عسر القراءة "الديسلكسيا": المظاهر والأسباب وطرق العلاج!

تاريخ النشر: 22 يناير 2018 - 09:25 GMT
عسر القراءة اضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة
عسر القراءة اضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة

عسر القراءة أو ما يصطلح عليه أيضاً الدسليكسيا، اضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة على الرغم من توافر التعليمات التقليدية والذكاء الكافي والفرصة الاجتماعية والثقافية الملائمة. حيث يتبع إعاقة إدراكية جوهرية، كثيراً ما تكون من أصل صحي.

ومن أشهر صعوبات التعلم وأكثرها استئثاراً باهتمام العلماء والمربين، وذلك لكون القراءة من أهم المهارات الأساسية التي تبني عليها جميع التعليمات في جميع المواد الدراسية، وبدونها لا يمكن للمتعلم أن يمضي قدما في مسيرته التعليمية. كما أن وجود عينة من الطلاب يعانون من عسر القراءة في الصف الدراسي من شأنه التأثير على المستوى العام للطلاب، وهدر الكثير من الوقت والجهد في معالجة ظاهرة لا يُعْرف عنها الكثير في الأوساط الدراسية.

ومما يزيد من خطورة ظاهرة عسر القراءة أو الدسليكسيا، غموض أعراضها، وقلة الوعي بها، مما يجعل الإقصاء والتهميش أسياد الموقف حين يتعلق الأمر بالتعامل مع الطفل المصاب، في ظل غياب الرعاية الخاصة التي تؤهله لتجاوز الصعوبات التي يعاني منها، والانخراط الإيجابي في الأنشطة الهادفة داخل الفصل وخارجه.

الفرق بين عسر القراءة والتأخر في القراءة:
رغم أن النتيجة واحدة وهي انخفاض الأداء الوظيفي في القراءة، إلا أن هناك العديد من الفروق بين حالات الديسلكسيا وحالات التأخر في القراءة، حيث أجرى روتر ويل دراسة على عينتين إحداهما تم تشخصيها على أن لديها صعوبات نوعية في القراءة، في حين تم تشخيص الثانية على أنها تعاني تأخراً عاماً في القراءة، ويمكن تلخيص أهم الفروق التي تم رصدها من خلال هذه الدراسة فيما يلي:

- الديسلكسيا أو عسر القراءة أكثر انتشارا لدى الذكور بخلاف التأخر في القراءة.
- الإعاقات العصبية أكثر انتشاراً في صفوف المتأخرين في القراءة.
- كان التقدم في القراءةوالتهجي أبطأ لدى عينة الأطفال المتعسرين قرائيا مقارنة بالمتأخرين.
- من جهة أخرى، أثبتت الدراسات وجود فروق فيزيولوجية بين الفئتين، حيث وجد أن أطفال الديسلكسيا يعانون من خلل وظيفي عصبي في دوائر القراءة بالنصف الأيسر الخلفي من المخ، بينما من النادر تشخيص هذا الخلل لدى الأطفال الذين لديهم تأخر في القراءة.

مظاهر عسر القراءة "الديسلكسيا":
قبل الخوض في مظاهر الديسلكسيا، ينبغي التنبيه أولاً إلى عدم ارتباط هذه الظاهرة بمعدل الذكاء، مما يفسر صدمة الآباء حينما يكتشفون أن ابنهم يعاني من صعوبات في القراءة رغم أنه كان يظهر علامات ذكاء طبيعي أو حتى فوق الطبيعي. و عموماً يمكن تلخيص أهم مظاهر الديسلكسيا في النقط التالية:

1- المظاهر اللغوية
التأخر أو عدم الكلام بوضوح أو خلط الحروف أو الكلمات أو الجمل، و من أمثلة ذلك ما يلي:
- قلب مقطع من الكلمة فيقرأ بانت بدلاً عن نبات، وكوافه بدلاً عن فواكه .
- حذف بعض الحروف، وإضافة أُخرى كأن يقرأ: والد بدلاً عن ولد، وندى بدلاً عن نادى .
- حذف مقطع كامل من الكلمة كأن يقرأ منزل بدلاً عن المنازل، وفتاة بدلاً عن فتيات .
- قلب مواضع الحروف من الكلمة إما بالتقديم أو التأخير كأن يقرأ قلب بدلاً عن قبل، وعبد بدلاً عن بعد، وفرس بداً عن سفر…
- حذف بعض الكلمات أو أجزاء من الكلمة المقروءة، فمثلاً عبارة (سافرت بالطائرة) قد يقرأها الطالب (سافر بالطائرة).
- إضافة بعض الكلمات غير الموجودة في النص الأصلي إلى الجملة، أو بعض المقاطع أو الأحرف إلى الكلمة المقروءة فمثلاً كلمة (سافرت بالطائرة) قد يقرأها (سافرت بالطائرة إلى أمريكا) .

