مؤسسة قطر تطلق منهج "الحضارة الإسلامية" في مدارسها
تعتزم مؤسسة قطر إلى إدراج منهج "الحضارة الإسلامية" ضمن المناهج التعليمية للعام الدراسي 2025-2026 في جميع مدارسها، إيمانًا منها بأن ربط الطالب بامتداده الحضاري يعزز فهمه لهويته ويعمّق انتماءه.
ويُعد منهج "الحضارة الإسلامية" مساقًا تربويًا جديدًا ومبتكرًا لطلبة الصفوف من السادس وحتى التاسع في جميع المدارس التابعة للتعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر، يستعرض أبرز التجليات الكبرى للحضارة الإسلامية عبر أربعة عصور محورية، ويعمل على تعزيز فهم الطلاب لجذورهم التاريخية وانتمائهم الحضاري من خلال مسارات تعليمية تفاعلية تربط بين القيم والمعرفة والهوية.
وفي تعليقها على إطلاق المنهج، قالت سارة الهاجري، مدير شؤون الطلاب والشراكة المجتمعية بالتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر: "يهدف هذا المقرر إلى معالجة الفجوة القائمة في مناهج المدارس الدولية، فبالرغم من دراسة الطلاب لتاريخ قطر، إلا أنهم لا يتعرضون بالشكل الكافي لتاريخ الحضارة الإسلامية بمفهومه الواسع".
وتابعت الهاجري: " نحن ندرك أهمية تزويد طلابنا بمعرفة عميقة بتاريخ وطنهم، لكننا نؤمن أيضًا بضرورة تعريفهم بالتاريخ الأوسع للحضارة الإسلامية وتأثيرها العميق على البشرية".
وأردفت الهاجري بالقول: "من خلال هذا المنهج، يكتشف الطالب كيف أسهمت الحضارة الإسلامية في تشكيل العالم من حوله، وفي بناء القيم والمعارف التي يعتز بها اليوم. إنه مسار تربوي يربط الماضي بالحاضر، والمشهد الحضاري العام بالخاص، ويصوغ وعيًا تاريخيًا متوازنًا يعزز تقدير الذات ويوجه الانتماء".
وأوضحت الهاجري إلى أن ما يميز منهج "الحضارة الإسلامية" أنه لا يقتصر على سرد الأحداث التاريخية بترتيب زمني، بل يركز على تحليل أثر هذه الحضارة في مجالات الحياة المختلفة، والإسهامات التي قدمتها للبشرية.
واختتمت الهاجري، قائلةً: "حرصنا على أن يكون تطبيق المنهج بأسلوب مختلف، إذ لا يقدَّم المقرر على شكل دروس تقليدية، بل كوحدات بحثية تعتمد على الاستقصاء. يتلقى الطالب المعلومات الأساسية، لكنه يبحث في تطوراتها وتطبيقاتها ويربطها بالواقع المعاصر".
وتابعت: "يُعد هذا استثمارًا في وعي الطلاب وتجربة تعليمية تحيط بالمتعلم في إطار حيّ، نطمح من خلالها إلى أن يترسخ هذا المنهج في وعيهم، ويطلق طاقاتهم للمستقبل، ليكون لدينا قادة من المتعلمين المسلحين بإرثهم".
ومن جهته، أكد الدكتور علي الصلابي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأحد المشاركين في مراجعة منهج الحضارة الإسلامية، أن إدراج هذا المقرر في المناهج الدراسية يمثل خطوة بالغة الأهمية في ظل التحديات الفكرية والثقافية التي يواجهها الجيل الجديد.
وأوضح الدكتور الصلابي، وهو كاتب وداعية إسلامي متخصص في التاريخ والفكر الإسلامي وتفسير القرآن الكريم، أن العقود الماضية شهدت هيمنة تيارات ثقافية على العالم العربي والإسلامي أثرت في أبعاده الفكرية والحضارية، مشيرًا إلى أن آثار هذه الهيمنة ما زالت ماثلة رغم تراجع حضورها العسكري والسياسي.
وأضاف الدكتور الصلابي: "الحضارة الإسلامية تتميز بأبعاد مادية وأخلاقية وروحية ومعنوية، وهي أبعاد يحتاج إليها الجيل الجديد أكثر من أي وقت مضى، وتدريسها يسهم في إنقاذ الأجيال من التيه ومنحهم البوصلة التي ترشدهم والنور الذي يهديهم للارتباط بكتاب الله وسنة نبيه".
وتابع الدكتور الصلابي: "خلال مراجعة المحتوى، حرصنا على تضمين معالم حضارية بارزة، وقصصًا ملهمة، وآيات قرآنية وأحاديث نبوية، إلى جانب إبراز شخصيات مؤثرة في تاريخ الأمة، وترتيب المحتوى بما يعكس تجليات الحضارة الإسلامية".
واختتم الدكتور الصلابي، بالقول: "هذا المنهج يعزز فهم الطلاب لإنجازات الحضارة الإسلامية ودورها في العالم المعاصر، ويمنح المعلمين دورًا محوريًا في توسيع مدارك الطلبة وفتح المجال أمام الحوار والنقاش بأسلوب يجمع بين المنطق والعاطفة، بما يزيد اعتزازهم بدينهم وتاريخهم ويحفزهم على معرفة المزيد عن حضارتهم العريقة".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.