على فرض أنك قابلت شخص ما لأول مرة. يقوم عقلك بعمل بيانات عن هذا الشخص طول الشعر، الصوت،الرائحة المميزة. وبينما تبحث عن جملة لتبدأ الحديث، تقوم منطقة في الدماغ على شكل فرس البحر بتحويل كل هذه المحفزات الخارجية إلى ذاكرة. ويجب أن تمر كل الذكريات من خلال هذه البوابة العقلية قبل أن تستقر في دماغك. لكن منطقة حصان البحر هي "منطقة مؤقتة"، وتعتبر الخطوة الأولى في عملية معقدة. فبعد تشكيل الذاكرة، تتفكك المحسوسات التي تشكل صورة هذا الشخص وتتوزع على خلايا الذاكرة المتعددة، وفي المرة القادمة عندما ترى هذا الشخص أو تسمع صوته أو تشم رائحته يقوم الدماغ بتجميع صورة هذا الشخص مرة أخرى.
تملك أدمغتنا القدرة على حفظ المعلومات بنسبة ألف مرة أكثر من أكثر الحواسيب تطوراً. كما ان المادة السنجابية هي أكثر أداة تخزين موثوق بها. على عكس الحاسبات، التي تخزن كل المعلومات في مواقع معينة، يقوم دماغ الإنسان بتوزيع الذكريات على العديد من الخلايا العصبيةَ. "وهذا يعني بأن فقدان خلية عصبية واحدة لن يؤثر على أداء الذاكرة الكلي"
ما هو فقدان الذاكرة؟
ربما يكون فقدان الذاكرة أو "نسيان الماضي" أحد أكثر الامراض المنتشرة بين الممثلين في المسلسلات والأفلام الدرامية، ولكنه نادر جداً في الواقع. أما إذا حدث فسببه على الأغلب صدمة نفسية حادة. وهو مختلف عن حالة "نسيان الحاضر" حيث يخبرك الشخص عن اسمه ويحاورك بشكل طبيعي ولكن إذا رجعت له بعد 10 دقائق فلن يتذكرك. وسببه هذه الحالة على الأرجح التعرض لضربة على الرأس.
هل يساعدنا التسترون على بناء ذاكرة أفضل؟
يعتبر التسترون ضرورياً لبناء الذاكرة بالإضافة إلى العضلات. ويسبب فقدان التسترون مشاكل في الذاكرة، ومشاكل في الربط بين الخلايا العصبية.
لماذا لا نتذكر طفولتنا؟
ربما تعتقد بأن أمراً خطيراً مثل الولادة لا يمكن أن يمحى من الذاكرة، ولكن فرص أن تتذكر هذه المرحلة شبه معدومة والسبب هو عدم وجود الميلين العصب الوقائي الذي يساعد على توصيل الإشارات قبل سن خمس سنوات.
ويعتقد بان هذه الميلين مهم أيضاً في صيانة الذاكرة طويلة الأمد. أما التفسير الأخر فهو مع بداية تعلمنا للكلام، نفقد خلايا الذاكرة القديمة ونستبدلها بخلايا جديدة .
لماذا لا ننسى كيف نركب الدراجة؟
عندما يتعلم الطفل ركوب الدراجة، فهو يقوم بعمل مجموعتان من الذاكرة: ذاكرة ظاهرية، تسجل الأشياء مثل لون الدراجة، والفرحة بركوب الدراجة دون مساعدة. وذاكرة ضمنية، يلاحظ الميكانيكية التي استعملها لركوب الدراجة، لهذا السبب تسمى "ذاكرة العضلة"، فحتى لو فشلت الذاكرة الظاهرية فلا بد أن تنجح الذاكرة الضمنية بالاحتفاظ بالذكريات.
لماذا ينجح التنويم المغناطيسي؟
فقط لأنك لا تستطيع تذكر حدث، أو اسم، أو وجه لا يعني بأنه غير موجود في دماغك. ولان الدماغ يرتب الذكريات حسب أحدثها ويمنع الوصول إلى الأجزاء القديمة من الذاكرة، يعمل التنويم المغنطيسي على تخطي هذه المرحلة والدخول إلى الأجزاء الأخرى من الدماغ. ولان الدماغ لا يعي مسائلة التنويم المغناطيسي ويعتبر أن الدماغ يعمل يقوم باسترجاع الذكريات وأنت منوم.
لماذا نضيع المفاتيح؟
من المستحيل أن نتذكر كل تفاصيل حياتنا اليومية، ولذلك تعوض أدمغتنا بتعميم الذاكرة على سبيل المثال، بدلاً من تذكر كل تفاحة أكلتها يخلق الدماغ نمطاً للتذكر، مثلاً التفاح أحمر، مدور، ولذيذ. وهكذا بالنسبة للمفاتيح، قد تضعها بشكل يومي على المكتب فيقوم دماغك بعمل نمط للتذكر بحيث يربط المفاتيح بالمكتب وهكذا إذا وضعتها في مكان أخرا لا يسجل ذلك المكان لأنه خارج النمط.