مالفوائد التي تعود على المستهلكين في دول الخليج جرَاء هبوط النفط؟

تاريخ النشر: 15 مارس 2016 - 10:55 GMT
اعتبر صندوق النقد الدولي أن هبوط النفط فرصة أمام دول “مجلس التعاون الخليجي” لتنويع الاقتصاد، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، وخلق بيئة مواتية للأعمال، وتوخي الحذر في التعامل مع النفقات العامة والإيرادات العامة
اعتبر صندوق النقد الدولي أن هبوط النفط فرصة أمام دول “مجلس التعاون الخليجي” لتنويع الاقتصاد، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، وخلق بيئة مواتية للأعمال، وتوخي الحذر في التعامل مع النفقات العامة والإيرادات العامة

تعد الإمارات الأقل تضرراً من هبوط النفط بين دول الخليج، حيث أعلنت مؤخراً عن سياستها لمرحلة ما بعد النفط، وأطلقت عليها “السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار”، التي تتضمن 100 مبادرة في القطاعات الصحية، والتعليمية، والطاقة، والنقل، والمياه، والتكنولوجيا، بعيداً عن النفط، كما أطلقت حكومة المستقبل لتعزز دور الشباب المبدع في الدولة.

واعتبر “صندوق النقد الدولي”، أن هبوط النفط فرصة أمام دول “مجلس التعاون الخليجي” لتنويع الاقتصاد، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، وخلق بيئة مواتية للأعمال، وتوخي الحذر في التعامل مع النفقات العامة والإيرادات العامة.

لكن، هل من فوائد ومزايا تعود على المستهلكين، جرّاء انخفاض أسعار النفط عالمياً، وبالتالي انخفاض كلفة المعيشة محلياً؟

خفض أسعار السلع والعقارات

أفاد الخبير المالي صلاح الحليان، أن هبوط النفط سيؤدي إلى انخفاض قيم الإيجارات وأسعار العقارات في الدولة، فضلاً عن انخفاض أسعار السلع الضرورية، نظراً لتراجع الكلفة، لاسيما في ضوء انخفاض سعر وقود الديزل، والنفط والنقل عموماً.

وأضاف أن انخفاض كلفة الإنتاج عالمياً لابد أن ينعكس على الأسعار في السوق المحلية، باعتبار أن معظم السلع فيها مستوردة.

واتفق المدير العام لشركة “تروث” للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، مع الحليان، بأن هبوط النفط سينعكس إيجاباً على المستهلك العادي، من خلال انخفاض أسعار السلع والخدمات في القطاعات المرتبطة بالنقل والشحن والطاقة والبترول.

وتوقع أن تشهد الفترة القادمة تراجع أو استقرار أسعار عدة سلع، تأثراً بوفرة الإنتاج وانخفاض الكلفة، مع نقص الطلب العالمي في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، مستبعداً حدوث أي زيادات سعرية وفق هذه الظروف.

ورجح مسلم، تراجع القيم الإيجارية وأسعار العقارات، فضلاً عن انخفاض أسعار مواد البناء الأساسية، مثل الحديد والإسمنت، في ضوء انخفاض الطلب، ما يوفر ميزات استثمارية لقطاع التشييد والبناء.

ونوه بأنه لا بديل عن خفض الأسعار من جانب المنتجين والمستوردين في السوق المحلية، بهدف تنشيط السوق وزيادة الطلب والمبيعات، وأن يشعر المستهلكون بتأثيرات الانخفاض خلال العام الجاري.

تراجع كلفة التصنيع

يعتقد الخبير في “صندوق النقد العربي”، إبراهيم الكراسنة، أن هبوط النفط سيؤدي إلى انخفاض كلفة عمليات التصنيع، وبالتالي تراجع أسعار السلع المستوردة، ما يعد أمراً مهماً لاسيما أن الواردات من “الاتحاد الأوروبي” والصين تشكل جانباً كبيراً من الميزان التجاري للدولة.

وذكر أن الوضع الاقتصادي في العالم يفرض على بعض الحكومات، ترشيد الإنفاق الحكومي، عبر إجراءات مثل إلغاء الدعم عن بعض الخدمات مثل المياه والكهرباء، وسيكون انخفاض أسعار النفط مفيداً لبعض الاقتصادات الأوروبية المستوردة للنفط.

