جهود لإرضاء الأسواق

وأخيراً بدأت الأسواق تحقق ما كانت تصبو إليه؛ حيث جاءت بيانات الوظائف السلبية الواردة من الولايات المتحدة الأمريكية لتوضّح خطط واستراتيجيات مجلس الاحتياطي الفدرالي، وثمة خطاب نوايا واضح من البنك المركزي الأوروبي يهدف لإيجاد حلول ترضي الجميع، ويشير إلى أن الحزب الشيوعي الصيني - الذي يبرز بقوة على الساحة رغم بطئه - بدأ يميل إلى تغيير قواعد سياساته الحافزة خلال المرحلة المقبلة. ومن جانب آخر، شهدت الأسواق مؤخراً موجة صعود ارتفع معها مؤشر الدخل الثابت في مجموعة كلوب ميد، واستقر مستوى العائدات لأجل 5 سنوات عند النطاق الأخير المسجل في شهري مارس وأبريل عندما كان برنامج القروض طويلة الأجل LTRO لا يزال يوفر الدعم للإقبال الاستثماري والأسهم بصورة كبيرة.
وسجلت الأسهم والسلع مكاسب جديدة على شتى الأصعدة؛ حيث ارتفعت الأسهم في أوروبا الشرقية مع انحسار المخاطر المتمثلة بتراجع مستويات ضخ تدفقات رأس المال عبر الحدود. كما شهدت الأسهم الصينية والروسيّة مكاسب جديدة، فلعبت الأخيرة دوراً محورياً كعنصر يتمتع بقيمة "بيتا" مرتفعة ليسهم في تعزيز الانتعاش العالمي. وشهدت السوق الكوريّة صعوداً كانت فيه السلع من أبرز الرابحين مع تحقيقها عائدات كبيرة، بينما ارتفعت البضائع والمعادن الصناعية والثمينة بنسبة تتراوح بين 5-20%. وسجلت الفضة مكاسب بواقع 20% على أساس شهري، بينما ارتفع اليورو ملامساً المستوى 1.2800، حيث يرجع ذلك بصورة جزئية إلى التحركات السياسيّة التي أكدت انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، ونتيجة تسييل المراكز المفتوحة القصيرة في وقت يستقر فيه اليورو اليوم عند أعلى مستوياته منذ منتصف شهر مايو الماضي.
وكان مزيج التدابير السياسية التي تمت مناقشتها خلال الأسبوع الماضي من أبرز العوامل التي أنعشت حصص المخاطر في السوق؛ إذ تبدو البيانات الأمريكية إيجابية مع الأخذ بعين الاعتبار البيانات الطيبة المسجلة خلال الأسبوع الماضي لمؤشر مديري المشتريات ضمن القطاع غير التصنيعي، بينما سجلت البيانات الأوروبية والآسيوية - ولاسيما الصينية منها - مستويات ضعيفة ومتدهورة، مما يعني أن تحرّك أي بنك مركزي أو سلطة ماليّة بمعزل عن الآخرين سيعتبر سياسة غير مجدية لا تثمر عن نتائج كبيرة، خصوصاً وأن الأسواق تصبو إلى تضافر الجهود والتنسيق، وهو بالفعل ما حظيت به مؤخراً.
من ناحية أخرى، أكد بين برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، ضرورة ترقب انحدار بيانات العمالة الأمريكية قبل إطلاق جولات جديدة من خطة التيسير الكمّي، أو إعداد مزيد من الخطط والسياسات التي تحفز السيولة النقديّة، وهو ما حصلنا عليه بالفعل. وجاءت القراءات متجاوزة للتوقعات في مسح إيه دي بي للعمالة الأمريكية، غير أن أرقام البيانات الأخيرة في سوق العمل الأمريكي لم تكن إيجابية بما يكفي. وفي هذا السياق، ليس بمقدور برنانكي الكشف عن أي تدابير أو سياسات حافزة جديدة بعد الانتخابات الأمريكية، وذلك حتى لا يبدو غير راغب باتخاذ الإجراءات الضرورية عند الحاجة لها.
وفي أوروبا، كان إعلان البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس عن إطلاق برنامج لشراء السندات - والذي يواكب تطلعات معظم الناس - بمثابة خطوة حكيمة على صعيد السياسات والوضعين الاقتصادي والمالي. كما حصلت إسبانيا وإيطاليا على التزام غير محدود لشراء سنداتهما المستحقة بين فترة 2-5 سنوات، في حين انحسرت مخاوف ألمانيا من تفاقم مظاهر الإسراف المالي بفضل إقرار شروط توفير الدعم، حيث تضع ألمانيا نفسها ضمن قائمة الدول التي تتبع أسلوب برامج صندوق النقد الدولي لإعادة الهيكلة، والتي يمكن إلغاؤها عند عدم استخدام الأموال المقدّمة بالشكل الصحيح، أو ضعف الالتزام بأهداف خفض الميزانيّة. وقد حصلت إسبانيا وإيطاليا على مرادهما، حيث سيتاح للبلدين الحصول على الدعم المالي من صناديق الدعم الأوروبي المخصصة في حال طلبهما الحصول على هذا الدعم الذي يؤكدان عدم حاجتهما إليه في المرحلة الراهنة.
