لا تعتبر الهجرة الجماعية في الشرق الأوسط أمراً جديداً على سكان هذه المنطقة بسبب الحروب والتوترات الإقليمية والداخلية، غير أن ضخامة أعداد المهاجرين ذات تأثير مدمر عليهم وعلى سكان المناطق المضيفة لهم. وفر عشرات آلاف اللبنانيين خلال الحرب الأهلية إلى سورية، وعشرات الآلاف من الكويتيين في عام 1990 هرباً من غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لبلادهم، إضافة إلى فرار ملايين العراقيين من بيوتهم بسبب الغزو الأميركي لبلادهم عام 2003.
ويعيش اليوم مئات آلاف السوريين في أوضاع صعبة بلبنان جراء الصراع الدائر في بلادهم، حيث يقول لبنانيون إن هذا الامر يثقل كاهل الاقتصاد في بلدهم.
ولا أحد يمكنه أن ينكر الآثار الكارثية للهجرات الجماعية في الشرق الأوسط التي من شأنها تدمير مجتمعات بأكملها، وتفكك هويات قبلية وعائلية وتحول المدنيين إلى جحافل ضخمة من المشردين والبؤساء.
وبشكل خاص كان للصراع في سورية العديد من التبعات ومنها البؤس والجوع والأمراض، فمن غير المستغرب أن ينتشر شلل الأطفال في سورية، الأمر الذي سيوجب تطعيم نحو 20 مليون طفل في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط من تركيا إلى غزة ومصر. كما أن اللاجئين السوريين إلى مصر الذين تلقوا سابقاً معاملة جيدة، حيث تم توفير العلاج والدراسة والتعليم مجاناً لهم، بدأوا أخيراً يعانون من تطبيق إجراءات مشددة بحقهم تقيد تحركاتهم وتراقب تصرفاتهم.
وعلى الرغم من مضي عقود على مأساتهم، فإن أحداً في المنطقة والمتابعين لشؤونها لا يمكنه أن ينسى كيف تم تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني من بلادهم، ليصبحوا مشردين ولاجئين في مخيمات في بلدهم والبلدان المجاورة كالأردن ولبنان وسورية ومصر والعراق. وربما يكون أكثر ما نخشاه أن يغلق العالم في ظل هذه المأساة حدوده أمام هؤلاء اللاجئين ويكتفي برمي بعض المال للمساعدة على تضميد جراحهم وحل مؤقت لمشكلاتهم.