حلب السورية رائدة الصناعة في الشمال، حتى في قطاع النفط!

تاريخ النشر: 21 أبريل 2013 - 07:09 GMT
يوجد في حلب أكثر من 20 مصفاة نفط بدائية
يوجد في حلب أكثر من 20 مصفاة نفط بدائية

يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم بعد غد في لوكسمبورغ، إلى جانب مسألة رفع الحظر عن تزويد المعارضة السورية بالسلاح، موضوعا آخر لا يقل أهمية عنه وهو السماح للمعارضة السورية بتصدير النفط من المناطق التي تخضع لسيطرتها.

وقالت الخارجية الفرنسية، أمس، إن المطلوب من الاجتماع الوزاري هو «إعطاء الضوء الأخضر السياسي» باعتبار أن تطورا من هذا النوع يفترض إدخال تعديلات على قرارات العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي تباعا على سوريا منذ عامين وتحديدا على القطاع النفطي، كإجراء من شأنه أن يضيق الخناق على نظام الرئيس بشار الأسد ويجفف موارده المالية.

وتقول باريس إن طلب تصدير النفط «جاء من المعارضة السورية»، وهو من جملة المطالب التي تتقدم بها للأوروبيين لدى كل اجتماع، كما موضوع الحصول على أسلحة نوعية. وبحسب باريس، فإن الدوائر القانونية للاتحاد ستنصب، بعد الحصول على الضوء الأخضر، على «ترجمة» القرار السياسي إلى تدبير قانوني يرجح أن يكون على شاكلة «استثناء» من قانون الحظر يمكن المعارضة وحدها من إنتاج وتصدير النفط لتوفير الموارد المالية التي تحتاجها لإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها وتوفير احتياجات اللاجئين والمهجرين إن في سوريا أو في خارجها.

ويعتمد سوريو المناطق الشمالية من البلاد على مصافي تكرير بدائية في سبيل حصولهم على المشتقات النفطية، لكن هذه المصافي تحولت من كونها ضرورة لتأمين متطلبات الحياة إلى صناعة رائجة تدر المال الوفير على القائمين عليها.

وتعتبر مدينة منبج، شرق حلب، أكثر المدن تطويرا لهذه الصناعة، إذ يوجد فيها أكثر من 20 مصفاة نفط بدائية. ويقول عمار، وهو مزارع من منبج، إنه أجّر أرضه لشخصين أقاما مصفاة بدائية في المنطقة، مشيرا إلى أن هذه المنشأة لا تحتاج إلى أكثر من 700 متر مربع.

ويوضح عمار لـ«الشرق الأوسط» أن المصفاة «عبارة عن صهريج معدني، يتسع لنحو ألف لتر من النفط الخام، ويرتفع فوق موقدة للنار بنحو متر ونصف المتر، مما يتيح إشعالها تحته، كما تخرج منه ثلاث أنابيب تغمرها المياه، تنقل البنزين والكيروسين والمازوت إلى براميل تُباع للاستهلاك المحلي».

ورغم رواج هذا العمل، فإن كثيرين لا يقدمون عليه نظرا لمخاطره الصحية الناتجة عن إمكانية انفجار البرميل، والدخان المنبعث منه، إلى جانب انبعاث غازات سامة، يقول أهالي المنطقة إنها تتسبب في عقم الرجال. وتباع المشتقات النفطية المكررة يدويا في أسواق حلب بالسعر الرسمي المتداول في أنحاء سوريا، رغم أن جودة المحروقات المشتقة يدويا «رديئة جدا». ويقول عمار إن ندرة المحروقات، وارتفاع أسعار المستورد منها من تركيا «يجعلان الإقبال على المازوت والبنزين المكرر يدويا كبيرا»، مشيرا إلى أن المازوت «يعتبر أكثر المشتقات رداءة، كونه يتضمن كمية كبيرة من الرواسب». وتُستخرج في البداية مادة البنزين، تليها الكيروسين، ثم يُستخرج المازوت.

ويصطدم العاملون في تكرير النفط يدويا، أحيانا، بأنواع من النفط الخام الرديئة، فلا يُستخرج منها شيء، مما يضطر العاملين، بحسب عمار، لبيعها للإنارة. ففي هذه المنطقة تغيب الكهرباء عن القرى أياما وتنقطع ساعات طويلة، مما يدفع السكان للاعتماد على مصابيح الكيروسين بغرض الإنارة.

كما يفشل العاملون أحيانا في تكرير النفط، مما يضطرهم لبيع «مادة زيت النفط»، التي تُستخدم في بعض الصناعات. ويشير عمار إلى أن تلك العقبات «دفعت العاملين في التكرير البدائي لرفع سعر المشتقات رغم رداءة جودتها، للتعويض عن خسائرهم».

ويُباع لتر المازوت المكرر يدويا بنحو مائة ليرة سورية، وهو ما يعادل 1.3 دولار أميركي، بينما يُباع البنزين بمائة وخمسين ليرة، أي 1.5 دولار، أما الكيروسين فيباع اللتر بـ40 ليرة، أقل من نصف دولار.

ويجني التجار الذين ينقلون النفط الخام من حقول دير الزور إلى حلب أرباحا كثيرة. وتشير مصادر معارضة من حلب إلى أن «أغلب تجار النفط الخام هم من قادة المجموعات المقاتلة»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنهم «يتواصلون مع قادة مجموعات مسلحة في دير الزور تبيعهم النفط الخام». وتصل كميات من النفط الخام إلى المنطقة يوميا، تقدر بـ300 برميل من النفط الخام.

ويسيطر معارضون على آبار نفط في محافظتي دير الزور والحسكة، شرق، وسيقومون ببيع النفط الخام للأوروبيين عن طريق وزارة الطاقة والنفط، المزمع إنشاؤها في حكومة غسان هيتو الانتقالية.

وغداة هذا الإعلان، أعلن مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن حكومة بلاده «ستلاحق كل من يمول الإرهاب في سوريا بشراء النفط المسروق».