وتمثل الجانب الغريب لخطة الدعم الأوروبي في الإعلان بأن أموال الدعم - التي تم إنفاقها ضمن إطار خطة المساعدة الحالية التي أقرها البنك المركزي الأوروبي - ستبقى مرهونة بتوفير تمويل جديد وفي حال الإفلاس، ستستخدم أموال الدعم أولاً للتسديد. ويعتقد البنك المركزي الأوروبي أن البرتغال ستشهد إجراء عملية وشيكة لإعادة هيكلة ديون البلاد علماً أنها المستفيد الأكبر حتى الآن من خطة الدعم التي أقرها البنك في وقت لاقت فيه التوجهات الأخيرة استحسان الأسواق.
وفي آسيا، قام الحزب الشيوعي الصيني برفد التدابير المحفزة التي أقرها بنك الشعب الصيني، وذلك من خلال إعداد خطط للإنفاق ضمن مشاريع البنية التحتية بقيمة تصل إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي. ويبدو هذا الأمر معقولاً إلى حد ما، خاصةً وأن البرامج الموضوعة لا تثمر عن أي جوانب إيجابيّة، وهي مجرد إضافات جديدة بالنسبة للمدن الصينية التي تشهد بعض التراجع في نشاطها الاقتصادي، لاسيما وأنها تنطوي على عملية تطوير طويلة المدى لمشاريع البنية التحتية مثل المترو، والموانئ، ومحطات المياه، وغيرها.
وبطبيعة الحال، ينجم عن ذلك فائدتين أساسيتين: الأولى توفير فرص العمل، والثانية ترك انطباع قوي داخل الحزب الشيوعي الصيني حول الفرص الواعدة للقيام بالعديد من المنجزات المهمة قبل تسليم زمام السلطة لجيل جديد من القادة في نهاية هذا العام. وبموازاة ذلك، سجل سوق السلع والأغذية مكاسب جديدة خلال الفترة الماضية أيضاً.
ومن وجهة النظر التكتيكية، نوضح لعملائنا أن الصعود المقبل سيكون ملموساً مع فرصة لمواجهة بعض العقبات الخطيرة في حال عدم اعتماد سياسات ناجعة لإدارة المخاطر. وفي تاريخ 12 سبتمبر من العام الجاري، ستجتمع المحاكم الألمانية لاتخاذ قرارها فيما إذ كان صندوق الدعم المالي المزمع إطلاقه تحت اسم آلية الاستقرار الأوروبيّ ينسجم مع القانون الألماني أم لا. ويبدو من غير الواضح إن كانت هذه المحاكم ستقرر ما إذا كان الدستور الألماني يسمح بتقديم دعم واسع النطاق للدول والشعوب الأخرى، خاصة تلك الدول التي تسمح لموظفيها بالتقاعد أبكر بكثير من ألمانيا. وقد يفضي عدم إقرار التصويت إلى انحسار المعنويات في السوق، لاسيما وأنها ستقلّص حجم صندوق الإنقاذ الأوروبي بواقع الثلث على الأقل.
خلفية عامة
بنك الإمارات دبي الوطني
تأسس بنك الإمارات دبي الوطني، المجموعة المصرفية الرائدة في المنطقة، في 16 أكتوبر 2007 حين أدرجت أسهم بنك الإمارات دبي الوطني في سوق دبي المالي رسميا، ويعتبر بنك الإمارات دبي الوطني نتيجة لعملية الإندماج بين بنك الإمارات و بنك دبي الوطني وأصبح خطة إقليمية لتعزيز القطاع المصرفي والمالي لأنه جمع بين ثاني ورابع أكبر بنكين في دولة الإمارات العربية المتحدة. وشكلت عملية الدمج مجموعة مصرفية قادرة على تقديم قيمة معززة عبر الخدمات المصرفية للشركات والأفراد والإستثمارية والإسلامية في المنطقة.
احتفلت مجموعة بنك الإمارات دبي الوطني في عام 2013 بالذكرى الخمسين لتأسيسها وذلك لتخليد الإنجازات البارزة التي حققتها المجموعة ولإبراز أسسها المالية الراسخة وتاريخها العريق ومستقبلها الواعد.
بنك الإمارات دبي الوطني هو مجموعة مصرفية رائدة في منطقة الشرق الأوسط. كما 31 مارس 2019 بلغ مجموع أصول المجموعة 525.8 مليار درهم (ما يعادل تقريبا 143 مليار دولار أمريكي). وتعتبر المجموعة رائدة في مجال تقديم الخدمات المصرفية الرقمية، ومساهماً رئيسياً في الصناعة المصرفية الرقمية على المستوى العالمي، وسجل البنك تنفيذ أكثر من 90 في المائة من التحويلات المالية والطلبات خارج فروع البنك. وحصد بنك الإمارات دبي الوطني جائزة "مؤسسة العام للخدمات المالية الأكثر ابتكاراً" خلال حفل توزيع جوائز الابتكار العالمية "بي ايه اي" 2017. وتقوم المجموعة بتقديم أعمال مصرفية رائدة للأفراد في الدولة من خلال شبكة فروعها التي تضم 234 فرعاً إضافة إلى 1076 جهاز صراف آلي وجهاز إيداع فوري في الدولة وفي الخارج. كما يمتلك بنك الإمارات دبي الوطني حضوراً قوياً في وسائل التواصل الاجتماعي ولديه عدد كبير من المتابعين، وهو البنك الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي يصنّف ضمن الـ 20 المرتبة الأولى في تصنيف "Power 100" الذي تعدّه "ذا فايننشال براند".