طاقتي: التوعية مفتاح الحصول على فوائد كفاءة الطاقة

مما لا شك فيه أن تعزيز الوعي يشكل حافزاً رئيسياً لتحقيق أهداف استراتيجية إدارة الطلب على الطاقة في دبي، إذ لا يمكن تغيير السلوكيات المتعلقة باستهلاك الطاقة إلا عندما يكون الناس والمؤسسات على دراية ووعي كاف بكيفية استهلاكهم للطاقة وتبنيهم للممارسات والتدابير التي تساهم في التقليل من معدلات هذا الاستهلاك. وحتى التغييرات الصغيرة في ممارساتنا اليومية التي تبدو بسيطة، يمكن أن تسهم بشكل كبير في تخفيض معدلات استهلاك الطاقة، والحد من التكاليف التشغيلية وتوفير المصاريف. وبالرغم من تفاؤلنا من أن النتائج الإيجابية التي حققتها حكومة دبي حتى الآن فيما يتعلق بتنفيذ اجراءات وتدابير كفاءة الطاقة، ستؤثر تدريجياً على سلوكيات المجتمع المرتبطة باستهلاك الطاقة، إلا أنه لا يزال هناك مجال واسع لإجراء مزيد من التحسين فيما يخص خلق مزيد من الوعي بين الجهات المعنية وشرائح المجتمع بشكل عام.
ومن أجل البدء بإحداث تغييرات في سلوكه الاستهلاكي للطاقة، يحتاج المرء إلى معرفة مقدار حجم استهلاكه من الطاقة ومدى تأثير هذا الاستهلاك. وفي مسح أجراه مؤخراً برنامج دبي لكفاءة الطاقة "طاقتي"، المكتب المتخصص بإدارة استراتيجية دبي لإدارة الطلب على الطاقة - في إطار مهمته المتمثلة في تعزيز الوعي - تم تسليط الضوء على مستويات الوعي الحالية ومدى تطبيق المجتمع في دبي للممارسات والتدابير المتعلقة باستهلاك الطاقة. وشمل المسح كافة القطاعات الرئيسية المعنية بالطلب على الطاقة ، حيث بلغ إجمالي عدد المشمولين في هذا المسح 1.900 شخص من مختلف القطاعات الرئيسية والفرعية، بما في ذلك الحكومية والصناعية والتجارية، فضلاً عن القطاع السكني للمواطنين والمقيمين على السواء.
وأظهر المسح، الذي حث المشاركين فيه على تقديم تصور حول استهلاكهم من المياه والكهرباء، انخفاض مستوى الوعي باستهلاك الطاقة بين المشاركين بشكل عام، حيث تبين أن الاستهلاك الفعلي للمياه هو أكثر من ضعف الاستهلاك المتصور (450 ليتر مقابل 207 ليتر للفرد في اليوم)، في حين أن الاستهلاك الفعلي من الكهرباء أعلى بنسبة 60% تقريباً من الاستهلاك المتصور (35 كيلو واط ساعي مقابل 22 كيلو واط ساعي للفرد يومياً).
كما كشف المسح أن المشاركين فيه بشكل عام لديهم معرفة جيدة بالعناصرالأكثر استهلاكاً للطاقة في منازلهم، حيث يرى 75% من المشاركين أن أجهزة تكييف الهواء هي الأكثر استهلاكاً للكهرباء. وفي حقيقة الأمر تستحوذ أجهزة تكييف الهواء على حوالي 50% من إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية في دبي.
وعندما عرض على المشاركين في المسح قائمة بالتدابير والممارسات السلوكية والتقنية لاستهلاك الطاقة والطلب منهم اختيار الممارسات التي يعتقدون أن تساعد في تخفيض فواتير الطاقة الخاصة بهم، تبين أن معظم أول 10 تدابير وممارسات قاموا باختيارها هي ممارسات سلوكية ، باستثناء بعض التدابير التقنية البسيطة مثل تغيير المصابيح التقليدية بمصابيح "ليد" (LED) وشراء أجهزة منزلية موفرة للطاقة. أما المعايير التقنية التي تساهم بشكل كبير في تقليل معدلات استهلاك الطاقة مثل عزل النوافذ والأسقف والجدران والأرضيات وكذلك تركيب أنظمة الري الذكية أو الموفرة للمياه، فتم اختيارها من قبل أقل من 30% من المشاركين في هذا المسح. وتسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة إلى خلق مزيد من الوعي حول هذه التدابير والممارسات ومدى تأثيرها على استهلاك الطاقة.
وفي حين تقود حكومة دبي بالقدوة على صعيد كفاءة الطاقة، إلا أن مستوى الوعي ببعض المبادرات الهامة مثل تبريد المناطق وتدقيق الطاقة و معايير المباني الخضراء، لا يزال منخفضاً ويظهر مجالاً كبيراً للتحسن.. وفي ضوء هذه النتائج التي خلص إليها المسح، قام برنامج "طاقتي" بإطلاق استراتيجية التوعية المتكاملة لإدارة الطلب على الطاقة 2022 (DSM Integrated Awareness Strategy 2022) في العام الماضي، حيث تحدد هذه الاستراتيجية أهداف التوعية و الأولويات والمبادرات الرئيسية في مختلف برامج إدارة الطلب على الطاقة، مع ضمان توحيد الجهود بين مختلف الجهات لتفادي الازدواجية وتقديم رسائل موحدة.
وتعد استراتيجية التوعية المتكاملة لإدارة الطلب على الطاقة 2022 بمثابة جهد مشترك وتعاوني بين كافة الجهات المعنية ببرنامج إدارة الطلب على الطاقة بتوجيه وإشراف من لجنة متخصصة وهي برئاسة المجلس الأعلى للطاقة في دبي. وتضم هذه اللجنة أعضاءً من كافة الجهات المعنية ببرنامج إدارة الطلب على الطاقة وهي؛ هيئة كهرباء ومياه دبي وبلدية دبي وهيئة الطرق والمواصلات ومكتب التنظيم والرقابة وشركة الاتحاد لخدمات الطاقة وهيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس وبرنامج "طاقتي".
ويعتبر الحفاظ على مواردنا الثمينة من الطاقة واحداً من أكبر التحديات التي تواجهنا في مسيرتنا نحو تحقيق التنمية المستدامة ، ويمكن تحقيق ذلك فقط من خلال تبني شرائح المجتمع والجهات المعنية مبادئ الحفاظ على الطاقة كجزء من قيمهم الأساسية. كما ينبغي أن يكون هناك مواءمة بين النمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية من أجل الحفاظ على موارد الطاقة للأجيال القادمة وخلق المزيد من فرص التنمية المستدامة.
خلفية عامة
طاقتي
بالنظر إلى أهمية هدف الدليل التشخيصي والإحصائي المتمثل في خفض استهلاك الطاقة بنسبة 30% بحلول عام 2030 ومختلف أصحاب المصلحة المعنيين بتحقيق ذلك، أنشأ المجلس الأعلى للطاقة في دبي "طاقتي" في يناير / كانون الثاني 2016، باعتباره المكتب المخصص لإدارة البرامج في دبي استراتيجية إدارة جانب الطلب.