تقدر الارقام الرسمية مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي بحوالي 3% بينما يقدرها خبراء ومختصون بنسبة تتراوح ما بين 20% الى 25% من حيث التشبيك الزراعي مع القطاعات الاقتصادية الاجتماعية الاخرى، حيث يعتمد الاردنيون بنسبة كبيرة من الخضار والفواكه الرئيسة، بالاضافة الى ارتفاع قيمة صادراتنا من المنتجات الزراعية الموسمية وغير الموسمية بصورة ملموسة خلال السنوات القليلة الماضية، وان هناك فرصا لزيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية باعادة النظر بالنمط الزراعي ووضع قيود جمركية وغير جمركية على المستوردات الزراعية التي تكلف الاقتصاد والرصيد الجاهز من العملات الصعبة الكثير بحجة الانفتاح وتحرير التجارة والاتفاقيات الثنائية والمتعددة، واضفاء الحداثة وتنوع المعروض في الاسواق المحلية ترقى حد تصنيف عدد كبير من السلع بالكمالية.
هناك قناعة بان الاردن يصنف ضمن قائمة دول العجز المائي لمختلف الاستخدامات بخاصة للزراعة وفي نفس الوقت للاردن ميزة نسبية في الزراعة اللاموسمية في وادي الاردن، الا اننا نعاني هدرا مستترا في المياه المخصصة للزراعة حيث ما زلنا نزرع الموز والحمضيات بكميات تفوق احتياجاتنا وهي من الزراعة المكثفة للمياه، وهي محدودة القيمة المضافة، كما ان تشتت الملكية الزراعية وضعف التنسيق بين المزارعين في انواع الزراعة المستهدفة من حيث الكمية التي تغطي السوق المحلية والتصدير الى الاسواق التصدير التقليدية والجديدة، تحد من قدرة القطاع على التطور وزيادة المردود المباشر وغير المباشر على مستوى المزراعين والاقتصاد.
وفي نفس السياق فان كلف الانتاج مرتفعة من حيث مدخلات الانتاج والاسمدة وتكاليف التمويل، الذي يؤثر بقوة على المزارعين وقدرتهم في تطوير مشاريعهم، الامر الذي يتطلب البحث في اطلاق بنك وطني للانماء الزراعي قادر على توفير التمويل للمزارعين بكلف اموال مدعومة بمعدل لايقل عن اربع نقاط مئوية ولآجال سداد متوسطة تتراوح ما بين ثلاث الى خمس سنوات، واطلاق مراكز للبحوث الزراعية ينبثق عن البنك لزيادة معدل الغلة الانتاجية للاراضي المزروعة، وتقديم المشورة والدراسات للتأثير في النمط الزراعي في البلاد.
ان اطلاق بنك للانماء الزراعي ذو كفاءة مالية وفنية لا يتعارض مع وجود مؤسسة الاقراض الزراعي، ودائرة الارشاد الزراعي التابعة للوزارة واللتين بالكاد يسمع عنهما المزارعون، وان عمل البنك وفق درجات عالية من المهنية سيوفر اموالا نحن بحاجة ماسة اليها في هذه المرحلة بالذات بعد ان اهملنا هذا القطاع الحيوي الذي قدم الخير والحياة الكريمة لاعداد كبيرة جدا من المواطنين سابقا، واتجهنا الى الاقتصاد المالي والعقاري اللذين استحوذا على القسم الاعظم من الاموال المتاحة للاستثمار.
ارتفاع الاسعار العالمية للسلع والمنتجات الغذائية ساهم في توسيع الفجوة التجارية ( الفارق بين الصادرات والمستوردات)، واضعف قدرة العامة على تلبية احتياجاتهم ونقلنا التضخم المستورد من الاقتصاد العالمي الى جيوب المواطنين، وان السنوات المقبلة تستدعي الانتباه الى موجوداتنا ومقدراتنا الزراعية والعمل على زيادة قيمتها المضافة وتلبية احتياجاتنا، واطلاق بنك للانماء الزراعي ضرورة لتحقيق هذه الاهداف.

ان عمل البنك وفق درجات عالية من المهنية سيوفر اموالا نحن بحاجة ماسة اليها في هذه المرحلة