"كولاج 3" والعودة الى الوطن والعمر والمرض والحب

تاريخ النشر: 27 مارس 2012 - 04:59 GMT
"كولاج 3" والعودة الى الوطن والعمر والمرض والحب
"كولاج 3" والعودة الى الوطن والعمر والمرض والحب

بيروت - يطل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم في مجموعته الصادرة مؤخرا "كولاج 3"، حاملا إلى قرائه عالما ألفوا كثيرا منه عند الشاعر.. ولكنه يضيف إلى ما ألفوه هم أشياء ألفها هو بفعل العمر والأحداث المؤلمة.

فإلى الوطن الحزين وإلى الشعر الوطني الذي عودنا عليه سابقا من عرفوا باسم شعراء الأرض المحتلة، يضيف سميح القاسم الكثير، وإن لم يكن هذا الكثير جديدا في كليته، بل يشبه اليوم البارحة، لكن بقدر أقل من الأمل شبه المعدوم وبكثير من الحزن وعزة النفس.

يحدثنا سميح القاسم عن آلام نفسية وجسدية وعن الوطن والعمر والمرض والحب وعن أمور أخرى، يحولها إلى مقاطع شعرية تتألف كل منها من عدد من الأبيات تراوح بين الشعر الحديث متعدد القوافي والوزن، وبين انعدام القافية أحيانا، وبين قصائد نظمت وفقا للنمط الكلاسيكي وزنا وقافية ودويا، وإن يكن هنا دويا حزينا في غالبه.

جاءت المجموعة في 85 صفحة متوسطة القطع، وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وعن "مكتبة كل شيء".

القصيدة الأولى التي يستهل الشاعر بها مجموعته حملت عنوان "كولاج 3"، وفيها يقول "الطريق طريقي، ولابد لي من طريق، بين نارين، نار العدو، ونار الصديق".

وينتقل مباشرة إلى القول "ملعقة، أطلب ملعقة لحسائي، كي يشربني بأناقته الصلدة، عراب المافيا".

ومنها ينتقل إلى أبيات أخرى فيقول "أتفرج من قاع الصحن المسكين، كيف تقشرني أكواز التين، كي تأكلني في متعة شهوتها، بالشوكة والسكين".

ويضيف "تحدق في المرايا، فماذا تراها ترى في، غير الذي ارتكبت من خطايا..، تحدق في المرايا، وتخجل مني".

وينتقل مباشرة إلى القول "تحار بأمري الدروب، فقد عبرتني مرارا، ولما تصل..، هنا مركز الكون في نار قلبي، فلا تخطئوا يا عباد، ولا تفرحوا بالرماد.. أيها الأخوة الطيبون الكرام، ربما تذكرون فمن قبل خمسين عاما، قال لي الموت الزؤام، إنه يشتهيني فتيا، فلا تخذلوه إذا مت شيخا عجوزا، وقولوا له أيها الموت، مات على دين شيخ.. غلام".

وينتقل إلى كلاسيكية يقول فيها "استقبل اليأس أم استجل الأملا، وما السبيل وناري توصد السبلا، أنا المقيم على ليل يؤرقني فما رحلت ولا كابوسه رحلا، مكثت وحدي بلا صحب أعاشرهم على ديار غدت من بعدهم طللا". ويعود الى شيء من حداثة التعبير فيقول "نهاري القصير طويل، على دهر حزني، وليلي القصير طويل، على نار قلبي ودمعة عيني..، ماذا افعل بالخطر الملموس المحسوس، يا إخواني، شدة أسناني، ينخرها السوس".

ويعود فيتحول إلى غنائية حزينة كلاسيكية النمط، فيقول "سطوت على اناشيدي وداري ولم تطفئ دمي ولهيب ناري، تشيد من رماد الحزن جسما وروحك لا تكف عن انهيار، وما تعلي يؤول الى سقوط وما تبني يحول إلى دمار".

ويختم هذا القسم بالقول "البرق يضرب مرة، والبرق يضرب مرتين ثلاث مرات ويضرب، مرة أو ألف مرة، وأنا رماد البرق، قد تجدون في رمضاء روحي البرق، جمرة".

يستهل الجزء الثاني من كولاج 3 بكلاسيكية يقول فيها "أرصد على جسدي سجونك، وأفتح على روحي جنونك، وأرصد خطاي على القيود وفي دمي مارس فنونك، هي ليلة اخرى تسهر ثورتي فيها جنونك، لا يوم يغريني.. ولعنة يقظتي تدمي جبينك".

ويقول بعدها "لا تبصره بالميكروسكوب ويدعى فيروس، وهو قوي وخطير قد يصرع بالنوك اوت، بطل الجودو والكيك بوكس والتايكاندو، وهو صغير لا تدركه العينان، اين العبرة يا اقوى خلق الخالق، يا ولدي الانسان".

وبعده ينتقل الى الشعر التقليدي فيقول مخاطبا القلب الضعيف "يجس طبيبي ما تشاء المواجع، ويتبعه ثان يرى أو يراجع، ويظهر بعد الفحص للداء موقع وتتبعه بعد الفحوص مواقع، ويخفق في الأسلاك قلب مكهرب وتشهر في وجهي الحزين المباضع، ويهمس من حولي الأطباء حالة محيرة ما السر.. والبحث تابع، وأهمس في قلبي لقلبي مطمئنا سلمت فداء الحب يا قلب نافع، وأقسم ان احميك من كل مبضع لأنك يا قلبي كما انت رائع، وأنك يا قلبي كما انت رائع"

وفي قصيدة قرب نهاية المجموعة يقول "تفاهمت يوما مع اليأس. قلت، سأعطيك لو شئت حزني. وشاء لي اليأس شاء كثيرا، ولا استطيع سوى ان اغني، انا يائس منك يا يأس.. انت تريد، الكثير ولا استطيع القليل فدعني، ودعني وشأني".-(رويترز)