض تكاليف النقل، منوها بأن حالة التطوير هذه ستجعل النفط والغاز الأمريكيين أكثر تنافسية من حيث التكلفة.
وكانت مكاسب النفط قد تقلصت في ختام تداولات الأسبوع الماضي بعد أن سجل أعلى مستوى في شهر بعد تقارير أفادت إطلاق الولايات المتحدة صواريخ على قاعدة الحكومة السورية بعد استخدامها الأسلحة الكيماوية في وقت سابق هذا الأسبوع.
وتجاهلت السوق تقريرا أظهر أن الشركات الأمريكية أضافت منصات حفر نفطية للأسبوع الثاني عشر على التوالي للاستفادة من تعافي أسعار الخام، وزادت الشركات عدد الحفارات العاملة بواقع عشر منصات، حسبما أشارت شركة "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة.
وبحسب "رويترز"، فقد جرت تسوية خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة بارتفاع قدره 35 سنتا إلى 55.24 دولار للبرميل، وسجل الخام أعلى مستوى خلال الجلسة عند 56.08 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى أيضا منذ السابع من آذار (مارس)، بعد وقت قليل من الإعلان عن الضربة الصاروخية الأمريكية، وارتفع الخام 4.4 في المائة على أساس أسبوعي.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 54 سنتا إلى 52.24 دولار للبرميل ليقبع دون المستويات المرتفعة التي سجلها خلال الجلسة، التي بلغت 52.94 دولار للبرميل.
وزادت الشركات الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع الثاني عشر على التوالي في استمرار لموجة تعاف مدتها 11 شهرا مع تعزيز شركات
الطاقة إنفاقها على الإنتاج الجديد للاستفادة من ميزة تعافي أسعار النفط.
وأفادت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة أن الشركات أضافت عشر حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في السابع من نيسان (أبريل) ليصل العدد الإجمالي إلى 672 حفارة وهو الأكبر منذ آب (أغسطس) 2015، وكان عدد حفارات النفط العاملة في الأسبوع المماثل قبل عام 354 منصة.
وتوقع محللون أن تزيد شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على أنشطة الحفر وتضخ مزيدا من النفط والغاز الطبيعي الصخري في السنوات المقبلة وسط توقعات بصعود أسعار النفط.
اقرأ أيضًا:
أرامكو السعودية تعتزم زيادة حفارتها للنفط والغاز في 2017
السعودية السابعة عالميا في إنتاج الغاز
أرامكو السعودية تعتزم توسعة حقل الحصبة البحري للغاز بتكلفة مليار درهم