الأزمة في اليونان في كتاب «صعود اليونان الكلاسيكية وانهيارها»

تاريخ النشر: 13 أغسطس 2015 - 05:50 GMT
البوابة
البوابة

تعيش اليونان فترة حاسمة من تاريخها في الفترة الراهنة. إنها على «حافة» الانهيار على المستوى الاقتصادي ومهددة بالخروج من منطقة اليورو وبالتالي من الاتحاد الأوروبي. في مثل هذا السياق يبدو من الطبيعي أن تصدر عدّة كتب لشرح الحالة اليونانية وأسباب أزمتها والمآلات التي يمكن أن تصل لها الأمور.

هذا على أساس أن الأزمة اليونانية هي بمثابة «الاختبار حقيقي» لما يمكن أن تؤول له مسيرة التوحيد الأوروبية التي بدأت في خمسينات القرن الماضي، العشرين، وانتهت إلى قيام الاتحاد الأوروبي الذي يضم اليوم 27 بلدا أوروبيا. لكن اليونان الصغيرة والمهددة اليوم تمثّل أحد الجذور التاريخية للحضارة الأوروبية الحديثة.

وقد كانت لفترة طويلة بمثابة المنارة الفكرية والفلسفية في القارّة القديمة وأبعد منها في العالم؛ كما كانت أثينا هي المدينة ــ الدولة الأكثر عراقة في التاريخ الأوروبي كلّه. لكن ذلك كلّه غدا ينتمي إلى الماضي البعيد بعد انهيار تلك اليونان القديمة «الكلاسيكية» العريقة.

و«صعود اليونان الكلاسيكية وانهيارها» هو بالتحديد عنوان كتاب الأستاذ الجامعي «جوزياه اوبير» الأخصائي بالفكر السياسي وبالممارسات الحياتية في الحضارة اليونانية القديمة، وصاحب العديد من الكتب عن تلك الحضارة. ويتوزّع هذا الكتاب «مناصفة» بين خمسة فصول ذات طابع «نظري» وخمسة تالية «ذات طابع تاريخي» يخص اليونان القديمة.

الصورة التي يرسمها المؤلف لليونان في الصفحات الأولى من الكتاب هي أنها كانت في القسم الأكبر من تاريخها «بلادا فقيرة». لكنه يؤكّد أن إرثها الحضاري يعود لفترة ثرائها وليس لواقع فقرها. وينقل عن اللورد بايرون أنه وصف اليونان «الكلاسيكية» تلك بالبلاد «العظيمة» و«الخالدة».

ومن التوصيفات التي تتردد في تحليلات هذا الكتاب أن الكثير من اليونانيين كانوا يقطنون آنذاك في الحقبة التاريخية التي يُطلق عليها توصيف «الكلاسيكية» بلادا «مكتظّة بالسكان» و«ذات درجة عمرانية متقدّمة» مع «تزايد مشهود في الاستهلاك العام».

ذلك إلى جانب تضاؤل الاعتماد على الزراعة، كما يحدد المؤلف القول.. وكانت هناك شرائح واسعة من السكان يعيشون في «منازل كبيرة» و«يتقاضون مرتبات عالية في قطاعات المهن ذات الاختصاص».

ويرى المؤلف أن هزيمة أثينا أمام اسبرطة في حروب «البوليبينيز» عام 403 قبل الميلاد كانت بمثابة «كارثة حقيقية». ثم اجتمعت ظروف عديدة دفعت بذلك النموذج ــ الموديل ــ اليوناني الفريد في سياقه التاريخي إلى التقهقر وصعود النموذج الروماني مع قدوم العصر الميلادي.