كل ما تريد معرفته عن "ناسور الولادة"

تاريخ النشر: 24 مايو 2018 - 10:55 GMT
ناسور الولادة ناجمة عن عملية طويلة دون رعاية طبية فورية
ناسور الولادة ناجمة عن عملية طويلة دون رعاية طبية فورية

يحيى العالم اليوم الدولي لإنهاء "ناسور الولادة" لعام 2018، تحت شعار "يمكننا إنهاء ناسور الولادة"، ويعد ناسور الولادة واحدًا من أخطر الإصابات المأساوية التي يمكن أن تحدث للمرأة أثناء عملية الوضع، وهذه الحالة عادةً ما تترك النساء عرضة للعدوى ولغيرها من الظروف الصحية السيئة.

وغالبًا ما يتم تجنب النساء المصابات بالناسور من مجتمعاتهن، ومع ذلك، فإنه يمكن تجنب الإصابة بهذه الحالة، من خلال تحسين الخدمة الصحية خاصة بين النساء والفتيات الفقيرات، وهن الفئة الأكثر تعرضًا للإصابة بناسور الولادة واستمرار معاناتهن.

قد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 147/67، باعتبار يوم 23 مايو من كل عام يومًا دوليًّا لإنهاء ناسور الولادة، حيث يهدف إلى زيادة الوعي وتكثيف الجهود الرامية إلى إنهاء ناسور الولادة، كما يهدف إلى منع تكرار الإصابة به والحث على المتابعة الطبية بعد العمليات الجراحية.

وأشارت الدكتورة "ناتاليا كانم" المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في رسالة لها بهذه المناسبة، إلى أنه يجب أن يكون الحمل والولادة من بين أسعد المناسبات في حياة المرأة، وللأسف، ليس هذا هو الحال للعديد من النساء الفقيرات الأكثر تهميشًا في العالم.

وناسور الولادة إصابة ناجمة عن عملية طويلة ومعقدة دون رعاية طبية فورية لبعض النساء تسرق منهن بصمت صحتهن، وأملهن، وكرامتهن، وهذه الإصابة غالبًا ما تترك المرأة تعاني من سلس البول المزمن وعادة ما تؤدي إلى وفاة الطفل.

وأضافت كانم أنه قُضي على مشكلة ناسور الولادة فعليًّا في الدول الأكثر ثراء، إلا أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للنساء في الدول الفقيرة، وهو ما يعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، وانعكاسًا لفشل الأنظمة الصحية، وعلامة مأساوية على الظلم الاجتماعي العالمي وعدم المساواة.

وذكرت كانم، أن أهداف التنمية المستدامة العالمية هي دعوة جريئة وطموحة إلى عدم ترك أي شخص خلفنا، ولا سيما أولئك الأكثر تهميشًا، والمنسيين، والذين لا صوت لهم، إن موضوع اليوم الدولي لإنهاء ناسور الولادة، يستهدف الالتزام بإنهاء الناسور الآن"، وأشارت إلى أن صندوق الأمم المتحدة للسكان قطع شوطًا طويلاً، ومنذ عام 2003، تعاون مع شركائه بدعم الحملة العالمية لإنهاء الناسور، تم خلالها إجراء ما يقرب من 100 ألف عملية جراحية لتحويل حياة المصابات إلى الأفضل وتقديم العلاج النفسي للناجيات من الناسور.

وتشير المدير التنفيذي للصندون إلى أنه رغم هذه الجهود، ما زالت أكثر من مليوني امرأة وفتاة في جميع أنحاء العالم يعانين من هذه الحالة، وحان الوقت لإنهاء المعاناة التي لا داعي لها التي يسببها الناسور، تمشيًا مع جدول أعمال 2030 وأهداف التنمية المستدامة، ودعت كانم، إلى أن نلتزم بوضع أبعد ما يكون في المقدمة أولاً وضمان حقوق الإنسان والرفاهية والكرامة للجميع، إن صندوق الأمم المتحدة للسكان ملتزم بإنهاء الناسور في غضون جيل واحد، ونحن ندعو العالم إلى الانضمام إلينا في هذا المسعى الجريء.

ويعد ناسور الولادة واحدًا من المضاعفات الخطرة والمأساوية للولادة، وهو عبارة عن خرق بين قناة الولادة والمثانة أو المستقيم بسبب الولادة الطويلة والمتعسرة، وتتسبب هذه الحالة في سلسل البول، مما يؤدي إلى نبذ مجتمعاتهن لهن، وتعاني المصابات به من الاكئتاب والعزلة الاجتماعية واشتداد الفقر، وربما عانت بعض النساء من هذه الحالة لسنوات طويلة وربما لعقود بسبب عجزهن عن السعي للعلاج.

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية، إلى أنه يموت في كل يوم في جميع أنحاء العالم ما يقارب 800 امرأة بسبب المضاعفات ذات الصلة بالحمل أو الولادة، وتشير التقديرات إلى أنه مقابل كل امرأة تموت لأسباب نفاسية، تعاني ما لا يقل عن 20 امرأة من الاعتلال النفاسي، ومن أشد أشكاله ناسور الولادة.

