لست مضطراً لأن تكون مدير شركتك حتّى تغيّر طريقة عملها..كيف؟

تاريخ النشر: 22 أكتوبر 2015 - 09:32 GMT
تحفيز الناس على التغيير من خلال الاعتماد بصورة رئيسية على طرح مبادئ سامية. فالمصالح الذاتية تتغلّب على المبادئ السامية
تحفيز الناس على التغيير من خلال الاعتماد بصورة رئيسية على طرح مبادئ سامية. فالمصالح الذاتية تتغلّب على المبادئ السامية

تغيير “المنطقة المقبولة”

لا شكّ في أنّ تغيير المنطقة المقبولة لدى شخص معيّن يحتاج عادة وبشكل طبيعي إلى أكثر من مجرّد عرض بسيط يجري ضمن خطوة واحدة. فلنعد مرّة أخرى إلى مبادرة برايان ويلين. لقد صمّم برايان عرضاً مدّته ساعة واحدة لطرح مبادرة غوغل الجديدة بخصوص محاربة التحيّزات الشخصية اللاواعية.

(إن استعمال عرض تقديمي ليس عموماً هو أقوى طريقة لاستعمال المقاربة المتدرّجة التي شرحناها أعلاه لإحداث التغيير – فالنقاشات الشخصية على انفراد ووجهاً لوجه تكون عادة أجدى – لكنّ برايان كان مضطراً إلى التأثير في عدد كبير من الناس خلال فترة قصيرة من الزمن وقد استعمل هذه الطريقة المتدرّجة التي تشبه خطوات الأطفال الذين يتعلّمون المشي بقدر كبير من البراعة إلى درجة أنّه نجح في إحداث التغيير المطلوب من خلال استعمال العروض التقديمية). فخلال الفيديو الذي استعمله، تمكّن من الدخول إلى المنطقة المقبولة لدى الجمهور وتحريكها، خطوة بخطوة، باتجاه الهدف المنشود.

 

أولاً، هو أقرّ بأن الناس العاملين في غوغل هم أشخاص أذكياء يحبّون البيانات والبراهين. وفي الخطوة التالية شجّع الجمهور على القبول بحقيقة أنّ من “الممكن” لنا جميعاً أن نتّخذ قرارات لا تكون مثالية في بعض الأحيان، وتحديداً بخصوص الآخرين. ثم عرض أبحاثاً تظهر كيف أنّ أناساً يشبهون جمهوره من موظفي غوغل تماماً يمكن أن ينحازوا في بعض الأوضاع، وبعد ذلك أعادة تعريف مفهوم “التحيّز” بشكل مختلف تماماً حيث بيّن كيف أن التحيّز يمكن أن يكون أمراً إيجابياً ويساعد على التكيّف، تماماً كما يحصل عندما كان هذا التحيّز يساعدنا في التعرّف على الحيوانات الخطيرة لكي نتجنّب وقوعنا فريسة لها في العهود الغابرة. هذا الأمر سمح له بأن يدعو جمهوره إلى الاعتقاد بأنّهم أحياناً “ربما” يظهرون أنواعاً إيجابية من التحيّز، ثم الإقرار بأنّهم يفعلون ذلك بالتأكيد. وبدءاً من هذه اللحظة لم يكن بحاجة إلى جهد كبير ليساعد الجمهور في أن يواجه الحقيقة بأنّه أحياناً قد تكون لديه أنواع من التحيّزات التي لا يحبّها كثيراً، ثم أقنعهم بضرورة محاولة العمل على معالجة هذه التحيّزات.

في هذه المرحلة، قد لا تخطر لكم عبارة “منحدر زلق”. ولكن هذا تماماً ما نستعمله نحن. فأنتم تحاولون خلق “منحدر زلق” من خلال عرض مواقف صغيرة وجزئية ومساعدة الشخص على الانتقال من خطوة إلى الأخرى. وغالباً ما يحتاج استعمال هذه المقاربة إلى التحلّي بالصبر وإلى الوقت، وإن كانت في بعض الأحيان قد تسير بسرعة كبيرة. كما أن التغيير الذي تحدثه في المواقف قد يكون أعمق وأصدق من التغيير الناجم عن إلقاء الخطابات، أو الضغط الذي يمارسه الأقران، أو إعطاء الأوامر.

قد يبدو أنّ هذه العملية القائمة على استعمال خطوات صغيرة تشبه خطوات الأطفال الذين يتعلّمون المشي هي عملية تستغرق وقتاً طويلاً إذا ما نظر إليها الإنسان بشكل مجرّد. لكنّ برايان أثبت بأنّ العملية لا تحتاج بالضرورة إلى وقت كبير. فهو لم يحتج إلى أكثر من 13 دقيقة منذ بداية عرضه لكي يقنع الناس وبالتدريج وخطوة بخطوة بطرحه. وهو ينصح بعدم تبنّي موقف صارم أو قائم على المواجهة، وإنما يقول بأنّ من الضروري الاعتراف في كل مرحلة أثناء العرض بالآراء المختلفة التي قد تكون موجودة لدى الجمهور، ومعاملة هذه الآراء بوصفها آراء مشروعة، وهو يقول بأنّ ذلك ضروري من أجل إقناع الناس.

