يواجه قطاع مواد البناء في السوق مشكلات ارتفاع أسعار النفط والشحن، واللذين يعتبران من المقومات الأساسية في عمليات صناعة وتجارة هذه المواد، ما دفع خبراء إلى توقع ارتفاعات وشيكة على أسعار هذه المواد، ما ينعكس بالتالي على قطاع المقاولات، الذي يعاني بدوره من مشكلات تحول دون تحقيق الانتعاش المطلوب، والخروج من الأزمات التي يعاني منها.
وقال صالح مصطفى المدير الإداري في شركة «الفجيرة» لمواد البناء، إن شركات مواد البناء تتكبد الخسائر جراء ارتفاع المواد الخام، التي يتم استخدامها في الصناعة، وعدم توفر الطلب الكافي في السوق، والذي يتم من خلاله توزيع هذه المنتجات، لافتاً إلى أنه لم تظهر حتى الآن نتائج ارتفاع أسعار البترول والشحن على قطاع مواد البناء بشكل جلي، متوقعاً أن يكون هناك تأثير في الفترات المقبلة من العام الجاري، معرباً عن اعتقاده أن هذا الارتفاع لن يكون كبيراً، كما حدث في السنوات الماضية، أي سنوات الطفرة، والتي شهدت زيادات كبيرة في الأسعار، نظراً إلى حجم الطلب الكبير الذي كان يشهده السوق في تلك الأوقات، وتوفر المشاريع العملاقة التي تحتاج إلى الكثير من المواد.
ورأى مصطفى أن ارتفاع أسعار الإسمنت خلال الفترة الماضية وبنسب متفاوتة سوف تترك آثارها على هذا القطاع، مشدداً على أهمية إيجاد الوسائل التي تسهم في إيجاد حالة من الاستقرار في الأسعار لضمان تحقيق المزيد من الانتعاش.
وأوضح أن تكلفة الشحن البحري تصل في بعض الأحيان إلى 5 بالمئة من قيمة البضائع، وأن أي تغيير في الأسعار، سوف يترك تأثيراً على السوق والمستهلك بشكل عام، حيث تسعى الشركات بشكل دائم إلى إيجاد حالة من التوازن بين الربح والخسارة، وتقديم المنتج بجودة عالية تضمن المنافسة في السوق.
وذكر عاملون في قطاع الشحن البحري في تصريحات لـ«الرؤية الاقتصادية» أن أجور الشحن البحري من دول الشرق الأقصى إلى الإمارات ودول مجلس التعاون ارتفعت في أبريل بنسبة تتراوح بين 20 و30 بالمئة، بعد زيادة كبيرة بلغت 100 بالمئة في مارس الماضي، واستقر سعر شحن الحاوية مقياس 40 قدماً عند 10.3 ألف درهم تقريباً (نحو 2800 دولار)، فيما استقر سعر شحن الحاوية مقياس 20 قدماً عند 4400 درهم تقريباً (نحو 1200 دولار).
متغيرات عالمية
وتوقع رزوان ساجان رئيس مجلس إدارة مجموعة «الدانوب» لمواد البناء أن تشهد الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، وذلك استجابة للمتغيرات الحالية في السوق العالمي، وقال إن ارتفاع أسعار النفط تؤثر بشكل رئيس على أسعار الشحن، والتي شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الفترة الماضية، وبالتالي فإن هذا سوف يؤثر على حركة شحن ونقل مواد البناء.
وشدد ساجان على التأثير الكبير الذي من الممكن أن تخلفه هذه الزيادة التي قد تفوق 15 بالمئة على قطاع المقاولات والتشييد في الإمارات الذي يعاني حتى الآن من قلة المشاريع.
ورأى أن سوق مواد البناء اليوم أفضل من السنوات الماضية، متوقعاً أن يشهد نمواً يصل إلى 15 بالمئة في حجم الطلب، وذلك مع الإعلان عن مواصلة تنفيذ عدد من المشاريع التي كانت متوقفة، كما توقع أن ينمو هذا القطاع بوتيرة متسارعة خلال الأعوام القليلة المقبلة.
وبين أن من أهم العوامل التي تسهم في تحقيق انتعاش ملحوظ للقطاع هي «مونديال قطر 2020» والذي يوفر فرص كبيرة للاستفادة من المشروعات الضخمة التي يتم تشييدها كما أنه يقدم فرصة للشركات الإماراتية للتوسع في تلك السوق التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في الطلب على جميع مواد البناء.
ولفت ساجان إلى آثار أخرى أحدثتها الارتفاعات العالمية في أسعار النفط، تجسدت في زيادة تكلفة المواد اللاصقة التي تعتمد على منتجات نفطية، والتي تستخدم على نطاق واسع في صناعة البناء والتشييد.
وكانت أسعار الديزل ارتفعت خلال الفترة الماضية بمعدل 1.34 للتر الواحد وذلك خلال عامين، حيث ارتفعت من 2.36 درهم إلى 3.7 درهم، وكانت طبقت شركات إماراتية مؤخراً زيادة على أسعار الديزل منتصف شهر مارس الماضي بواقع 20 فلساً للتر الواحد ليصل سعر اللتر إلى 3.7 درهم، مرتفعاً من 3.5 درهم، والتي تأتي بالتزامن مع الزيادات العالمية لأسعار النفط، كما حدثت زيادة سابقة مطلع العام الماضي، حيث ارتفع سعر اللتر من 2.75 إلى 2.9 درهم.
إلا أن الزيادة الأولى والتي أتت بعد 16 تخفيضاً خلال عامي 2008 و2009، كانت في مارس من العام 2010 بعد تطبيق العمل بنظام اللتر بدلاً من الغالون، حيث ارتفع بمعدل 9 فلوس من 2.36 درهم إلى 2.45 درهم، وطبقت بعدها شركات «إينوك» و«إيبكو» و«إمارات» زيادة في 12 أبريل من العام ذاته بواقع 15 فلساً لكل لتر ليرتفع السعر إلى 2.6 درهم.
تأثير سلبي
وحذر عبدالله العارف عضو مجلس إدارة جمعية المقاولين والمدير العام وصاحب شركة «نارسكو» للمقاولات من التأثير الذي سوف تخلفه ارتفاعات أسعار مواد البناء على قطاع المقاولات، وقال إن الأسعار خلال الأشهر الأربعة الماضية كانت مستقرة نسبياً باستثناء مادة الإسمنت، وإن ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل عام سوف يترك تأثيراً سلبياً على قطاع المقاولات، والذي مازال يعاني من مشكلات في تحقيق معدلات نمو كبيرة، مشيراً إلى أن غلاء مواد البناء سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار تنفيذ المقاولات، وبالتالي فإن هذا سوف يؤثر على حركة الانتعاش البسيطة التي حصلت في القطاع خلال العام الجاري، والتي تزامنت مع البدء في تنفيذ عدد من المشاريع المتوقفة، والإعلان عن تنفيذ عدد من المشاريع الجديدة، لاسيما في القطاع الحكومي، والتي تتركز بشكل رئيس في البنية التحتية.

يواجه قطاع مواد البناء في السوق مشكلات ارتفاع أسعار النفط والشحن