الاحتفال بافتتاح العام الدراسي الجديد في الأميركية: دورمان تناول الجامعة والثورات العربية

أقامت الجامعة الاميركية في بيروت اليوم في قاعة الأسمبلي هول احتفالاً رسمياً بافتتاح عامها الدراسي السادس والأربعين بعد المئة، تكلّم فيه رئيسها الدكتور بيتر دورمان وحضره 16 من أعضاء مجلس أمناء الجامعة كما حضره نواب الرئيس والعمداء، وعدد كبير من الطلاب والأساتذة والخريجين والعمال والموظفين، ورئيس الجمعية العالمية لخريجي الجامعة الأميركية بالاضافة الى شخصيات رسمية ودبلوماسية وأصدقاء للجامعة.
بدأ الاحتفال بدخول موكب الاساتذة بزيّهم الاكاديمي فيما قرع جرس كولدج هول ايذاناً ببدء الاحتفال، ثم أنشدت جوقة الجامعة بمشاركة الحضور النشيد الوطني اللبناني . بعد ذلك ألقى الرئيس بيتر دورمان خطابه الذي تناول الجامعة والثورات العربية في العام 2011 . وقد استهل الرئيس كلامه بالقول إن العالم العربي تغيّر بشكل كبير بدءاً من تضحية بائع خضار بنفسه في تونس في 17 كانون الأول من العام الماضي. ثم أطيح بحكومات تونس ومصر خلال أسابيع، في حين يبدو أن ليبيا على وشك الانتهاء من الحرب الأهلية . والثورة لا تزال أمراً واقعًا في اليمن ، في حين أن الأسر الحاكمة في المغرب، والأردن، وسلطنة عمان واجهت احتجاجات تختلف بحدتها. وقال أيضا إن البحرين اضطربت ويبدو أن سوريا تتجه لعصيان مسلح متزايد. وأردف أنه حتى الدول التي لم تمس بعد بالاضطراب ذاته، ومنها إسرائيل، سيطرأ عليها تغيير بسبب المساءلة القاسية التي تطالب بها الثورات العربية.
وقال الرئيس أيضاً إنه من السابق لأوانه قياس الآثار المترتبة على هذا التغيير العميق ولكن من المؤكّد أنه لن تكون هناك عودة إلى الوراء ولن يكون هناك تحول سريع إلى المجتمعات الديمقراطية المفتوحة التي يتوق إليها السكان العرب. وقال إن العالم العربي قد تجاوز عتبة تاريخية، ومهما كانت نظم الحكم التي ستظهر في أعقاب الثورات العربية، فهي لن تكون مفروضة من قبل القوى الخارجية، فإن الحلول يجب أن توضع من قبل المواطنين في كل بلد.
ثم تساءل الرئيس عن موقع التعليم الذي توفّره الجامعة الأميركية في بيروت في خضم الثورة الإقليمية فقال: "إذا كنا نزعم بأننا نعد جيلاً جديداً من العقول الشابة لتأخذ مكانها في العالم، فأي نوع من الخريجين ننتجه لمواجهة عالم من عدم اليقين ومنطقة كاملة مليئة بالتوق لديمقراطية جديدة؟"
وقال الرئيس إن الثورات العربية في العام 2011 وُلدت من رحم الأعراض الشائعة في جميع أنحاء المنطقة: ارتفاع معدلات البطالة وتفشي الفساد والمحسوبية في الدولة وفي قطاع الأعمال، وغياب حرية التعبير، وعدم المشاركة في الساحة السياسية، والتضخم في أسعار المواد الغذائية، والظروف المعيشية السيئة، والاستخفاف الرسمي بالمواطن العادي حتى الاحتقار".
