ابو ظبي - منذ انطلاق الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) من أبوظبي في عام ،2007 ظلت وفية لهوايتها في إثارة الجدل حولها، بحيث لم يمر على الجائزة عام من أعوام عمرها الخمسة، من دون أن تحدث ضجة وجدل على الساحة الثقافية العربية، بما يجعلها، بحسب كثير من الكتاب والمتابعين للوسط الثقافي، بمثابة «حجر» القي في مياه الثقافة العربية الراكدة، معتبرين أنها نجحت في ان تعيد البريق إلى الجوائز الأدبية العربية بعد ان وقع عدد كبير من هذه الجوائز اسير النمطية أو حتى «التربيطات» المسبقة.
هذا العام أيضاً يبدو أن «البوكر» تأبى أن تمر دورتها الخامسة في هدوء، لكن الجدل هنا، الذي لم يثر بشكل متسع بعد، من نوع خاص جداً، لأنه يدور حول مصير الجائزة ومستقبلها، طارحاً سؤالاً مهماً.. هل تغادر (البوكر) العاصمة أبوظبي؟
الحديث حول مصير الجائزة بدأ مع تسرب تكهنات عدة حول امكانية توقف مسيرة «البوكر» مع مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي، وهي الجهة الداعمة والممولة للجائزة منذ اطلاقها، التي ظلت طوال السنوات الخمس الماضية متمسكة برعاية الجائزة، وتأكيد «فخرها بدعمها للجائزة التي تشكل مبادرة مهمة، كان لها دور إيجابي في تنشيط وتحريك المشهد الروائي في العالم العربي، بما يعكس حرص المؤسسة على دعم الأعمال الروائية المتميزة»، كما جاء في رد المؤسسة على حملات التشكيك في الحيادية وصدقية الجائزة في دورتها الثالثة، إلى جانب حرص القائمين على مؤسسة الإمارات على التأكيد ان يقتصر دور المؤسسة على تقديم الدعم المادي فقط للجائزة، من دون التدخل في آليات عملها، أو اختيار لجان التحكيم في دوراتها المختلفة، حفاظاً على استقلالية الجائزة وحياديتها.
عقب كل هذا الدعم المتواصل والسخي، تأتي توقعات بتخلي مؤسسة الإمارات عن «البوكر العربية»، لتنقسم التكهنات إلى فريقين: الأول يرجح انتقال الجائزة إلى مؤسسة ظبيانية أخرى تقدم لها الدعم المادي، وبذلك تظل «البوكر» في العاصمة الإماراتية التي شهدت انطلاقها، بينما ذهب الفريق الآخر إلى احتمال انتقال الجائزة إلى دولة أخرى مجاورة، حيث تتولى دعمها ورعايتها.
بحثاً عن إجابة، حملت «الإمارات اليوم» هذه التكهنات إلى المسؤولين في مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي بأبوظبي لمعرفة مصير الجائزة، إلى جانب اسئلة أخرى، حول مصير مشروعات ثقافية وفنية اخرى تتولى المؤسسة رعايتها ودعمها، تتنوع بين المنح الدراسية في مجالات الفنون، ودعم مشروعات وأعمال فنية لشباب إماراتيين.
وتلقت «الإمارات اليوم» رداً مقتضباً من المؤسسة، جاء فيه إن «مؤسسة الإمارات تمر حالياً بمرحلة إعادة هيكلها التنظيمي، وذلك يتضمن إعادة النظر في أهدافها ورسالتها، وهو ما يترتب عليه مراجعة شاملة للمشروعات والبرامج المختلفة التي تعمل على تنفيذها، وقد قامت المؤسسة بالتركيز في مجال عملها على تنمية الشباب نظرا للحاجة الماسة لمؤسسات تعتني بشكل خاص بهذه الشريحة الحيوية من المجتمع، وستقوم المؤسسة بتفعيل ذلك من خلال ثلاثة محاور عمل أساسية هي تنمية المشروعات المجتمعية، والدمج المجتمعي بشرائحه كافة، والتشجيع على مشاركة الشباب في الأعمال الاجتماعية الهادفة، وهو ما يسهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدولة الإمارات العربية المتحدة». ورغم أن رد مؤسسة الإمارات لا يقدم اجابات شافية او قاطعة للتساؤلات المطروحة، إلا انه قد يكشف عن توجه المؤسسة في الفترة المقبلة نحو تكريس الاهتمام بالمجالات الاجتماعية، من خلال المحاور الثلاثة التي أشير إليها، على حساب برنامج المؤسسة للثقافة والفنون، الذي يهدف، بحسب ما سبق وأعلنت، إلى تعزيز مكانة الفنون الإماراتية البصرية والمسرحية والأدبية، ونوعيتها، وممارستها من خلال التعليم، والإنتاج، والنشر، كما كان يوفر الدعم المالي والتقني للمؤسسات غير الربحية، وللإماراتيين في مجالات الفنون البصرية، والسينما، والأدب، والفنون المسرحية، ودراسات المتاحف، كما يدعم البرنامج المؤهلين من الأفراد، والمنظمات، والمشروعات المجتمعية في جميع مناطق الإمارات من أجل رعاية الإبداع، ومواصلة تطوير البيئة المعرفية، وغرس تقدير الفن في جميع مراحل الحياة، أيضاً لم يقدم المسؤولون في مؤسسة الإمارات رداً صريحاً حول مصير جائزة البوكر التي قاربت على إعلان نتائج دورتها الخامسة، خلال الحفل الذي يقام 28 من مارس الجاري، وإذا ما كانت ستكون هذه الدورة الأخيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، وهل تلقت المؤسسة عروضاً من داخل الدولة او خارجها لرعاية الجائزة في السنوات المقبلة. الإمارات اليوم
نجاح
انطلقت الجائزة العالمية للرواية العربية في عام 2007 بالتعاون مع جائزة «بوكر» في العاصمة البريطانية لندن، وتهدف إلى تكريم التميز في الأدب العربي الروائي، ومنحه فرصة الانتشار العالمي عبر ترجمة الأعمال الروائية الفائزة إلى أكبر عدد ممكن من اللغات العالمية، بحسب ما أعلن في ذاك الوقت.
من جانبه، عبر رئيس مجلس أمناء الجائزة جوناثان تايلور، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في يناير الماضي في القاهرة للإعلان عن الروايات الست التي وصلت للقائمة القصيرة هذا العام، عن سعادة وفخر مجلس الأمناء بالنجاح الكبير الذي حققته الجائزة منذ إطلاقها قبل خمس سنوات، وبالتطور الذي تشهده في كل دورة عن السابقة لها، وأكد أهمية الدور الذي لعبته الجائزة ليس فقط في مجال دعم كتابة الرواية العربية فقط، بل دعم نشاط ترجمتها أيضاً إلى اللغات الأخرى.
وتتنافس هذا العام على الفوز بجائزة «البوكر» ست روايات هي: «عناق عند جسر بروكلين» للمصري عزالدين شكري فشير، عن دار العين للنشر، و«العاطل» للمصري ناصر عراق، عن الدار المصرية اللبنانية، و«شريد المنازل» للبناني جبور الدويهي، عن دار النهار، و«دروز بلجراد» للبناني ربيع جابر، عن المركز الثقافي العربي، ورواية «نساء البساتين» للتونسي الحبيب السالمي، عن دار الآداب (بيروت)، و«دمية النار» للجزائري بشير مفتي، عن منشورات الاختلاف.