تشهد الساحة العالمية اعترافات متلاحقة من دولٍ وازنةٍ بالدولة الفلسطينية كان آخرها اعتراف كُلاً من فرنسا، وبلجيكا وغيرها من الدول إضافة إلى المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال التي سبقتها بيومٍ واحدٍ لتصل قائمة الدول المعترفة بفلسطين في الأمم المتحدة إلى نحو 150 دولة من أصل 193.
فما الذي تعنيه هذه الاعترافات؟
وكيف تنعكس على الحالة السياسية لفلسطين؟
وهل ستُمكّن هذه الاعترافات من إنهاء الحرب على غزة؟
(Photo by Adrian DENNIS / AFP)
طابع رمزي بأهمية سياسية وآفاق قانونية
على الرغم من أن الاعتراف يحمل طابعاً رمزياً؛ إلا أنه يضع دولة فلسطين ودولة الاحتلال على مسافةٍ واحدةٍ من حيث معاملتهما بالقانون الدولي، إلى جانب إقرار هذه الدول بالحقوق الفلسطينية وفي صدارتها حق تقرير المصير، ذلك إضافةً إلى تُمهّيد هذه الاعترافات الطريق لحل الدولتين ونيل فلسطين للعضوية الكاملة بالأمم المتحدة التي تتطلب موافقة من الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن بما يشمل كُلاً من بريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، والولايات المتحدة، إذ تضمن فلسطين حالياً وبعد الاعترافات الأخيرة؛ أصوات 4 من هذه الدول بينما تواصل الولايات المتحدة فقط إعاقتها للأمر عبر حق النقض "الفيتو" معارضة الاعتراف بذريعة انتظارها التوصل لاتفاق بين الفلسطينيين والاحتلال من خلال المفاوضات.
صعود للدبلوماسية الفلسطينية على حساب الاحتلال
وفيما تتيح الاعترافات توطيد فلسطين لشخصيتها السياسية والقانونية وعلاقاتها مع الدول في مختلف المجالات لا سيما ما يتعلق ببناء وترميم الاقتصاد الفلسطيني المتدهور، وكذلك تعزيز قدرة الدولة الفلسطينية على محاسبة الاحتلال بثقلٍ أكبر في المحافل الدولية مثل محكمتي العدل والجنايات الدوليتين؛ فقد تُقلّص هذه الاعترافات علاقات أصحابها مع دولة الاحتلال ومراجعة جوانب منها، بالوقت الذي يرى فيه مراقبون أن الاحتلال لن يسمح بقيام هذه الدولة حتى وإن كانت منزوعة السلاح في ظل تصريحاته المتواصلة بالرفض والتهديد، وإجراءاته العملية على الأرض بما يشمل تعزيز الاستيطان وضم الضفة الغربية والتلويح باحتلال قطاع غزة والاستيطان فيه، فضلاً عن مضيه في تفكيك السلطة الفلسطينية ومحاصرة الاقتصاد الفلسطيني.
الاعتراف وحده لا يوقف حرب الإبادة
الاعتراف أيضاً يُغّير نظرة الدول المُعترفة بالدولة الفلسطينية تجاه الحرب على غزة من كونه نزاع مسلح إلى اعتداءٍ على دولة ذات سيادة؛ مما يُسهم في إتاحة فرض المزيد من العقوبات على دولة الاحتلال وإلزامها بوقف الحرب وإدخال الاحتياجات للقطاع، إلا أن وقف الحرب بالسبل الأممية يتطلب قراراً من مجلس الأمن بوضع دولة الاحتلال تحت البند السابع الذي يتيح التدخل بالقوة من خلال إرسال قواتٍ أممية إلى غزة لردع الاحتلال، الأمر الذي تستمر الولايات المتحدة في منعه والحؤول دون حدوثه عبر فرضها حق النقض "الفيتو" دفاعاً عن حليفتها دولة الاحتلال.