مشكلة الطاقة تتفاقم تدريجيا على مستوى العالم وخاصة مع الطلب المتزايد عليها بنسبة لاتقل عن 1.2 في المئة سنويا ويتوقع ان يرتفع كثيرا خلال الفترة المقبلة نتيجة للنمو السكاني والزيادة الكبيرة في عدد المنشآت الصناعية والخدمية المختلفة.
الدول الفقيرة لمصادر الطاقة كالأردن من أكثر البلدان تأثرا بارتفاع الاسعار والنقص الحاصل في عمليات انتاج النفط الخام ومكونات الطاقة الاخرى وقد كان لبلوغ اسعار النفط مستويات قياسية خلال السنوات الخمس الماضية ولامست 150 دولارا للبرميل انعكاسات سلبية على اقتصاديات تلك الدول ولم تعد قادرة على مجاراة الاقتصاديات الاخرى ما أدى الى زيادة في نسب الفقر والبطالة وتدني معدلات النمو وتراجع معدلاتها.
القطاعات الاقتصادية تعاني كثيرا بسبب اعباء الطاقة التي تشكل مانسبته 30 في المائة من كلف الانتاج في بعض الصناعات الكبيرة و18 في المائة في الصناعات المتوسطة والمنتجات المحلية باتت في وضع لاتحسد عليه حيث تراجعت تنافسيتها أمام مثيلاتها من السلع العربية والاجنبية لاسباب تعود الى الفارق الكبير في كلف الانتاج.
في السابق بذلت جهود مضنية للتغلب على مشكلة الطاقة من خلال عمليات التنقيب عن النفط وتم ابرام العديد من الاتفاقيات مع شركات عالمية متخصصة في هذا المجال ومنحت حق التنقيب في أماكن مختلفة وبعد التفاؤل بوجود دلائل ومؤشرات مشجعة على وجود النفط وبكميات تجارية سرعان ما يتهافت المسؤولون على نفي تصريحاتهم وتعود الشركات الى بلدانها دون تقديم اسباب مقنعة او حتى عرض منطقي لنتائج الحفريات.
شركة ترانس جلوبل بعد انهاء عقد امتياز التنقيب عن النفط في الاردن أعلنت انها اقتربت من استخراج النفط واعتبرت ان من حقها الاستمرار في المشروع وطالبت بمبلغ 700 مليون دينار كتعويض. قبل سنوات شاهد مواطنون في الازرق تدفق النفط الخام من احد الابار التي تم حفرها اضافة الى ان الدراسات الجيولوجية والمقارنات الجغرافية مع الدول المجاورة تؤكد ان الاردن دول غنية في النفط ومصادر طبيعية أخرى. محاولات استغلال الصخر الزيتي تفشل الواحدة تلو الاخرى ولم تقدم شيئا يذكر على هذا الصعيد رغم انه بالامكان تنفيذ المشروع بمشاركة محلية من خلال القطاعين العام والخاص ولدينا كفاءات متميزة وقادرة على المضي قدما في المشروع اذا توفرت لها الامكانات المادية والفنية.
رئيس سابق للجمعية العلمية الملكية تمكن من استخلاص النفط الخام من الصخر الزيتي بواسطة الحرق المباشر وقال حينها ان الاموال الطائلة التي تنفق على دراسات الجدوى لاجدوى منها وانه لو اتيحت له ولفريقه الفرص لنجح في تنفيذ المشروع بالتعاون مع القطاع الخاص. اسئلة كثيرة تطرح من قبل المواطنين والمسؤولين بعد مغادرتهم لمواقعهم حول أسباب عدم الشفافية والموضوعية في التعامل مع ملف التنقيب عن النفط والصخر الزيتي والغالبية غير مقتنعة بعدم وجود هذه الثروة في الاردن. مشكلة الطاقة هي التحدي الاكبر امام الاردن حاليا فالحكومة امام خيارات صعبة للغاية وليس سهلا ان تجازف بشعبيتها وتؤجج الشارع ان اقدمت على رفع اسعار الكهرباء والمشتقات النفطية وازالة الدعم عن اسطوانة الغاز وفي المقابل اعباء تثقل كاهل الصناعات وكافة القطاعات الانتاجية والخدمية.
مطلوب عقد منتدى وطني للطاقة تشارك فيه كافة الجهات من القطاعين العام والخاص للخروج برؤية عملية وواقعية للتعامل مع مشكلة الطاقة والاجابة على التساؤلات المشككة بالجدية في استخراج النفط والاسراع في مشروع الصخر الزيتي وايجاد مصادر بديلة للطاقة والاستفادة من تجارب الدول الاخرى بهذا الشأن.