شهدت مدينة حلب شمال سوريا تصعيدًا أمنيًا بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، قبل أن يتوصل الطرفان الاثنين إلى اتفاق لخفض التصعيد ووقف تبادل إطلاق النار بعد ساعات من الاشتباكات التي خلفت 4 قتلى من المدنيين وعددًا من الجرحى. وأفادت وزارة الدفاع السورية بأن القيادة العامة للجيش أصدرت أمرًا بوقف استهداف مواقع قسد، كما أعلنت قسد أنها وجهت تعليمات بوقف الهجمات المتبادلة بعد اتصالات بين الجانبين لتحقيق خفض التصعيد.
وتظهر الأحداث في حلب استمرار التوتر بين الطرفين في مناطق متعددة من المدينة، لاسيما في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية ذات الغالبية الكردية، حيث أبلغ عن استخدام الأسلحة الثقيلة والصواريخ والهاون في نطاق الاشتباكات، مما أدى إلى نزوح عائلات محلية وإغلاق طرق رئيسية. وقد حملت قسد الجيش السوري مسؤولية هذه الاشتباكات، ووصفتها بأنها "تصعيد غير منضبط يهدد حياة المدنيين"، بينما أكدت الحكومة أن الجيش كان يرد على مصادر نيران قادمة من مواقع تابعة لقسد.
وأدى القتال إلى اتخاذ إجراءات احترازية من قبل السلطات المحلية في حلب، حيث أعلن محافظ المدينة تعليق الدراسة مؤقتًا في كافة المدارس والجامعات، إضافة إلى إغلاق المكاتب الحكومية في وسط المدينة لتقليل الخطر على المدنيين.
وتأتي الاشتباكات في ظل توترات سياسية أوسع تتعلق بمستقبل قسد وعلاقتها بالحكومة السورية، لا سيما في سياق التراجع في تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الطرفين في مارس من العام الجاري بهدف دمج قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية وضمان وحدة الأراضي، وهو اتفاق ظل تدريجي التنفيذ وسط خلافات حول بنوده وطريقة تطبيقها.
كما فاقمت تصريحات لمسؤولين أتراك من التوتر حول هذا الملف، حيث زار وزير الخارجية التركي العاصمة دمشق وأكد أن قسد لم تُظهر التزامًا واضحًا بتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري بحلول الموعد النهائي المتفق عليه، محذرًا من أن أنقرة قد تلجأ إلى خطوات عسكرية إذا لم يتم احترام الاتفاق. وتعتبر تركيا قسد –ذات الدعم الأمريكي– منظمة إرهابية بسبب ما تصفها بعلاقاتها مع حزب العمال الكردستاني.
وتظهر التطورات الأخيرة أن خفض التصعيد في حلب جاء بعد تبادل اتهامات بين الحكومة وقسد حول من أطلق شرارة العنف، بينما يستمر الطرفان في الاتصالات لتهدئة الوضع وتجنّب انهيار اتفاق وقف التصعيد. كما تعكس الاشتباكات المخاوف من أن أي تراجع في تنفيذ الاتفاقات السياسية بين دمشق وقسد قد يفتح الباب أمام تجدد النزاع وقد يؤدي إلى توترٍ أكبر في شمال سوريا، وقد يمتد تأثيره إلى العلاقة مع تركيا والتحالف الدولي.