رغم تعافي أسعار الخام، بسبب التأثير الناجم عن السياسات التقشفية التي تتبناها حكومات الخليج، إلا أن النظرة التشاؤمية حول نمو اقتصاد دول مجلس التعاون لا تزال مسيطرة على المحللين.
وأظهر استطلاع جديد لوكالة “رويترز”، شمل 19 محللاً، أنهم خفضوا متوسط توقعاتهم للنمو في 2016 لخمس دول خليجية (ما عدا الكويت)، كما خفض المحللون توقعاتهم لنمو دول الخليج بحلول 2017.
وارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت إلى نحو 40 دولاراً للبرميل من حوالي 30 دولاراً منذ الاستطلاع السابق الذي أجري أوائل يناير (كانون الثاني)، غير أن ذلك لن يعزز النمو على الأمد القصير بسبب استمرار الحكومات في اتخاذ إجراءات تقشفية جديدة للحد من عجز الموازنة الناجم عن تدني أسعار النفط.
ورأى كبير الخبراء الاقتصاديين في “بنك الكويت الوطني”، إلياس بخعازي، أن دول الخليج تمر بعامين من التباطؤ، بينما تستوعب المنطقة إلى حدٍ ما هبوط أسعار الخام والإصلاحات المالية، ويختلف تأثير تلك العملية بين الدول لكنه نمط شائع.
ولفت بخعازي، إلى أن المنطقة شهدت تأخير أو تقليص مشروعات حكومية باستثناء الكويت، لكن معظم المشروعات الرئيسية تمضي قدماً.
ومنذ يناير (كانون الثاني)، اتخذت دولة الإمارات، وسلطنة عمان، إجراءات جديدة لخفض الإنفاق أو زيادة الضرائب والرسوم، بينما تدرس دول أخرى خطوات مماثلة.
وذكر كبير الخبراء، أن خفض دعم الطاقة قلص إنفاق المستهلكين، لكن تأثير ذلك لا يزال محدود نسبياً، وتتم تلك التغييرات تدريجياً، ورغم تأثيرها السلبي إلا أن الاقتصادات تستطيع استيعابها.
ومن المتوقع حالياً نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي 1.5% في المتوسط هذا العام، انخفاضاً من 1.9% في التقديرات السابقة، وجرى خفض توقعات العام القادم من 2.2% إلى 1.9%، فيما سينمو اقتصاد دولة الإمارات 2.8% هذا العام.
ومن وجهة نظر الخبراء، ستتمكن دول “مجلس التعاون الخليجي” من تجاوز الركود بهوامش مريحة.
وفي المقابل، من المرجح أن تؤدي تكلفة المحافظة على الإنفاق الحكومي عند مستويات مرتفعة بما يكفي لتفادي الركود، إلى عجز ضخم في ميزانيات جميع دول الخليج هذا العام، فبعد تسجيل عجز هائل بلغ 15% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، من المتوقع أن تسجل السعودية عجزاً قدره 15.5% في 2016 ثم يتحسن إلى 9.7% في 2017.
ومن المتوقع أن تخفض الإمارات عجزها إلى 3.8% في 2016 و0.6% بحلول 2017.
واعتبرت “كابيتال إيكونوميكس”، أن خفض الإنفاق في السعودية سيساعد على تقليص العجز هذا العام، ما يسمح للرياض بالتكيف مع تدني أسعار النفط دون تخفيض قيمة عملتها، مضيفةً “كل هذا سيأتي على حساب تراجع النمو الاقتصادي، إذ نتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي 1.5% هذا العام انخفاضاً من 3.4 % في 2015”.
ورغم أن القطاعات النفطية في دول الخليج واصلت النمو مع زيادة الإنتاج، إلا أن هبوط أسعار الخام أدى إلى تقلص دخل الحكومات، ما دفعها إلى خفض الإنفاق والتخطيط لزيادة الضرائب، وبدا ذلك يؤثر سلباً في نمو القطاع الخاص بالمنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن المتوقع أن يزيد الضغط خلال الأشهر القليلة القادمة.
بدوره، أفاد “صندوق النقد الدولي” أن التوقعات لجميع المصدرين في منطقة الخليج تراجعت لأقل من توقعات يناير (كانون الثاني) الماضي التي كانت منخفضة بالفعل.
وانخفضت توقعات نمو دول الخليج من 3.75% خلال اجتماعات يناير الماضي، إلى 2%، كما رجح الصندوق تراجع عائدات صادرات النفط لـ2016 في الشرق الاوسط عن مستوياتها خلال 2015، والتي هبطت بمقدار 319 مليار دولار عن 2014.
وأوضح مدير إدارة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، مسعود أحمد، على هامش اجتماعات الربيع التي يعقدها الصندوق مع “مجموعة البنك الدولي”، أنه رغم استمرار تقلبات أسعار النفط إلى المدى المتوسط خلال 2020، إلا أن الأسعار ربما تصل إلى 50 دولاراً للبرميل.
و لحسن الحظ، تمتلك معظم دول الخليج الموارد المالية والقدرة على الاقتراض من الأسواق، وبحسب الصندوق دول المجلس ليست مضطرة للقيام بعمليات تكييف قاسية، وإن كان من الأفضل أن تتم بطريقة متدرجة.
وأعلنت أغلب دول الخليج مؤخراً عن نيتها الولوج في سوق السندات الدولية كالسعودية والكويت.
وتسعى دول الخليج الى كبح جماح النفقات غير الضرورية، وأعلنت دولاً عدة عن إجراءات تقشفية، وذلك لمواجهة تراجعات أسعار النفط، الذي يعد الممول الرئيسي لدول المنطقة.
اقرأ أيضاً:
بعد انخفاض أسعار النفط.. دول الخليج نحو الاقتصاد الصناعي
ما العوائق التي تقف أمام التنوع الاقتصادي في دول الخليج؟
مالفوائد التي تعود على المستهلكين في دول الخليج جرَاء هبوط النفط؟
ما مدى تأثر الاستثمارات الأجنبية في دول الخليج بتقلبات السوق؟