دراسة أمريكية تلقي الضوء على ضرورة تطبيق تشريعات حظر التدخين

عقَّب الدكتور فراس الهواري مدير مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان والمدير الإقليمي لائتلاف الجسور العالمية (جلوبال بريدجز) على دراسة أمريكية صدرت حديثاً عن مستشفى مايوكلينك في الولايات المتحدة الأمريكية حول التدخين، جاء فيها: أن التدخين السلبي مميت، وأن سياسات حظره في أماكن العمل كفيلة بإنقاذ أرواح العديدين. فقد أظهرت الدراسة أن نسبة حدوث النوبة القلبية، وتوقف القلب المفاجئ قد انخفضت إلى النصف بين سكان مقاطعة أولميستيد في ولاية مينيسوتا الأمريكية، وذلك بعد تفعيل قرار حظر التدخين في الأماكن العامة وأماكن العمل. وبيّنت الدراسة أن انتشار التدخين بين البالغين انخفض بنسبة (23%) في الوقت الذي ثبتت فيه معدلات انتشار عوامل الخطورة الأخرى او ارتفعت: كارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الدهون (الكوليسترول) ومرض السكري والسمنة.
وأكد الدكتور الهواري أن هذه الدراسة توفر أدلة جديدة تحثّ على الإسراع في تطبيق التشريعات، والقوانين الخاصة بحظر التدخين في الأماكن العامة، وأماكن العمل التزاماً بالاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، والتي كان الأردن من أوائل الدول التي صادقت عليها في المنطقة. وتابع قائلا إن قضاء الموظفين لما يزيد عن ثلث يومهم في بيئة موبوءة بالتدخين يعدُّ خطراً حقيقياً في ضوء هذه الأدلة. كما أن تعرّض ما يزيد عن (60%) من أطفالنا، وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، وبشكل مستمر للتدخين القسري يعيق نموهم البدني والعقلي. ولذلك نضيف لأهمية الإسراع في تطبيق التشريعات، أهمية رفع مستوى وعي الآباء بهذه الأضرار، ودورهم في تحمّل مسؤولياتهم لحماية اطفالهم منها".
واعتبر الدكتور الهواري أن أهمية هذه الدراسة تبرز فيما يتعلق بواقع الأمراض المزمنة في الأردن. فمن المعروف أن أمراض القلب تُعدّ السبب الرئيسي للوفاة في الاردن (35%)، تليها أمراض السرطان (14%) حسب تقارير وزارة الصحة. كما أنه من المعروف أن 25% من سرطانات الذكور في الاردن ترتبط مباشرةً بالتدخين مثل سرطان الرئة، وسرطان المثانة وسرطانات الرأس والعنق. وأشار إلى أنّ أيّ تأخير في اتخاذ الاجراءات الوقائية لحماية الأفراد من التعرّض القسري للتدخين سيؤدي الى تسونامي من هذه الامراض في السنوات المقبلة. فعلى سبيل المثال أظهرت دراسات أجراها مركز الحسين للسرطان أن عدد حالات الاصابة بالسرطان سيرتفع من (4800 حالة في 2009 ) الى ما يقارب( 9000 حالة في 2025).
وأوضح الدكتور سرحان، مدير عام مركز الحسين للسرطان أن اهتمام ومتابعة مكتب مكافحة السرطان لمثل هذه الدراسات الصحية العالمية: يأتي انطلاقاً من التزامنا نحو مجتمعنا للعمل على الحدّ من الإصابة بالسرطان عن طريق إجراء الأبحاث العلمية، وتطوير استراتيجية قائمة على تحليل دقيق لعبء السرطان في الأردن، من أجل تزويد صنّاع القرار بالأسس العلمية التي تساعد على تطوير جهود مكافحة السرطان محلياً وعالمياً.
من جهة أخرى وفيما يتعلق بهذه الدراسة، قال الدكتور ريتشارد هيرت، مؤسس ومدير مركز علاج الإدمان على النيكوتين في مستشفى مايو كلينيك ومؤسس ائتلاف الجسور العالمية لعلاج الإدمان على التبغ ان نتائج هذه الدراسة تؤكد ما توصلت له دراسات سابقة عن دور حظر التدخين في أماكن العمل في تقليص احتمالية حدوث النوبة القلبية. الا أن الدراسة توصلت كذلك ولأول مرة الى أن هذا الحظر يقلّص من احتمالية حدوث توقف القلب المفاجئ. وبيّنت ضرورة تجنب التعرض للتدخين السلبي بشكل قاطع، وخاصة بالنسبة لمن يعانون من أمراض القلب والشرايين لما فيه من خطورة على حياتهم. وأضاف أنّ هذه المعلومات، والأدلة ستوظّف من أجل إقناع الشركات والدول بأهمية تطبيق حظر التدخين للحفاظ على صحة موظفيهم ومواطنيهم.
ويذكر أن د. هيرت الباحث الرئيسي في هذه الدراسة هو مؤسس ائتلاف الجسور العالمية (جلوبال بريدجز) لعلاج الإدمان على التبغ والذي يمثله مركز الحسين للسرطان في منطقة شرق المتوسط. ومن خلال هذا الائتلاف يعمل مركز الحسين على بناء القدرات الطبية لتقديم الخدمات المتخصصة والمتعلقة بمكافحة التبغ والطرق الناجحة لعلاج الادمان على التبغ. وقد لعب د. هيرت دورا محوريا في اقرار حظر التدخين في مقاطعة اولميستيد وولاية مينيسوتا. واضاف "ان الادلة العلمية الصادرة عن هذه الدراسة ستعزز جهود المبادرة العالمية نحو أماكن عمل خالية من التدخين والتي أعلنت حديثا خلال إجتماعات مبادرة كلينتون العالمية". وتتلخص المبادرة بتشجيع الدول وأصحاب العمل على توسيع قاعدة حماية الموظفين أثناء أوقات العمل من التعرض القسري للدخان. كما واضاف د. هيرت "ان هذه المعلومات والادلة سيتم استغلالها في اقناع الشركات والدول بأهمية تطبيق حظر التدخين للحفاظ على صحة موظفيهم ومواطنيهم."
وقد اظهرت الدراسة بان حالات حدوث النوبات القلبية خلال الأشهر ال18 السابقة لفرض الحظر في مطاعم مقاطعة اولميسيتد عام 2002 وصلت الى 212 حالة لكل 100,000 مواطن . غير أن الاشهر ال18 اللاحقة لفرض الحظر الكلي (تدرج الحظر حتى أصبح كليا عام 2007) أظهرت انخفاض عدد حالات الاصابة بالنوبات القلبية لتصل الى 103 حالة لكل 100,000 مواطن بانخفاض فعلي مقداره 45 %. كما انخفض عدد حالات الاصابة بتوقف القلب المفاجئ من 153 الى 77 حالة لكل 100,000 مواطن بانخفاض فعلي مقداره 50%.
خلفية عامة
مؤسسة الحسين للسرطان
مؤسسة الحسين للسرطان هي منظمة مستقلة، غير حكومية، لا تهدف للربح، تأسست في عام 1997 بموجب مرسوم ملكي لمكافحة السرطان في الأردن ومنطقة الشرق الأوسط. مؤسسة الحسين للسرطان هي المظلة القانونية المسؤولة عن مركز الملك حسين للسرطان، وذراع المؤسسة الطبي.
ويديرالمؤسسة مجلس أمناء يتألف من مجموعة مخصصة من المتطوعين البارزين برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة غيدا طلال.