هجوم الثوار الليبيين على بني وليد ينتهي بانسحاب فوضوي

تاريخ النشر: 18 سبتمبر 2011 - 08:15 GMT
مقاتلون مناهضون للقذافي يدخلون قرية قرب سرت
مقاتلون مناهضون للقذافي يدخلون قرية قرب سرت

انسحبت قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي بشكل فوضوي يوم الاحد من بلدة بني وليد بعد فشل محاولة اخرى لاقتحام المعاقل الاخيرة للموالين للزعيم المخلوع معمر القذافي.

وتواجه قوات المجلس الوطني الانتقالي منذ استيلائها على العاصمة طرابلس الشهر الماضي مقاومة شرسة في بني وليد وسرت مسقط رأس القذافي واللتين يتعين السيطرة عليهما قبل الاعلان عن "تحرير" ليبيا.
وحاول مقاتلون مناهضون للقذافي اكثر من مرة اقتحام بني وليد الواقعة على بعد 150 كيلومترا الى الجنوب الشرقي من طرابلس في الايام القليلة الماضية لكنهم كانوا يتراجعون تحت وطأة نيران كثيفة من المدافعين عن البلدة. وكانت محاولة يوم الاحد الفاشلة هي الاسوأ على ما يبدو من بين المحاولات السابقة مما أدى الى تبادل الاتهامات الغاضبة بين المهاجمين.
وقال مقاتلون تابعون للمجلس الوطني الانتقالي انهم خططوا كي تقود الدبابات والشاحنات المزودة بمدافع مضادة للطائرات وقاذفات الصواريخ الهجوم لكن المشاة تقدموا أولا دون اصدار أوامر.
وقال زكريا تهام وهو مقاتل كبير بوحدة مقرها طرابلس "هناك افتقار للتنظيم حتى الان. المشاة يركضون في كل الاتجاهات... قيل لقادتنا ان وحدات المدفعية الثقيلة كانت قد انطلقت بالفعل لكن عندما زحفنا الى بني وليد لم نجدها في أي مكان."
وتابع "قوات القذافي كانت تهاجمنا بشدة بالصواريخ وقذائف المورتر ولهذا انسحبنا."
ورأى مراسل لرويترز مقاتلين ينسحبون على بعد نحو كيلومترين بعد أن كانوا اقتحموا المدينة.
وألقى مقاتلون مناهضون للقذافي من بني وليد باللائمة على رفقاء سلاح لهم من اماكن اخرى في ليبيا كونهم غير مستعدين للتنسيق. في حين اتهم مقاتلون من خارج بني وليد بعض المقاتلين المنتمين للبلدة بالخيانة وبنقل معلومات للموالين للقذافي.
وقال مقاتل من المجلس الوطني يدعى محمد صالح "القادة العسكريون من قبيلة ورفلة يبلغونا بشيء ثم يقول لنا القادة العسكريون من المدن الاخرى بشيء اخر. لا نفهم شيئا."
وأضاف "ولهذا فاننا ندخل فحسب وننسحب بدون هدف واضح. من المستحيل الاستيلاء على هذه المدينة بهذه الطريقة. سيتواصل الامر على هذا المنوال لحين ارسال المزيد من القوات المتمرسة التي تعرف كيف تستخدم اسلحتها."
ورفض بعض المقاتلين علنا اطاعة الاوامر. وفي واقعة ما تعرض ضابط من بني وليد للمقاطعة أكثر من مرة من جنود من طرابلس بعد ان أمرهم بالتوقف عن اطلاق النار بشكل عشوائي في الهواء عندما كانوا يحتفلون بالاستيلاء على مدفع مورتر من قوات القذافي.
ورد عليه جندي من طرابلس قائلا "انت لست قائدي. لا تخبرني بما أفعله."
وتردد دوي القذائف فوق المواقع التي تسيطر عليها القوة المناهضة للقذافي ودوت في أنحاء الصحراء بينما أطلق قناصة الرصاص من فوق أسطح المنازل في بني وليد وتصاعد الدخان من البلدة.
وساعد مقاتلون من المجلس الوطني الانتقالي بعض الاسر على الجلاء عن البلدة ونقلوهم الى خارجها في شاحنات عسكرية صغيرة.
وقالت امرأة تدعى زمزم الطاهر (38 عاما) وهي ام لاربعة ابناء "كان الاسبوعان المنصرمان مخيفين لكن الليلة الماضية كانت سيئة على نحو خاص.. حوصرنا هنا بدون سيارة وبلا طعام. القناصة في كل مكان."
وأضافت "الخطأ الاكبر الذي ارتكبه المقاتلون المناهضون للقذافي هو انهم يدخلون ويغادرون بدون اقامة نقاط تفتيش. عندما يغادرون تأتي ميليشيا القذافي بنقاط التفتيش الخاصة بهم وبراياتهم ويروعون السكان."
في الوقت نفسه هاجمت قوات المجلس الوطني الانتقالي والطائرات التابعة لحلف شمال الاطلسي مدينة سرت مسقط رأس القذافي. وأطلق مقاتلون مناهضون للقذافي صواريخ من المدخل الجنوبي لمدينة سرت يوم الاحد وتبادلوا اطلاق النار مع قوات موالية للقذافي تتحصن في مركز للمؤتمرات.