وقال إنه لا توجد حلول سهلة لمشاكل كهذه. والديمقراطية قد تكون جواباً ممكناً، لكن لها محدوديتها. وللديمقراطيات لحظات انتصار وكذلك لحظات إخفاق. وأوضح: "في الولايات المتحدة نشهد اليوم إخفاق أعظم دولة ديمقراطية في العالم، حيث أصبحت وجهات النظر السياسية مستقطبة بحيث أن المشرعين وضعوا الأيديولوجية ومظهرهم الشعبي قبل أي محاولة للتصدي لأسوأ ركود اقتصادي منذ ثمانين عاماً". وسأل: "في سياق الشرق الأوسط، أي دور يمكن أن تلعبه الجامعة الأميركية في بيروت في هذه اللحظة التاريخية، حيث تعم الفوضى والنتائج غير متوقعة؟"
وأجاب أن على الجامعات أن تفكر في غنى الثقافات البشرية على الصعيد العالمي من ناحية، والقواسم الشتركة الرئيسية للجنس البشري من ناحية أخرى. وقال إن التنوع الثقافي هو واحد من الأهداف التي تطمح إليها الجامعة الأميركية في بيروت. واستشهد بما كتبه لويس ميناند، أستاذ اللغة الإنكليزية في جامعة هارفارد "كل شيء يقوم به البشر تحكمه الثقافة، واللغة، والتمثيل، وأنظمة القيم والمعتقدات".
وقال إن من الضروري تطوير عقل منفتح ومخيلة واسعة، بما في ذلك احترام الأفراد الآخرين، وفهم الثقافات الأخرى، وإتقان لغات متعددة، وتقبل النقد البنّاء، والقدرة على التقييم والنقد الذاتي، والقدرة على الموازنة بين الصراع الدائم بين الايديولوجيا والبراغماتية.
ونقل عن مارثا نوسبوم أستاذة القانون والأخلاق في جامعة شيكاغو: "إننا بحاجة الى قدرة خلاقة لنضع أنفسنا مكان أشخاص مختلفين عنا، سواء في الطبقة أو الدين أو الجندر.و أردف: "يمكننا أن نفعل هذا جيداً فقط إذا حاولنا أن نتخيل ما هي حياتهم".
وقال الرئيس إن إميلي ديكنسون، صديقة آبي بلس، زوجة مؤسس الجامعة اعترفت بقوة الخيال هذه. وقال إن إميلي آثرت العزلة كشخص بالغ، وربما بسبب ذلك اعتمدت على الكتب لنقلها إلى العالم الأوسع خارج منزلها في بلدتها الصغيرة. وقال إنها كانت ترى أن مخيلة الانسان يمكنها الانتقال عبر الكلمات، والأفكار، وقال إن التعليم الذي لا يعدّ طلابه لمواجهة الشعوب والخبرات من خارج الحدود هو تعليم ضعيف، لكن التنوع وحده لا يتصدى للحاجة الأكثر إلحاحاً للثورات العربية في العام .2011
وأردف الرئيس إن البشر هم في الأساس متشابهون، سواء كانت تفصلهم عن بعضهم مساحات شاسعة من الزمان أو المكان. وقرأ جزءاً من رسالة كتبها قبل أربعة آلاف سنة مزارع مصري إلى إبنه تظهر أن الطبيعة البشرية لم تتغير كثيرًا منذ أربعة آلاف سنة . وختم كلامه قائلاً إن الجامعة الأميركية في بيروت، وجامعات أخرى مثلها، يجب أن تكون مستعدة لتعليم ما يسمى "المواطن الكامل" الذي يؤثر في الدولة الحديثة ويكون مفكراً خلاقاً ومستمعاً ناقداً، وفاعلاً مسؤولاً. وقال إن أولئك الذين حصلوا على أفضل تعليم هم أيضاً الذين يتحملون القسط الأكبر من المسؤولية لصناعة المستقبل.
في ختام الاحتفال، أنشدت جوقة الجامعة والحضور نشيد الجامعة. وتلى ذلك خروج موكب الاساتذة. وقد قاد البروفيسور توماس كيم جوقة الجامعة ورافقه البروفسور رمزي صبرا على الأرغن.
خلفية عامة
الجامعة الأمريكية في بيروت
الجامعة الأمريكية في بيروت هي جامعة لبنانية خاصة تأسست في 18 نوفمبر 1866، وتقع في منطقة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية، وبدأت الكلية العمل بموجب ميثاق منحها إعترافا حصل عليه الدكتور دانيال بليس من ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. افتتحت الجامعة أبوابها في 3 ديسمبر عام 1866 لتمارس نشاطها في منزل مستأجر في أحد مناطق بيروت.
تعتمد الجامعة معايير أكاديمية عالية وتلتزم مبادىء التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع. وهي مؤسسة تعليمية مفتوحة لجميع الطلاب دون تمييز في الأعراق أو المعتقد الديني أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء السياسي، وهذا ما أرساه مؤسسها الداعية الليبيرالي دانيال بليس.