نفى مفاوضون فلسطينيون الاثنين، صحة ما جاء في وثائق نشرتها قناة الجزيرة القطرية الاحد، من ان الجانب الفلسطيني قد وافق على تقديم تنازلات كبيرة في قضيتي القدس واللاجئين خلال المفاوضات التي جرت مع اسرائيل عام 2008.
وقال الفلسطينيون ان ازاء من هذه الوثائق قد تمت فبركتها، فيما اكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه حرص على اطلاع الدول العربية على تطورات المفاوضات مع اسرائيل.
ونقلت وكالة الاسوشييتد برس عن احمد قريع، كبير المفاوضين الفلسطينيين خلال المفاوضات التي جرت عام 2008، قوله ان "اجزاء كثيرة من الوثائق تمت فبركتها كجزء من التحريض ضد السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية".
ونفى ان يكون قدم عرضا في ما يتعلق بالحي اليهودي في القدس، مؤكدا ان اسرائيل رفضت مناقشة هذه المسالة.
ومن جانبه وصف كبير المفاوضين الحالي صائب عريقات الوثائق بانها "اكاذيب وانصاف حقائق".
واضاف عريقات ان "احدى الاكاذيب هي اننا عرضنا نسبة تبادل اراضي واحد الى خمسين، وبالتالي اسرائيل نفسها عرضت نسبة تبادل اقل من ذلك بكثير وهذا كذب".
واكد ان السلطة ستدرس هذه الوثائق "لنكشف الحقيقة واذا كان هناك داع لنشر كل وثائق دائرة المفاوضات فان ذلك سيتم".
واشار الى "ان وثائق دائرة المفاوضات وزعت اكثر من مرة على اعضاء مركزية فتح والمجلس الثوري للحركة واعضاء المجلسين الوطني والمركزي وجزء من دراسات دائرة المفاوضات وزعت على صحافيين ووكالات انباء".
وشدد كبير المفاوضين الفلسطينيين على انه "ليس لدينا ما نخفيه واكرر القول ان معلومات الجزيرة مليئة بالتحريف والتزوير".
وشكك عريقات بتوقيت نشر هذه الوثائق، وقال "لماذا الجزيرة تنشر هذه الوثائق بهذا التوقيت ونحن نواجه اسرائيل والولايات المتحدة في مجلس الامن الدولي نواجه حكومة نتنياهو اليمينية".
كما اعرب الرئيس الفلسطيني عن "استغرابه" من وثائق الجزيرة حسب وكالة الانباء الرسمية الفلسطينية وفا.
ونقلت وكالة الانباء الرسمية وفا عن عباس قوله خلال لقاء في القاهرة مساء الاحد مع رؤساء تحرير الصحف المصرية "كل ما قمنا به من نشاطات مع الجانب الإسرائيلي والأميركي، يبلغ بها العرب بالتفاصيل من خلال لجنة المتابعة، أو الاتصالات الثنائية أو من خلال أمين عام الجامعة العربية الذي لديه علم بكل شيء ويبلغ الأشقاء بتطورات الأوضاع باستمرار".
وتابع عباس "لا أعلم من أين جاءت الجزيرة بأشياء سرية، ولا يوجد شيء مخفي على الأشقاء العرب، وعندما يحصل شيء نتصل بعدد من الدول، وبالسيد عمرو موسى ونطلعهم على ما يجري".
وحسب وثائق الجزيرة، فقد أظهرت التفاصيل المسربة لاجتماع عقد عام 2008 بين مسؤولين أميركيين وفلسطينيين وإسرائيليين مسؤولا فلسطينيا بارزا يقترح أن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس باستثناء احدى مستوطناتها الرئيسية في القدس في اطار اتفاق واسع لانهاء الصراع الدائر بين الجانبين منذ عشرات السنين.
كما اكدت الوثائق بحسب الجزيرة ان الجانب الفلسطيني "تنازل عن الحي اليهودي وعن جزء من الحي الارمني" خلال المفاوضات حول مستقبل البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة.
وشددت الجزيرة في عرضها للوثائق على "التنازلات" التي ابدت القيادة الفلسطينية استعدادها لتقديمها فنقلت عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قوله خلال لقاء بوزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة تسيبي ليفني "ليس سرا اننا عرضنا عليكم اكبر يورشاليم (القدس باللغة العبرية) في التاريخ".
واكدت الجزيرة ان عريقات قدم تنازلات حول المسجد الاقصى لانه دعا خلال احدى جلسات المحادثات لايجاد "طرق خلاقة" للتعامل مع هذا الملف.
وفي ما يتعلق باللاجئين نقلت احدى الوثائق عن عريقات استعداد السلطة الفلسطينية للاكتفاء "بعودة 10 الاف سنويا على عشر سنوات اي بما مجموعه 100000".
ويبلغ عدد الفلسطينيين الذين هجروا لدى قيام دولة اسرائيل في العام 1948 والمتحدرين منهم حوالي الخمسة ملايين شخص يشكل مصيرههم احد اصعب الملفات في مفاوضات السلام المتعثرة حاليا بسبب رفض اسرائيل تجميد الاستيطان".
كما قالت الجزيرة ان احدى الوثائق تشير الى ان اسرائيل ابلغت السلطة الفلسطينية مقدما بخطتها للهجوم على قطاع غزة. وقد نفى متحدث باسم ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي انذاك صحة هذه المعلومات والتي نفاها عباس ايضا في وقت سابق.