وقال محمد عبد الله وهو من المقاتلين المناهضين للقذافي على أطراف المدينة الساحلية "الوضع خطير جدا جدا."
ومضى يقول "هناك الكثير من القناصة وكل أنواع الاسلحة التي يمكن تخيلها" بينما تردد دوي انفجار الصواريخ وتصاعدت أعمدة الدخان من سرت.
وقام مسعفون بتنظيف ارضية مستشفى ميداني صغير على الاطراف الغربية لسرت استعدادا لاستقبال المزيد من المصابين في اعقاب اشتباكات دموية لكنها غير حاسمة في اليوم السابق. وقال طبيب ان 16 مقاتلا من القوات المناهضة للقذافي وسائق سيارة اسعاف لقوا حتفهم في قتال يوم السبت. كما أنه استقبل 62 مصابا.
وسقطت قذيفة داخل 200 متر من الخطوط التي تسيطر عليها قوات المجلس الوطني الانتقالي ليردوا عليها باطلاق النيران وسط صيحات التكبير.
وقال محمد عثمان احد المقاتلين المناهضين للقذافي في سرت بينما كانت طائرات حلف الاطلسي تحلق على ارتفاع منخفض ان رجاله يساعدون العائلات التي لاذت بالفرار قبيل الهجوم القادم.
وأضاف "لا نريد المزيد من اراقة الدماء بيننا. ولكن اذا كانت القذاذفة تريد المزيد من الدماء فنحن مستعدون" في اشارة الى قبيلة الزعيم الليبي المخلوع. وتابع "في النهاية نحن نريد القذافي."
وكانت عشرات من السيارات والشاحنات التابعة لمدنيين قد سارعت في وقت سابق يوم الاحد بالخروج من المدينة وتحدث سكان عن انقطاع في امدادات المياه والكهرباء وسط معارك في الشوارع. وقالوا ان قوات القذافي تجوب شوارع وسط المدينة مما أحال حياتهم الى جحيم.
وقال طاهر المنسلي (33 عاما) وهو احد السكان بينما كان مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي يفتشون سيارته عند نقطة تفتيش "الوضع سيء للغاية. الناس يعيشون في رعب."
وأضاف "قوات القذافي تحاول اقناع الناس بأن الثوار مجرمون وأنه لابد من قتلهم. حتى اذا لم تكن تصدق هذا فلابد أن تظهر أنك مقتنع."
وفي مكان مجاور كان هناك ثلاثة شبان يركعون على الرمال بجوار الطريق وكانت أيديهم مقيدة وراء ظهورهم. وقال مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي انهم وجدوا بندقيتين وذخيرة في سيارتهم.
واتهم موسى ابراهيم المتحدث باسم القذافي حلف شمال الاطلسي يوم السبت بقتل 354 شخصا خلال غارات جوية على مدينة سرت مساء يوم الجمعة وهو اتهام لم يتسن لرويترز التحقق منه من مصدر مستقل. وقال متحدث باسم الحلف في نابولي ان مثل تلك التقارير في الماضي ثبت كذبها.
وأضاف ابراهيم في مكالمة هاتفية مع رويترز عبر الاقمار الصناعية أن قوات القذافي ستتمكن من مواصلة القتال وان لديها من السلاح ما يكفي شهورا قادمة.
وقال متحدث باسم الجيش البريطاني ان طائرات حربية بريطانية تعمل تحت تفويض الامم المتحدة لحلف شمال الاطلسي بحماية المدنيين الليبيين قصفت مستودعا للذخيرة تابعا لقوات القذافي الى الغرب من سرت يوم الاحد بعد تدمير حاملة جند مدرعة وشاحنتين مدرعتين في منطقة سرت قبل يومين.
ويتقدم المزيد من مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي من الشرق لتعزيز اولئك الذين يهاجمون سرت. وقوبل التقدم البطيء والحذر بمقاومة من المقاتلين الموالين للقذافي الذين اطلقوا صواريخ جراد ونيران الاسلحة الرشاشة مما ادى الى تصاعد اعمدة الدخان في الهواء.
وقال مقاتل يدعى علي حسن الجابر "لن نتراجع وسنصل بمشيئة الله الى سرت اما الليلة او غدا."
وخارج بني وليد ألقى مقاتلون من المجلس الوطني الانتقالي القبض على رجل من تشاد المجاورة واتهموه بأنه مسلح يعمل لصالح القوات الموالية للقذافي.
وقال الرجل الذي قال ان اسمه محمد ايزين وكان يرتعد خوفا انه ليست له علاقة بالحرب. وقال "أنا مجرد راعي.. أي قتال.. أي قتال.." في الوقت الذي كان المقاتلون المناهضون للقذافي يدفعونه وهم يقولون "لا تكذب.. لا تكذب."

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن