لفترات طويلة روجت دراسات كثيرة فكرة احتفاء المصريين القدماء بالموت واعراضهم عن الحياة استنادا الى تشييدهم قبورا فخمة وأهراما تعد أكبر قبور فى التاريخ.
لكن كتاب "روح مصر القديمة" ينفى هذه الفكرة حسب صحيفة العرب اونلاين، ويثبت تفاؤل المصريين وحبهم للحياة رغم المصاعب الكثيرة التى واجهت حضارتهم الفريدة.
فليس هناك شعب من الشعوب القديمة احتفى بالحياة الى حد بعيد مثل المصريين.
وتعتبر مؤلفة الكتاب انا رويز وهى عضوة جمعية دراسة الاثار المصرية فى كندا أنه فى مقابل حب المصريين للحياة كانوا يكرسون اهتماما كبيرا للاستعداد للموت.
وتفسر ذلك قائلة انهم سعوا الى اطالة الحياة والابقاء عليها اذ لم تكن الحياة فى تلك العصور سهلة وكان متوسط عمر الشخص العادى نحو 35 عاما ويزيد هذا المتوسط لدى الطبقات العليا بفضل رغد العيش والبعد عن العمل البدنى الشاق حتى أن رمسيس الثانى العظيم عاش نحو 96 عاما.
نشر الكتاب فى الولايات المتحدة الامريكية عام 2004 . وترجمه إلى العربية المصرية اكرام يوسف فى 307 صفحة كبيرة القطع. وصدر الكتاب عن مكتبة الشروق الدولية بالقاهرة والمجلس الاعلى للثقافة.
التعليم
وتربط المؤلفة بين زيادة عدد السكان فى مصر القديمة وفترات الاستقرار السياسى التى يترتب عليها زيادة الرخاء وامكانية الترقى الاجتماعي.
وتقول الكاتبة ان سكان مصر بلغ فى فترة العصر الذهبي، التى بدأت مع حكم الملك أحمس مؤسس الاسرة الفرعونية الثامنة عشرة نحو 1567 - 1320 قبل الميلاد، نحو ثلاثة ملايين نسمة وهو رقم تعتبره ضخما للغاية فى تلك العصور.
وتقول رويز أن الفرد من عامة الشعب بل من أفقر الطبقات فى مصر القديمة كان يستطيع أن يبلغ أعلى المستويات الرسمية بالتعليم المناسب والتدريب والاصرار . وقد تراوح عدد المتعلمين فى مصر القديمة بين واحد وخمسة بالمئة من عدد السكان وهى نسبة كبيرة فى عصر كانت الكتابة فيه اختراعا حديثا.
وتوصلت الباحثة الى أن نسبة المتعلمين زادت منذ الاسرة السادسة والعشرين نحو 664 - 525 قبل الميلاد.
كان يتعين على الطلاب أن يتقنوا نحو 700 حرف هيروغليفى وبنهاية الحقبة الفرعونية بلغ عدد الرموز المستخدمة فى الكتابة نحو خمسة الاف رمز.
وحظى محترفو الكتابة بامتيازات كالاعفاء من الضرائب ومن أداء الاعمال اليدوية مدى الحياة وكانت رواتبهم أكبر من النحاتين والرسامين.
كما تشير الى أن الكتابة رفعت من شأن بعض الذين احترفوها الى مرتبة الفرعون أو الحاكم. وتستشهد على ذلك بحور محب الكاتب البارزالذى ارتقى من قائد للجيش فى عهد توت عنخ امون الى حاكم للبلاد.
الحياة الاجتماعية
و تطرق كتاب "روح مصر القديمة" الى الحياة الاجتماعية للمصريين مشيرا الى أن الزواج كان يتم بموافقة الرجل والمرأة بموجب عقد يجوز انهاؤه فيما بعد بالطلاق الذى لم يكن شائعا وفى حالة حدوثه كانت المطلقة تحتفظ بما كانت تملكه عند الزواج اضافة الى حصولها على ثلث ممتلكاتهما المشتركة قبل الطلاق.
وفى حالة وفاة الزوج كانت أرملته تستحق ثلثى أملاكهما المشتركة ويقسم الثلث الباقى بين الابناء ويليهم اخوة الزوج.
واذا توفى الابوان فان الابن يرث الارض فى حين تؤول المجوهرات والاثاث وأدوات المنزل الى الابنة التى تملك كل شيء اذا خلت الاسرة من الذكور.
وتنفى المؤلفة انتشار الزواج بين الاخ وأخته فى مصر القديمة مشددة على أن هذا فهم خاطئ حيث كان كلمة "أختي" التى يشير بها الزوج الى زوجته فى حب مرادفة لكلمة "عزيزتي" أو "زوجتي".
وفى سياق الحق فى الارتقاء الوظيفى والاجتماعى تقول المؤلفة ان حضارة مصر القديمة على خلاف الحضارات القديمة الاخرى حققت للمرأة مساواة مع الرجل فى الحقوق والامتيازات حيث كان لها حق امتلاك الاراضى والعقارات وادارتها وبيعها وابرام التعاقدات وتمثيل نفسها فى المنازعات القانونية كما أتيح للمرأة العمل مستشارة الفرعون وكاتبة وطبيبة.
وتضيف أن سجلات الدولة القديمة تثبت أن بيشيشت التى عاشت فى عهد الاسرة الخامسة نحو 2494 - 2345 قبل الميلاد حملت لقب رئيسة الاطباء وفقا للنقش الموجود على شاهد قبرها .ويعتبر الباحثون السيدة بيشيشت أول طبيبة فى التاريخ المدون.
وتشيرالدراسة الى أن ما أصبح يعرف بالزواج السياسى كان موجودا فى مصر القديمة حيث أرسل حكام لممالك مجاورة بناتهم ليصبحن زوجات سياسيات لبعض الفراعنة حيث تزوج كل من أمنحتب الاول نحو 1546 - 1526 قبل الميلاد وتحتمس الرابع نحو 1425 - 1417 قبل الميلاد أميرتين من سوريا كما تزوج الاول شقيقة أحد ملوك بابل.
أما رمسيس الثانى فتزوج الاميرة هيتيتى من طرطوس بهدف تسوية خلافات قديمة بين البلدين.