وقال عريقات ان الوثائق بشان القدس كانت عبارة عن عرض تقدمت به اسرائيل وليس الفلسطينيين كما نفى ان تكون السلطة الفلسطينية قد عرضت الحد من عودة اللاجئين.
وكان اولمرت قال في تصريحات في سابقة انه عرض على الفلسطينيين دولة في قطاع غزة ونحو 95 بالمئة من الضفة الغربية مع تبادل في الاراضي لتعويض نسبة الخمسة بالمئة، ويتضمن ذلك معبرا بين الضفة والقطاع.
وفي ما يتعلق بالقدس، قال اولمرت انه اقترح نفس الترتيبات التي اوردتها الجزيرة بما يختص بالمواقع المقدسة واجزاء من الاحياء العربية واليهودية.
واوضح اولمرت ان تبادل الاراضي المقترح كان متعلقا بمناطق على طول الحدود بين اسرائيل والضفة الغربية ولن يتضمن الاجزاء التي يعيش فيها عرب 48.
واوضحت القناة القطرية ان نشر الوثاق، وعددها اكثر من 1600 سيستمر عدة ايام كما انها اطلقت موقعا الكترونيا خاصا بدأ بنشرها.
وكانت حركة المقاومة الاسلامية حماس اعتبرت الاثنين ان هذه الوثائق "خطيرة" وتدل على "تورط" السلطة الفلسطينية في محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
مقتطفات من وثائق الجزيرة
في ما يلي مقتطفات ترجمتها وكالة رويترز الى اللغة العربية عن النصوص الانجليزية لوثائق الجزيرة:
15 يونيو حزيران 2008 - اجتماع في القدس مع كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية انذاك وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية في ذلك الوقت واحمد قريع رئيس الوزراء السابق في السلطة الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات.
قريع: "اقترحنا أن تضم اسرائيل كل المستوطنات في القدس ما عدا جبل أبوغنيم (هار حوما)... هذه أول مرة في التاريخ نقدم فيها مقترحا كهذا... لا نستطيع أن نقبل ضم مستوطنات معاليه ادوميم وارييل وجبعات زئيف وافرات وهار حوما.
"أعتقد أننا اذا وافقنا على المبدأ فاننا نستطيع خلال ثلاثة ايام التوصل الى اتفاق على قضايا الحدود والارض."
اكتوبر تشرين الاول 2009 - قالت الجزيرة ان عريقات اقترح ايضا تقسيم المدينة القديمة بالقدس على أن يحتفظ الاسرائيليون بالسيطرة على الحي اليهودي و"جزء من الحي الارمني."
15 يناير كانون الثاني 2010 - خلال اجتماع مع الدبلوماسي الامريكي ديفيد هيل قال عريقات: "ما هو وارد في الورقة يعطيكم (الاسرائيليين) اكبر اورشاليم في التاريخ اليهودي وعودة عدد رمزي من اللاجئين ودولة منزوعة السلاح... ماذا أستطيع أن أعطيكم اكثر من هذا؟."
"(رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتنياهو يقول ان القدس الشرقية مجرد حي مثل تل أبيب وبالتالي فان البناء فيها مسألة عادية... سيقضي ذلك على (الرئيس الفلسطيني محمود عباس). المشكلة مع جميع الادارات الامريكية أنها أساءت تقدير أهمية القدس بالنسبة للفلسطينيين وللسياسة الداخلية الفلسطينية.
"مصداقيتنا على الارض لم تنخفض الى هذا الحد قط. المسألة الان تتعلق بالاستمرارية. هناك حركة حماس والصورة الاكبر في المنطقة."
ولا يشير الاسرائيليون في اي مرحلة من المراحل الى أنهم يمكن أن يقبلوا هذا العرض. بل ان احدى الوثائق تتحدث عما عرضه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود أولمرت فيما يبدو على عباس.
31 اغسطس اب 2008 - "تضم اسرائيل 6.8 في المئة من الضفة الغربية بما في ذلك أربع كتل استيطانية رئيسية هي جوش عتصيون ومعاليه ادوميم وجفعات زئيف وارييل الى جانب جميع مستوطنات القدس الشرقية (بما فيها هار حوما) مقابل ما يساوي 5.5 في المئة من الاراضي الاسرائيلية."
"بالنسبة للاجئين ستعترف اسرائيل "بمعاناة" اللاجئين لكنها لن تتحمل المسؤولية عنها... اسرائيل ستستقبل الف لاجيء في العام لمدة خمسة أعوام "لاسباب انسانية" وستسهم في تعويض اللاجئين بناء على معاناتهم."
وفضلا عن قضايا السلام الرئيسية تظهر النصوص أن هناك مسائل أخرى مثل قضية مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 .
21 مايو ايار 2008 - قالت ليفني ان اسرائيل "ستتخلى عن الجولان" في اطار محادثات السلام السرية مع سوريا التي كانت جارية انذاك. وقالت ليفني انه كنتيجة لفقد المرتفعات سيحتاج الاسرائيليون الى بعض الاراضي من الفلسطينيين.
رد قريع قائلا "نعم ستجعلوننا ندفع الثمن."
وانتهت محادثات السلام مع سوريا دون التوصل الى اتفاق.