تباطؤ استقطاب اليد العاملة

ويمكن أن يؤدي هبوط النفط إلى تراجع دخل بعض الأفراد، ما يدفعهم بالضرورة إلى ترشيد استهلاكهم، وتقليل معدلات الاستهلاك الترفي المبالغ فيه، لافتاً إلى نمط الحياة الاستهلاكية المفرطة محلياً، خصوصاً في استهلاك الغذاء، والملابس والسيارات الحديثة، ما أدى إلى انخفاض الادخار بشكل كافٍ، وعدم وجود أصول أو أملاك لدى البعض لمواجهة المستقبل.

وعليه، يجب زيادة معدلات الادخار في ضوء الظروف الحالية، وترشيد استخدام المياه والكهرباء والمواد الغذائية غير الضرورية،ما يؤكد أن الوضع الحالي يفرض التوجه نحو اقتصاد الإنفاق، وترشيد استخدام الموارد المتاحة.

ومن سلبيات هبوط النفط، تباطؤ بعض المشروعات العملاقة خلال الفترة القادمة، وبالتالي تباطؤ استقطاب الأيدي العاملة والموظفين، فضلاً عن إمكانية الاستغناء عن بعض العمالة في قطاع مثل المقاولات.

عام صعب يتطلب زيادة الادخار

واعتبر المدير العام لشركة “تروث” رضا مسلم،  أن 2016 سيكون عاماً صعباً على بعض الأفراد، على ضوء توقعات خفض الإنفاق الحكومي، واحتمالات حدوث تقليص العمالة في بعض القطاعات، معتبراً الوقت الحالي الأنسب لزيادة معدلات الادخار لدى الأفراد، وبناء ثقافة مالية رشيدة، تراعي عدم التبذير.

وبدوره، أكد الرئيس التنفيذي لمعهد “حوكمة” في دبي، أشرف جمال الدين، أن النفط أثر على دخل بعض الحكومات، وسيولة بعض الشركات، كما سيتأثر دخل بعض الأفراد أيضاً ما يتطلب الحذر، واللجوء إلى الادخار وعدم الإسراف.

وكشفت دراسة أجرتها مؤخراً غارديان لإدارة الثروات “GWM” ومقرها دبي، والتي شملت 3 آلاف شخص من عملائها في الخليج، عن قصور واسع النطاق في التخطيط للمستقبل المالي، فغالبية من شملتهم الدراسة كانت أجورهم تتراوح بين 40 و 60 ألف درهم شهرياً، ورغم ذلك، يدخر ثلاثة أرباعهم ما يقل عن 20% من الدخل للتقاعد.

وأظهرت دراسة أجراها موقع المقارنات المالية في منطقة الشرق الأوسط “compareit4me”، على عادات الادخار من سكان الإمارات، أنه رغم وجود مجموعة لا تقل عن نصف سكان دولة الإمارات تتدخر أموال من الأجور الشهرية للتقاعد أو حالات الطوارئ، إلا أن أكثر من 30 % لا يدخرون درهماً واحداً.

إلى ذلك، رأى خبراء أن أسعار السلع في الخليج سجلت مزيداً من الثبات أو الارتفاع، رغم تراجع أسعار النفط العالمية منذ منتصف 2014، ولا يكاد يشعر المستهلك بانخفاضها، موضحين أن غياب الرقابة على حركة الأسعار في الأسواق الخليجية، يعتبر عاملاً رئيساً وراء عدم الاستجابة لتراجعات النفط.

اقرأ أيضاً: 

بعد انخفاض أسعار النفط.. دول الخليج نحو الاقتصاد الصناعي

انخفاض أسعار النفط هل سيجبر دول الخليج على فك ربط عملاتها بالدولار؟

لاجارد تؤكد صندوق النقد يثق باقتصادات دول الخليج وقدرتها على مواجهة الانخفاض بأسعار النفط

انخفاض أسعار النفط يضع بنوك الخليج أمام اختبار ضغط السيولة