المركزي اليمني يكافح لحماية البلاد من الانهيار الاقتصادي

تاريخ النشر: 13 يونيو 2016 - 08:59 GMT
البنك المركزي اليمني
البنك المركزي اليمني

وسط الحرب الدائرة في اليمن يحافظ البنك المركزي على حياده لدرجة أنه يسدد مرتبات الجنود من الطرفين، حيث يصرف البنك المال للعاملين في القطاع العام سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة أو تحت سيطرة خصومها كما يضمن سداد مدفوعات الواردات الحيوية من الحبوب والدقيق.

وبحسب "رويترز"، فإن البنوك المركزية تلعب دورا مهما في الاقتصاد في دول كثيرة، لكن البنك المركزي اليمني وفي ظل الحرب الحالية يسعى للحفاظ على البلاد من الانهيار المالي وضمان عدم نفاد الغذاء، ويوجد مقر البنك في العاصمة صنعاء التي لا تخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا منذ سيطرت عليها ميليشيا الحوثي في أواخر عام 2014. ويمثل البنك المركزي الحصن الأخير للنظام المالي في هذه الدولة الفقيرة ويقول مسؤولون في البنك المركزي ودبلوماسيون أجانب ومصادر سياسية يمنية إن البنك يتولى إدارة الاقتصاد على جانبي الحرب.

وأشارت المصادر إلى أن استقلال البنك ليس مجرد ضرورة لأي مصرف مركزي، فتأمين الواردات ودرء شبح مجاعة يلوح في الأفق يستلزم ثقة جهات الإقراض والتجارة الدولية في قدرة البنك على إدارة العملة اليمنية الريال واحتياطيات النقد الأجنبي.

وتعتمد البلاد على الواردات في سد 90 في المائة من احتياجاتها، لكن الواردات آخذة في التراجع منذ بدأت الحرب ويحتاج 21 مليون نسمة من بين السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى شكل ما من أشكال المساعدات الإنسانية كما أن أكثر من نصف السكان يعانون سوء التغذية.

وذكر ألبرت جاجر رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في اليمن أنه من المنصف القول إن البنك المركزي جاد بكل تأكيد في التزام الحياد في مناخ سياسي وأمني في غاية الصعوبة وقد حقق نجاحا إلى حد كبير في الحفاظ على الاستقرار المالي الأساسي خلال الصراع. ويصرف البنك المركزي بانتظام مبالغ بالريال لسداد مرتبات الجنود الموالين للحوثيين وغيرهم من موظفي الدولة المسجلين في قوائم الأجور بالوزارات في الأراضي الخاضعة لسيطرة الجماعة، والمبالغ المعنية غير معروفة ولم تصدر إحصاءات رسمية من البنك منذ بدأت الحرب. وأفادت المصادر في البنك المركزي والدبلوماسيون والمصادر السياسية بأن البنك يرسل أيضا أموالا إلى مدينة عدن الساحلية التي أعلنتها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة لسداد مرتبات الأطباء والمدرسين وبعض الجنود في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في جنوب اليمن وشرقه.

وأضافت المصادر أنه رغم عدم وجود رحلات طيران مدنية على هذا المسار فإن طائرة تقلع كل بضعة أسابيع من شركة الخطوط الجوية اليمنية لنقل ما قيمته عدة ملايين من الدولارات بالريال من البنك المركزي في صنعاء إلى عدن في الجنوب.

وطلبت المصادر في البنك المركزي عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مصرح لها بالإدلاء بتصريحات علنية، وقال متحدث باسم البنك المركزي إن البنك قرر ألا يجري أي مقابلات صحافية خلال الأزمة، كما طلب الدبلوماسيون والمصادر السياسية عدم نشر أسمائهم لحساسية الوضع في البلاد.

وبدأت الأزمة في أيلول (سبتمبر) عام 2014 عندما اجتاح الحوثيون المتحالفون مع إيران العاصمة صنعاء، وتدخل التحالف العسكري العربي بقيادة السعودية في العام الماضي سعيا لإعادة الشرعية، وقد أثر الصراع على إمدادات مواد أساسية مثل الغذاء والوقود والدواء.

ويلعب البنك المركزي دورا أساسيا في الحفاظ على استمرارا تدفق السلع الضرورية فيضمن واردات الطحين والحبوب بالأسعار الرسمية لكنه ألغى مثل هذه التعهدات للأرز والسكر في شباط (فبراير) مع تناقص احتياطياته من الدولار، وقطعت مصارف غربية بالفعل خطوط الائتمان للتجار الذين يشحنون الغذاء إلى اليمن بسبب الفوضى الأمنية وهشاشة النظام المالي.

ويتزايد عزوف هذه المصارف عن إصدار خطابات الاعتماد التي تضمن الوفاء بمستحقات البائعين في مواعيدها، وقالت مصادر البنك المركزي والمصادر السياسية إن أي بادرة على تعرض السياسات المالية في اليمن واحتياطياته المتناقصة من النقد الأجنبي لسوء الإدارة قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في الواردات.

وأوضح مصدر في البنك المركزي أنه لو أن المصالح السياسية هي التي حركت السياسة النقدية لكان الريال قد خسر قيمته ولارتفع التضخم ولعجزت السلطات عن سداد المرتبات وضمان الواردات الغذائية، مضيفا أنه رغم أن للموظفين هنا آراء سياسية متباينة فنحن نعتز بتمسك البنك المركزي باستقلاله بطريقة قللت الأثر السلبي على حياة الناس.

وأفادت المصادر السياسية بأنه من المرجح أن يكون الحوثيون قد حصلوا من البنك المركزي على أموال أكثر مما حصلت عليه الحكومة إذ أضيف آلاف من مقاتليهم إلى قوائم مرتبات الجيش عندما سيطروا على العاصمة وأصبح من حقهم أن تسدد الدولة مرتباتهم.

ومع ذلك فقد التحق الكثير من القوات المؤيدة للشرعية بالخدمة بعد نشوب الحرب ولكن ليس لهم وجود على قوائم المرتبات، ومن ثم ليس من حقهم الحصول على مرتبات من الدولة، ويرجع جانب كبير من الفضل في استمرار البنك المركزي إلى محافظه محمد بن همام البالغ من العمر 69 عاما الذي تربطه صلات طيبة بطرفي الحرب.

ويقول الدبلوماسيون ومسؤولو البنك المركزي إن الطرفين المتحاربين اتفقا على "هدنة اقتصادية" غير مكتوبة يظل فيها البنك المركزي بعيدا عن التدخل السياسي لتفادي الانهيار الاقتصادي، وتلقى ابن همام ضمانات من مسؤولين حكوميين بأن حياد البنك سيحترم.

اقرأ أيضاً: 

«التنمية الإسلامي» يمنح اليمن 102 مليون دولار

العبادي بين ضغوط الاقتصاد وقيود السياسة

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن