جميع فصائل الإسلام السياسي، غير الجهادي، في مصر أدانت حادث محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم، التي لم يعلن أي تنظيم عن تبنيها حتى الآن.
القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين»، عمرو دراج، الذي قاد التفاوض بين الدولة والوسطاء الدوليين للوصول إلى هدنة، كتب عبر تدوينة قصيرة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «أدين بكل قوة حادث استهداف وزير الداخلية وأطالب بتحقيق يظهر الفاعل ودليل ادانته الدامغ».
وكذلك أعلن «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، الذي أسسته جماعة «الإخوان المسلمين» وبعض القوى الإسلامية بما في ذلك «الجماعة الإسلامية» والجهاديون السابقون، أنه «يعارض أي أعمال عنف حتى وإن كانت ضد من ارتكب جرائم بحق الشعب، لأننا نستهدف الإعلاء من شأن دولة القانون»، محذراً من احتمال «استخدام مثل هذه الأحداث لمد حالة الطوارئ والتوسع في استخدام البطش والقمع والاعتقال التي تنتهجها «سلطة الانقلاب».
كذلك، قال رئيس «حزب النور» السلفي يونس مخيون، في بيان صحافي، أمس إن «الحزب يدين استخدام العنف بكل طرقه وأشكاله، ويرى أن مثل هذه الأعمال لا تزيد الأمور إلا تعقيدا واشتعالا، ولا تصب في المصلحة الوطنية، وتعوق جهود التهدئة والمصالحة»، داعيا إلى الاسراع في «السعي لإنجاح مساعي المصالحة الوطنية ولم الشمل لإغلاق الباب على كل متربص بهذا الوطن».
وأكد «حزب مصر القوية» الذي يترأسه القيادي «الإخواني» السابق عبد المنعم أبو الفتوح، في بيان صحافي، أن «محاولة اغتيال أي مواطن مصري أياً كان موقعه هي عمل حقير أياً كان مرتكبه»، داعيا «جهات التحقيق إلى تحري الدقة وإنجاز مسار التحقيقات، وعدم اتخاذ الحادث ذريعة للتنكيل بأي مواطن شريف، من دون أدلة إدانة واضحة».
«حجم الدمار ضخم، لكن الخبرات ليست كبيرة، وبشكل عام، يمكن توفير مكونات القنبلة محليا، وهي تحتاج لخبرات كبيرة في التفخيخ والدوائر والوصلات الكهربائية»، يشرح الدكتور كمال حبيب أحد قيادات المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية في المعتقلات.
ويضيف الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية في حديث إلى «السفير»: «رصدت لفترة تنظيم التوحيد والجهاد الذي نفذ تفجيرات طابا ودهب وشرم الشيخ خلال الأعوام 2004 و2005 و2006 على التوالي، وكان منفذو عمليات التفخيخ حاصلين على مؤهلات متوسطة، لكنهم عملوا في المجالات الكهربائية وتصنيع دوائرها، واعتقد أن المقارنة بين هذه التفجيرات التي استخدم فيها أسلوب التفخيخ في حادثة الأمس يوضح أن الأخيرة ليست محترفة بدرجة كبيرة كسابقاتها، وقد يكون هذا مؤشر خطورة».
ويشرح حبيب ان «تنظيم التوحيد والجهاد في سيناء نشأ على علاقات الجيرة والصداقة، وكان الأعضاء مدفوعين بشعور إسلامي فطري، وهو القضية الفلسطينية وما يرتكب من قبل الاحتلال وتواطؤ الدولة المصرية معه، وهو ما قد يحدث هذه المرة»، مشيراً إلى أن ثمة احتمالاً في أن يكون الحادث من تدبير «شبكات عنف» جديدة تكونت تحت ضغط ما حدث في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة والعنف المصاحب لهما.
وعن تأخير الإعلان عن الجهة التي تتبنى العملية، يقول حبيب: «قد يأخذ ذلك بعض الوقت، وأتوقع أن تعلن جهة ما عن مسؤوليتها عن الحادث لأن الهجوم له هدف رمزي، إلا إذا كانت هناك جماعات صغيرة بدأت في الظهور والتشكل تحت الأرض بالفعل».
«بيانات الادانة كلها أشياء لا تنفي التهمة أو تثبتها، والتحقيقات ستظهر المتورطين في الجريمة، لأن البيانات عموما ليست قرينة لنفي أو إثبات أي شيء»، يقول اللواء ممدوح قطب، المدير العام السابق لجهاز المخابرات العامة المصري.
ويضيف قطب، في حديث إلى «السفير»: «نحن نشهد تطورا متسارعا وخطيرا في عمليات العبوات الناسفة، وأعتقد أن الأمور قد تشهد تصاعدا خطيرا الفترة المقبلة يعود بنا إلى ما يشبه سيناريو الإرهاب في فترة التسعينيات».
ويوضح قطب، الذي شارك من قبل كضابط مخابرات في مناطق نزاع بسبب تنظيمات إسلامية كما في الصومال، انه «عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة نشطت حركة زرع عبوات ناسفة بدائية حتى تطور الأمر إلى تفجير قنبلة صغيرة بجوار مديرية أمن الدقهلية، في دلتا النيل، وهو ما مثل وقتها تطورا نوعيا في العمليات. واستمر الخط البياني في الصعود حتى شهدنا ما حدث أمس، والذي أظهر أن هناك تقنيات مرتفعة نسبيا مقارنة بما سبق من عبوات ناسفة، بالإضافة إلى معرفة الجناة بموعد الموكب ورصده جيدا ومعرفة نقاط الضعف فيه، وهو التطور الذي اعتبره شديد الخطورة».
وعن الطرق التي قد تتبعها الدولة لمواجهة مثل هذا المد، قال اللواء قطب: «لا اعتقد أن الدولة ستلجأ إلى سيناريو التسعينيات بشن حملات اعتقال واسعة وعشوائية، لأن هذا الأمر ثبت عدم جدواه، أو عمليات تصفية جسدية. أرجو أن تتعامل الدولة من ضمن مجموعة من المحاور. المحور الأمني ويشمل جمع المعلومات ومراقبة جماعات العنف، وهذا المحور لا بد أن يكون العمل فيه احترافيا، وثانيا إطلاق مصالحة مع أي شخص لم تتلوث يده بدماء المصريين، بالتوازي مع عملية تغيير المفاهيم للجمهور الإسلامي العريض المتأثر بخطاب العنف على منصة الاعتصام في رابعة العدوية وغيرها، وأخيرا المحور الاقتصادي وتجفيف منابع تمويل مثل هذه الجماعات».

kkk