تشهد سوق إيجارات الشقق في مدينة طرابلس وضواحيها حركة طلب ناشطة من قبل النازحين السوريين في الأيام الحالية، التي سجل فيها تزايدا مطردا في أعداد الوافدين وصل إلى نحو ضعفي الرقم الذي كان موجودا مطلع العام الحالي، بحسب ما أفاد الناطق الرسمي باسم "لجان تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان" أحمد موسى، الذي أكد أن عدد العائلات المسجلة بلغ نحو 1400 عائلة موزعة داخل مدن "اتحاد بلديات الفيحاء"، ومعها القلمون وفي المناطق المحيطة فيها.
ونظرا لعدم وجود إحصاء رسمي لعدد الشقق التي تم استئجارها في الآونة الأخيرة ومدى تأثير ذلك على الحركة الاقتصادية في تلك المناطق، إلا أن بعض المتابعين لذلك الملف يؤكدون وجود ما يقارب الـ 300 شقة مستأجرة من قبل العائلات السورية في مدن طرابلس والبداوي والميناء، وأخيرا في بلدة القلمون، ومشاريع ضهر العين في قضاء الكورة، حيث وصلت إليهما بعض العائلات بحثا عن شقق تتناسب وإمكانياتها المادية المتواضعة، أو تلك التي جرى تأمينها لها من قبل جمعيات خيرية.
وعلى الرغم من أن سوق الإيجارات لم تتأثر صعودا بشكل كبير بذلك الإقبال، ولم تشكل أزمة بالنسبة للبنانيين الباحثين عن استئجار شقة، إلا أن استمرار تدفق النازحين بوتيرة متسارعة قد تكون له تداعياته المستقبلية على الصعيدين السلبي والإيجابي، وتحديداً في المناطق الشعبية في طرابلس، حيث وصل بدل إيجار الشقة إلى 300 دولار أميركي، أي بزيادة قاربت 50 دولارا. والأمر نفسه انسحب على بقية المناطق التي وصلت إليها العائلات النازحة، على عكس عكار، حيث تقيم بعض العائلات داخل مراكز الإيواء في المدارس، وعند الأقارب والأهل.
ويمكن القول إن وجود ذلك العدد من العائلات، خصوصا في المناطق الشعبية، وما يتردد من احتمالات عن إمكانية وصول عائلات أخرى، من شأنه أن يدفع بعض سماسرة العقارات إلى رفع الأسعار بما يضاعف من الأعباء على النازحين وأقرانهم اللبنانيين، خصوصاً أن قسما كبيراً من العائلات النازحة لا تزال تقيم بشكل جماعي داخل الشقق المستأجرة نظرا لعدم وجود أموال لديها للانفصال عن بعضها، وفي حال تم تأمين مصادر لتلك الأموال فان الطلب على الشقق سيزيد إلى ثلاثة أضعاف تقريبا، وربما أكثر، إذا زاد أعداد العائلات الوافدة من سوريا.
ويلحظ أن غالبية المالكين لا ترغب في تحقيق مكاسب مادية على حساب معاناة النازحين، خصوصا ان هناك شققا أعطيت لبعض العائلات النازحة من دون مقابل، إلا ان واقع الحال ساهم في تنشيط السوق بعد فترة ركود، شهدت خلالها سوق العقارات طلبا متزايدا على شراء الشقق بسبب القروض الميسرة التي قدمتها بعض البنوك للمتعاملين معها، قبل أن يتراجع مع بدء الأزمة في سوريا، ويعود اليوم لينشط على خط الإيجارات. وتشير خريطة توزيع النازحين السوريين في طرابلس إلى وجود العدد الأكبر منهم في مناطق باب التبانة، والقبة، والزاهرية، وباب الرمل، في حين يتوزعون في مدينة الميناء في الحارة الجديدة وداخل المدينة القديمة، أما في مدينة البداوي فتقيم غالبية العائلات في منطقة جبل البداوي ومنطقة وادي النحلة مع وجود بعض العائلات تقيم في مخيم البداوي، على أن هناك عددا من العائلات تقيم عند أناس تربطهم بهم صلات قرابة او معرفة أو من باب الإحسان.
ويلفت موسى إلى "أن العائلات النازحة تقيم في ظروف إنسانية صعبة، وهناك استحالة في توفير شقق لكل العائلات، نظرا لعدم وجود إمكانيات مالية كافية لدى أي جهة معنية بذلك الأمر". ويتابع: "هناك بعض العائلات تقوم باستئجار الشقق على نفقتها الخاصة، وتتشارك أكثر من عائلة داخل شقة واحدة، وهناك عائلات، تقوم بعض الجمعيات بتأمين مساعدة مالية لها لتمكينها من دفع بدل الإيجار، في حين تقوم هيئات شبابية بجمع تبرعات مالية من أمام المساجد ومن خلال تحركات يقومون بها، لتأمين أموال لإقامة العائلات".