ويقدر عدد النساء المصابات بالناسور في أفريقيا جنوب الصحراء، وآسيا، والمنطقة العربية، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي، بمليوني امرأة، بينما يقدر عدد الإصابات السنوية الجديدة في جميع أنحاء العالم بـ50 ألفًا إلى 100 ألف حالة، وتشير الأبحاث إلى أن نحو 90% من النساء المصابات بناسور الولادة يلدن طفلاً ميتًا.

ولقد قًضي على ناسور الولادة بشكل أساسي في البلدان الصناعية من خلال توفير علاج طبي عالي الجودة في الوقت المناسب للعمل الطويل الأمد، أي الجراحة القيصرية، واليوم، يحدث ناسور الولادة في الغالب بين النساء والفتيات اللواتي يعشن في فقر مدقع، لا سيما أولئك اللاتي يعشن بعيدًا عن الخدمات الطبية، كما أن حمل الفتيات المراهقات، قبل اكتمال نمو الحوض بشكل مناسب، وكذلك سوء التغذية، والمكانة الصغيرة، والظروف الصحية السيئة عمومًا هي من بين العوامل الفسيولوجية التي تسهم في إعاقة العمل على مواجهة الإصابة بهذه الحالة.

والإصابة بناسور الولادة، إذا تركت دون علاج، تؤدي إلى سلس البول المزمن، وإلى مجموعة من الأمراض الجسدية الأخرى، منها العدوى المتكررة، وأمراض الكلى، والقروح المؤلمة والعقم، كما تؤدي إلى العزلة الاجتماعية والأذى النفسي، فغالبًا ما تكون النساء والفتيات المصابات بالناسور غير قادرات على العمل، ويتخلى الكثير منهن عن أزواجهن وأسرهن، وتنبذهن مجتمعاتهن، مما يدفعهن إلى مزيد من الفقر.

إن العلاج وإعادة الاندماج والمتابعة يمكن للجراحة الترميمية أن تعيد إصلاح الناسور، ولسوء الحظ، غالبًا لا تعرف النساء والفتيات المصابات بهذه الإصابة أن العلاج ممكن، أو لا يمكن تحمل تكاليفه أو لا يمكن الوصول إلى المرافق التي تتوفر فيه، كما أن هناك نقصًا في الجراحين المدربين تدريبًا عاليًا والمهرة لإصلاح الناسور لأداء الإصلاحات، وتعد المتابعة ضرورية أيضًا لجميع النساء والفتيات اللواتي خضعن لجراحة إصلاح الناسور، مما يساعد على ضمان عدم تعرضهن للإصابة مرة أخرى أثناء الولادات اللاحقة، والمساعدة في حماية بقاء الأم والطفل وصحتهما.

ويمكن الوقاية من ناسور الولادة وفي معظم الحالات يمكن علاجه عن طريق الجراحات الترميمية على يد جراح مدرب وخبير في هذه المجال، وتبلغ معدلات نجاح العملية الجراحية 90% في الحالات الأقل تعقيدًا، ويبلغ متوسط تكلفة معالجة ناسور الولادة، بما في ذلك الرعاية اللاحقة للعملية الجراحية وإعادة التأهيل 300 دولار لكل مريضة.

وتؤكد التقارير الطبية أن ضمان وجود الطبيب الماهر أثناء حالات الولادة وتوفير الرعاية التوليدية الطارئة ذات الجودة العالية في الوقت المناسب لجميع النساء اللواتي يطورن المضاعفات أثناء الولادة من شأنه أن يجعل الناسور نادرًا في البلدان النامية، كما هو الحال في العالم الصناعي، وبالإضافة إلى ذلك، فإن توفير خدمات تنظيم الأسرة لأولئك الذين يريدونها يمكن أن يقلل من إعاقة الأمهات والوفاة بنسبة لا تقل عن 20%، كما تجب أيضًا معالجة العوامل الأساسية التي تسهم في تهميش النساء والفتيات، بما في ذلك عدم الحصول على الخدمات الصحية الجيدة والتعليم، والفقر المستمر، وعدم المساواة بين الجنسين وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، وزواج الأطفال، وحمل المراهقات، وعدم حماية حقوق الإنسان.

ومنذ أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه الحملة العالمية لإنهاء الناسور عام 2003، تنشط الحملة الآن في أكثر من 50 بلدًا، وتعمل على الوقاية منه ومعالجته، وإعادة تأهيل الناجين منه، وعلى مدى السنوات الـ15 الماضية، دعم الصندوق، بصفته قائد الحملة العالمية، أكثر من 100 ألف عملية إصلاح جراحي للنساء والفتيات، ودعمت الوكالات الشريكة الآلاف الأخرى.

وفي إطار هذه الحملة تلقى آلاف النساء والفتيات خدمات إعادة الإدماج، بما في ذلك التدريب على المهارات والمنح الصغيرة لبدء الأعمال التجارية، كما دعم الصندوق تدريب الآلاف من العاملين في المجال الصحي، بمن فيهم الجراحون والقابلات والممرضات، ويقوم هؤلاء بدور حاسم في علاج الناسور ومنع حدوثه في المقام الأول، كما تسهم الوقاية والعلاج من ناسور الولادة في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، وهو ضمان حياة صحية، وفي هذه الحالة، تحسين صحة الأم.

قد يعجبك أيضاً:
طبيب البوابة: أسئلة الحمل الشائعة واجاباتها
نصائح للعناية بالجسد بعد الولادة
ما هي كآبة ما بعد الولادة؟