- إعادة بعض الكلمات أكثر من مرة بدون أي مبرر فمثلاً قد يقرأ (غسلت الأم الثياب) فيقول (غسلت الأم … غسلت الأم الثياب) .
- إبدال بعض الكلمات بأخرى قد تحمل بعضاً من معناها، فمثلاً قد يقرأ كلمة ( العالية ) بدلاً من (المرتفعة) أو (الطلاب) بدلاً من (التلاميذ) أو أن يقرأ (حسام ولد شجاع) وهكذا .
- ضعف في التمييز بين أحرف العلة فقد يقرأ كلمة (فول) فيقول (فيل).
- صعوبة التموقع في النص، حيث يرتبك عند الانتقال من نهاية السطر إلى بداية السطر الذي يليه أثناء القراءة .

2- مظاهر مرتبطة بالأنشطة اليومية
هناك العديد من السلوكات اليومية التي يقوم بها الطفل والتي يمكن أن تدل على معاناته من الديسلكسيا مثل :
- طريقة التعامل مع الأشياء كصعوبة الاحتفاظ بها في يده، وصعوبة التنسيق فيما يقوم به من أعمال مثل مسك الكرات أو تنطيطها أو رميها بصورة عادية.
- صعوبة في تنفيذ بعض الأعمال مثل ارتداء الملابس بصورة طبيعية وربط الحذاء واستعمال الأزرار.
- ضعف التركيز عند الاستماع للقصص.

3- مظاهر مرتبطة بالوراثة
أثبتت الدراسات أن الدسلكسيا في معظمها تكون نتيجة للتوارث في العائلة.

4- مظاهر عسرالقارءة حسب الفئة العمرية
حيث تختلف في كل مرحلة من مراحل نمو الطفل، وتظهر هذه الأعراض تباعاً مع تقدمه بالعمر.

علاج عسر القراءة "الديسلكسيا":
بعد تشخيص عسر القراءة، ينبغي اعتماد خطة علاجية باشراك جميع الفاعلين انطلاقاً من الطبيب المعالج، و الأسرة و الإدارة التربوية، ووصولاً إلى المدرس والطلاب، فالطفل الذي يعاني من عسر القراءة يحتاج إلى التشجيع المستمر من قِبَل الأهل من أجل رفع معنوياته، كما يحتاج لمعاملة خاصة في المدرسة لمراعاة الإشكاليات التي يعاني منها وإعطائه فرصة لاستغلال مهاراته وقدراته العقلية السليمة.

من جهة أخرى، ينبغي أن تتناسب الخطة العلاجية والأسباب الكامنة وراء الديسلكسيا، فإذا كانت هذه الأسباب نفسية بالأساس، فلابد من تدخل الطبيب النفسي و التنسيق مع الأسرة والمدرسة. أما إذا كانت الأسباب تعليمية تربوية، فينبغي مراجعة الطرائق و المناهج و الوسائل المتبعة في التدريس، بحثاً عن السبب وراء هذا الاضطراب في التعلم، سعياً نحو تجاوزه. وفي الإطار التعليمي التربوي، يمكن للمدرسين الذين يعانون من مشكلة عسر القراءة في صفوفهم الدراسية اتباع بعض الاستراتيجيات التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

- توفير بيئة مساعدة على التعلم والاستيعاب، وخالية من كل عوامل التشويش وتشتيت الانتباه.
- التحدث أمام الطلاب بصوت واضح، و لغة سليمة خالية من الأخطاء النحوية.
- مراعاة مستوى المتعلمين حين اختيار النصوص والمفردات التي سيشتغلون عليها.
- طرح الأسئلة بشكل واضح، والابتعاد عن الأسئلة المتداخلة، أو المعقدة.
- تحفيز الطلاب الذين يعانون من الديسلكسيا وتشجيعهم على المشاركة.
- تفادي إحراج الطلاب المعسرين أمام زملائهم خلال القراءة الجهرية.
- الكتابة بخط واضح ومقروء سواءً على السبورة، أو خلال كتابة نماذج الحروف في كراسات المتعلمين .
- تخصيص الوقت الملائم للمعسرين سواء خلال الامتحانات أوحتى خلال إنجاز الواجبات المنزلية.
- التعرف على جوانب القوة في أفراد الدسلكسيا وميولاتهم، والتركيز عليها.
- التواصل مع الآباء وتوعيتهم بأسباب المرض وطرق التعامل مع أبنائهم في البيت.
- الصبر وطول البال وعدم التسرع في طلب نتيجة المجهودات المبذولة.

قد يعجبك أيضاً:
للتخلص من قلق الامتحانات.. وصفة سهلة من علماء النفس
بمناسبة اليوم العالمي لـ اللغة العربية: 6 نصائح تساعد الطفل على تعلمها بسهولة
دراسة: اللياقة البدنية قد تعزز الأداء الأكاديمي للأطفال

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن