في الوقت الذي اعلنت فيه عدد كبير نت الدول العربية عن رغبتها بامتلاك طاقة نووية اعلنت اسرائيل عن خشيتها من ذلك وكنها ل زالت تعتبر ايران الخطر الاول .
عشرات السنين من التفكير والقلق بشأن ما اذا كان العالم العربي سيحاول اللحاق بقدرات اسرائيل النووية فان الدولة اليهودية ربما تواجه سباق التسلح الذي كانت تخشاه.. والسبب في ذلك عدوها اللدود ايران.
ويقول خبراء ان رد فعل اسرائيل يمكن أن يأتي بصور مختلفة إزاء الشكوك التي تكتنف الانتشار النووي في المنطقة.
وقال افنر كوهين مؤلف دراسة (اسرائيل والقنبلة) "ما نشهده من احتمال امتلاك ايران ودول عربية قنبلة سرية يمثل تغيرا كبيرا. ومن وجهة نظر اسرائيل فانه يثير تساؤلات خطيرة للغاية."
وفي الوقت الراهن يبدو أن اسرائيل ليست في عجلة للتخلي عن سياسة السرية النووية التي حققت لها منافع كثيرة والتي تقول انها سمحت لها بردع أعدائها وفي الوقت ذاته تجنبت أنواع الاستفزاز العلني الذي كان من الممكن أن يستدرجها الى سباق تسلح نووي.
وبالرغم من أن اثنتين من الدول العربية الراغبة في الحصول على الطاقة النووية في الوقت الحالي وهما مصر والاردن أبرمتا معاهدتي سلام مع اسرائيل كما أن باقي الدول من غير المُرجح أن تلجأ للحرب فان هذا لا يرقى الى حد تحقيق الهدوء في المنطقة والذي يقول المسؤولون الاسرائيليون انه لابد أن يسبق أي مراجعة استراتيجية.
شمعون بيريز
وأقر شمعون بيريس نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ومهندس الاستراتيجية النووية الاسرائيلية بأن بعض الدول العربية مثل الاردن يمكنها أن تستفيد من الطاقة النووية كبديل للنفط ولكنه قال ان عراقيل كبيرة ستقابلها فيما يتعلق بالتمويل وعمليات التفتيش الدولي الملزمة.
وصرح بيريس لرويترز في مقابلة بأنه "اذا كانت دول عربية ترغب في تطوير وقود نووي للاغراض السلمية فعليها أن تفعل ذلك في اطار القانون الدولي. انه ليس شيئا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها. انه لا يمثل مشكلة."
ووصف العرب بأنهم يمثلون خطرا على اسرائيل أقل من ايران التي تقول ان برنامجها النووي سلمي تماما ولكن رئيسها محمود أحمدي نجاد أثار مخاوف من احتمال قيام حرب عندما حث على "محو اسرائيل من على الخريطة" وأنكر حدوث محرقة اليهود.
وأردف بيريس قائلا "العقلاء لا يشجعون فكرة حرب نووية" مضيفا أن على اسرائيل أن تحتفظ بعلاقات طيبة مع الدول العربية التي وصفها بالمعتدلة والقوى الغربية في مواجهة ايران.
ومضى يقول "كما أن على اسرائيل الحفاظ على ضبط النفس" في اشارة فيما يبدو الى سياسة "الغموض" التي كان هو من وضعها.
وتقول اسرائيل التي دمرت مفاعلا نوويا عراقيا في غارة جوية عام 1981 انها لن تتقبل ايران المسلحة نوويا.
لكن زعماء اسرائيليين أوضحوا أنه في الوقت الراهن تعتمد الدولة اليهودية على الولايات المتحدة حليفتها الرئيسية والدول الغربية للتوصل الى حل دبلوماسي.
ويقول محللون مستقلون ان اسرائيل ستتعرض في نهاية الامر لضغوط لقبول الكشف بقدر أكبر عن قدراتها النووية للحيلولة دون لجوء أي دولة عربية ربما تملك قدرات نووية في المستقبل الى مشاريع سرية لصنع القنابل.
وقال مارك فيتزباتريك الخبير في الحد من التسلح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "ما لم توسع مصر ودول أخرى من بنيتها الاساسية النووية فان السؤال الذي سيطرح نفسه هو ما اذا كانت هناك أمور يمكن لاسرائيل أن تقوم بها لمساعدتها في اتخاذ قرار بالتخلي عن التخصيب والمعالجة (لليورانيوم)."
ومضى فيتزباتريك يقول "لا بد أن يكون ذلك في مجال الحد من التسلح." وكمثال لاتفاق لا يتطلب أن تعلن اسرائيل عن قدراتها اقترح فيتزباتريك موافقة اسرائيل على اغلاق المفاعل النووي الرئيسي في ديمونة كبادرة على حسن النوايا في الوقت الذي تحتفظ به بمخزونات المواد الانشطارية التي تستخدم في صنع القنابل.
ولكن فيتزباتريك قال ان مثل هذه الخطوات المحدودة قد لا تكون مقبولة للعالم العربي الذي رأى طويلا ازدواجية في المعايير في قبول الغرب الضمني لرفض اسرائيل الانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي والاعتراف بالمفتشين الاجانب على الانشطة النووية.
واتفق مع ذلك جاري سامور وهو خبير في حظر الانتشار النووي بنيويورك.
قال سامور "ما من شك انه في حالة حصول ايران على أسلحة نووية فان الدول العربية بقيادة مصر سترى أن الحل هو وجود اتفاقية اقليمية للحد من التسلح الامر الذي سيتطلب من اسرائيل التخلي عن أسلحتها النووية."
ورحب المؤلف كوهين بمثل هذا الاقتراح وقال ان اسرائيل ربما تكون مستعدة لاخذ زمام المبادرة. وأضاف "عدم وجود أسلحة نووية مع أي أحد أفضل من امتلاكنا جميعا لها."
ولكن سامور أشار الى أنه مع اصرار ايران وبعض الدول العربية على عدم الاعتراف باسرائيل فان الجهود الدبلوماسية والثقة المتبادلة وهما عنصران لازمان لاتفاقية أسلحة كبرى سيكونان شبه مستحيلين.
وذكر أن على اسرائيل البقاء في نفس المسار على أمل وقف الخطط النووية الايرانية في الوقت المناسب لمنع قيام سباق للتسلح.
وقال سامور "من المهم ان تواصل اسرائيل الابقاء على سياسة الغموض. اذا أعلنت اسرائيل صراحة عن قدراتها النووية أو كشفت عنها أعتقد أن هذا سيزيد بصورة كبيرة من الضغوط على العرب (للدخول في سباق تسلح)."
وقال مسؤول دفاع اسرائيلي رفيع تحدث الى رويترز بشرط عدم نشر اسمه انه اذا فقدت اسرائيل احتكارها للطاقة النووية في المنطقة "فان هذا قد يعني تحولا كبيرا في صنع السياسات لدينا. ولكن بالنسبة للوقت الراهن فان الاولوية الرئيسية هي منع ايران من الحصول على القنبلة."