كما هو الحال في أي جهود رامية إلى إحداث التغيير، يحتاج استعمال هذه المقاربة بفعالية إلى بعض التخطيط. فأنت لا تستطيع العمل على هذا الموضوع من خلال إغراق الناس برسائل إلكترونية ومحاولة تغيير قناعات المؤسسة بأكملها دفعة واحدة، وإنّما من خلال استهداف مجموعة منتقاة بعناية من الأفراد بطرق مصمّمة بدقة. وفيما يلي بعض الأسئلة الرئيسية التي يجب أن تطرحها على نفسك إذا كنت تريد استعمال هذه المقاربة المتدرّجة لكي تحدث التغيير المنشود:
ما هو الموقف الحالي للشخص المعني من التغيير المقترح؟
ما هي الخطوات الصغيرة التي ستنقل هذا الشخص بالتحديد من موقفه الحالي إلى الرأي الذي تريده أن يذهب إليه؟
هل بوسعك الاستعانة بأشخاص يمكنهم أن يدافعوا عن فكرة التغيير ويروّجوا لها بحيث يمكنهم التصرّف وكأنهم سفراء لهذه الفكرة وبحيث لا تضطر أنت إلى حمل العبء لوحدك؟
ما هو حجم التغيير الذي تطلبه من كل شخص؟ هل يحتاج هذا الشخص إلى أن يتغيّر 180 درجة لكي يتبنّى فكرتك؟ أمّ أن من الكافي تحريك منطقة القبول الموجودة لديها لتصبح أقرب إليك؟

سواء كنت تشتري طابعات جديدة، أو تقلل حجم الانحياز الموجود لدى الناس، أو تحاول إحداث دمج بين أقسام مختلفة، أو تدخل تعديلات على طبيعة العلاقات بين المدراء والمرؤوسين، أو أي شيء آخر، حاول أن تستفيد من قوّة الطريقة المتدرّجة التي تشبه خطوات الأطفال الذين يتعلّمون المشي، عبر استعمال هذه الطريقة في مبادرتك الهادفة إلى إحداث التغيير. فإذا ما استثمرت جهداً أكبر قليلاً في بداية العملية، فمن شبه المؤكّد أنّك ستحصل على دعم أقوى وأوسع بكثير.

تجنّب الأخطاء الشائعة

إن استعمال هذه المقاربة المتدرّجة يمكن أن يساعدك في تحاشي بعض العيوب التي يمكن أن تشكّل تهديداً للجهود الرامية إلى إحداث التغيير. وتشمل هذه العيوب ما يلي:
محاولة الوصول إلى “تغيير كامل في قناعات الناس” وليس مجرّد إحراز تقدّم. فلا تتوقّع إنجاز كل ما تطمح إليه من أهداف دفعة واحدة.
التحدّث أغلب الوقت مع أشخاص يوافقونك الرأي.
محاولة قيادة عملية التغيير دون طلب العون من الآخرين. فالرسائل تكون أكثر إقناعاً عندما تأتي من عدّة أشخاص، وعندها لن يتجاهلها الناس ولن يصفوها بأنّها مشروع محبّذ لدى شخص واحد فقط.
الاعتماد بصورة أساسية على إرسال رسائل متكرّرة إلى الناس بواسطة البريد الإلكتروني. فحتى الرسائل المصاغة بطريقة ممتازة وبليغة، لا تقود إلى إحداث تغيير كبير.
تحفيز الناس على التغيير من خلال الاعتماد بصورة رئيسية على طرح مبادئ سامية. فالمصالح الذاتية تتغلّب على المبادئ السامية.

هل أنت أفضل من يوصل الرسالة المطلوبة؟

تُعتبر المقاربة القائمة على “المنطقة المقبولة” فعّالة للغاية في العديد من الأوضاع، ولكن يجب الانتباه إلى أنّها تعاني من قصور أساسي: ففي بعض الأحيان قد يبدي الناس موقفاً قوياً راسخاً في أمر معيّن ليس لأنّهم فكّروا فيه مليّاً، ولكن نظراً لامتلاكهم إحساساً معيّناً بالهوية أو بسبب موقفهم الأخلاقي. فعلى سبيل المثال، في النقاشات الدائرة حالياً حول السياسات المرتبطة بالعلوم (بخصوص اللقاحات، والتغيّر المناخي، والكائنات المعدّلة وراثياً)، يتبنّى بعض الناس آراء تخالف النتائج العلمية، بسبب معتقداتهم الدينية أو لأنّهم يتماهون بقوّة مع الحركات التي تعارض التدخّل في الطبيعة والتلاعب بها. وأي شخص يحاول إقناع هؤلاء الأفراد بتبنّي موقف مدعوم علمياً، سيواجه تحدّياً كبير حتّى قبل أن يفتح فمه: فتماهيهم مع العلم يجعل أفكارهم مشبوهة من وجهة نظرهم. ويمكن استعمال مقاربة “المنطقة المقبولة” لإحداث تحرّك حتى في صفوف الأشخاص المتحزّبين بقوّة؛ ولكن ينبغي استعمالها بطريقة غير مباشرة وخفية أكثر. ومن التكتيكات التي يمكن اللجوء إليها للتغلّب على هذه المشكلة وإيصال الرسالة المطلوبة، الاستعانة بشخص يلقى اعتراضاً أقل، كالاستعانة بشخصية دينية ذات مصداقية أو بشخص ينتمي إلى ذات الفئة أو يحمل ذات العقيدة.

اقرأ أيضاً: 

الإمارات الأولى أوسطياً في الرضا الوظيفي

ماهي أسرار الإدارة الفاعلة العشرة؟

كيف تتخلصون من المشاريع الفاشلة في شركاتكم؟

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن