تشخيص حالة الاضطراب العقلي معرض للخطأ

تاريخ النشر: 22 نوفمبر 2006 - 08:45 GMT

أسطورة التشخيص

 

بالرغم من أنني أخاطر عندما أقوم بذلك، ولكن يجب أن أقول شيء يعتقد العديد منا في مجمع الصحة العقلية أنه حقيقي: تشخيص حالة الاضطراب العقلي معرض للخطأ.

 

وقبل أن استمر، يجب أن  أشيد بقيمة التشخيص، فهو أداة مفيدةَ جداً. ولا يستطيع الإنسان الإبحار في المجهولِ بدون استعمال مصطلحات ورموز. فالرموز والمصطلحات تسمح لنا بتحديد واقعنا. ووفقاً لذلك، عندما تقوم المريضة أ بتنظيف شقتها بشكل إلزامي، والمريض ب بالتحدث عن وجود شياطينِ خفية، فمن المهم وجود مصطلح "الاضطراب الاستحواذي الإلزامي" لوصف المشكلة السابقة، ومصطلح "داء فصام" لوصف الحالة الأخيرة. وتساهم هذه التصنيفات في التمييز بين الأمراض، كما تساعدنا في  التنبؤ السلوكي الموثوق، واختيار أنماط ملائمة من المعالجة.

 

ولكن على أي حال يوجد خطأن شائعان في تشخيص الاضطرابات العقلية:-

عندما يكسر شخصا ذراعه، يعرف لغويا بأنه مصاب " بكسور في الذراع "، فهناك محدودية في الوصف. وكل الأشخاص الذي سيرونه سيقولون بأنه يعاني من كسر في الذراع. ويصر قانون المعدلات بأن شخصا أو شخصان لمجرد اللهو أو المزاح، قد يقولان عكس ذلك. وبالرغم من وجود المريضة أ والمريض ب، إلا أن العقل لن يعترف بوجود الحالة المرضية، لأنه يعتبر منبعا للتجرد، والغيبيات هي شيء بعيد عن صلابة العظام. بينما العقل مكان الحركة.

 

ولكن عندما يتحول المريض خلال فترة العصر مثلا من حالة الهدوء إلى الاضطراب ثم الهلوسة السمعية، فما هو الاستعمال النهائي لمصطلح "الكآبة"؟ لكي نتأكد، نستطيع القول أن بعض الأعراضِ تحقق أهمية ضمن بعض العقول، لكن يجب أن نعترف بأن كل العقول لا تتوقف عن التحرك، والتذكر، والعمل. لذا فكل اضطراب عقلي هو تجريدي في أحسن الأحوال.

 

لقد تم تشخيص حالتي على أنها مرض الاستحواذ الإلزامي. وقد تكون هذه الحقيقة، ولكن ماذا عن حالات اضطرابات الرعب التي غالبا ما تصيبني؟ هل هي جزء من مرض الاستحواذ أم هل أنا مصابة باضطراب الرعب أيضا؟ وماذا أقول عن الطبيبان اللذان قالا أنني أعاني من مرض ضعف التركيز؟ هل قلة التركيز جزء من مرض الاستحواذ أم العكس, وأيهما يرتبط أكثر باضطرابات الرعب؟ وبالإضافة إلى كل هذا، اشعر أحيانا أنني على شفير الإصابة بحالة هوسية. ولكن هل يعتبر هذا هوسا مزاجيا، أو هل أنا مهوسة بأمراضي!

 

يجب أن نعرف أن جميع الأمراض العصبية، بالرغم من اختلاف أسمائها، هي فروع من عائلة الاضطرابات العصبية الكبيرة. وهذه العائلة ضخمة جداً بِحيث أتساءل عن جدوى ذكرها كلها.

 

أما الخطأ الحتمي الثاني في تشخيص المرض العقلي فهو أن المستلم هو أيضاً المصدر. بكلمة أخرى، عقل المريض هو أساس مأساتها، لذا فأن معرفة التشخيص يمكن أن يثير ضيقا عقليا أعظم. ويمكن لهذا الضيق أن يبرز بعدة أشكال. فأعراض المرض قد تزيد بسبب وعي المريض حول مرضه. وقد يطور المريض عقدةَ نقص وهو نوعا أخر من (الاضطرابات النفسية) أو قد ينجرف إلى حالة من الرعب. أما الشيء الأكثر إزعاجا، فهو أن يستحوذ المرض على تفكير المريض تماما، وبالتالي يفقد المريض ثقته بنفسه وقد يصيبه هذا بحالة من عدم التوازن.

 

وربما قد يتعارض مع رأي الكثيرون، ويعتقدون بأنه من المستحيل أن يتحسن المريض إذا لم يعلم بوجد مرضه.

وأنا بالطبع أوافق على هذا الكلام، واعترف بأن المريض لن يتحسن ما لم يعرف تشخيص حالته. ولكن المصطلحات التي تستعمل لتشخيص حالته، لا تخفق في تلخيص حالة المرضى فقط، بل تجعل المريض يشعر بالمرض أكثر.

 

وأخيرا اعتقد بأن مرضى الأمراض العقلية، يجب أن يعتبروا التشخيص لافتة مهمة في الطريق للشفاء, وبأن تحديد هذه التشخيصات سيجعلها أكثر ثباتا، وطريقة ممتازة لتحديد أفضل طريقة للشفاء، ولكن يجب أن يعلم أن الأعراض تتفاوت، وأن المرض النفسي متشعب، ولكنه هذا لا يعني بأنه بدون علاج، يجب أن يلغي المريض النفسي حالة الرعب، واضطرابات الخوف من المرض، وأن يتعامل معه على أنه مرض جسدي، حتى يتخلص من عقدة الوهم التي نشأ عليها التفكير العقلي بالأمراض النفسية. وهنا يأتي دور الطبيب المعالج في تثقيف المريض النفسي حول مرضه، وأعراضه المحتملة، وكيفية التخلص منها، دون الانجراف إلى حالة جديدة من الاضطرابات النفسية.