أكدت دراسة جديدة أجريت في جامعة ميتشيغان المركزية الأمريكية، أن للتشاؤم والنظرة السلبية للمستقبل بعض التأثيرات المفيدة لصحة الإنسان وجيبه!.
فقد اكتشف علماء النفس أثناء بحثهم عن آليات التأثير الإيجابي للتشاؤم على القرارات التي يأخذها الإنسان، أن المتشائمين أكثر حذرا وحرصا وتحفظا عند الاختيار من نظرائهم المتفائلين، خصوصا فيما يتعلق بألعاب القمار واليانصيب، حيث يميل المتشائمون، حسب قدس برس، للتوقف والانسحاب فورا بعد سلسلة من الخسارات المتتابعة، بينما يستمر المتفائلون في اللعب على أمل الربح.
هذا ومن جانب آخر حول موضوع التشاؤم فيبدو أن هذه هي الميزة الوحيدة له حيث لا يوجد أي ميزة أخرى للشخاص المتشائمين، هذا وأوضح أستاذ علم النفس الدكتور خضر بارون سابقا، أن التشاؤم والاكتئاب هو من أقدم الأمراض النفسية وأكثرها انتشارا وتدميرا للإنسان التي قد تصل إلى التفكير بالانتحار أو الانتحار فعلا إذ يعوق الفرد من أداء دوره الاجتماعي المنوط به وتوقفه عن توافقه وارتقائه بنفسه إضافة إلى عدم القدرة على إعطاء الحب وكراهية الذات.
وأضاف الدكتور بارون أن المصاب بالاكتئاب تنتابه مشاعر من الحزن والتشاؤم والخوف واليأس والقنوط إضافة إلى اضطراب الذاكرة وتوقع الفشل وخيبة الأمل في الحياة. وقال إن الاضطرابات الوجدانية أكثر احتمالا للحدوث بين النساء عنها من الرجال مضيفا "بشكل عام لاحظ علماء النفس أن النساء هن أكثر ميلا للتفكير بالانتحار من الرجال بثلاث مرات إلا أن الرجال ينتهون بقتل أنفسهم بالانتحار أكثر من النساء ". وعزا ذلك إلى أن الرجال يتبعون طرقا أنجح للانتحار من النساء في حين ينتشر الاكتئاب بين المسنين الرجال أكثر من النساء وذلك بسبب تدني قدراتهم الفسيولوجية والشعور بالوحدة وعدم القدرة على إنجاز المهام كما كان في السابق.
وأوضح الدكتور بارون أن هناك انفعالات ومشكلات من الطبيعي أن يشعر بها الفرد في مثل هذه الظروف مثل الخوف من حدوث الأذى له وللأشخاص الذين يحبهم أو الشعور بأنه ليس لديه القدرة على التعامل مع هذه الأزمة بالشكل الصحيح أو الحزن بسبب توقع الموت أو الإصابة وفقدان الأحباء والأصدقاء.
وأضاف أن جميع الأفراد قد تنتابهم هذه المشاعر ولكن بدرجات متفاوتة كما تختلف ردود الأفعال تجاه الأزمات من فرد إلى آخر إذ قد ينهار بعض الأفراد بسرعة نتيجة لتعرضه لاضطرابات نفسية وجسدية في حين يصمد البعض الآخر أمام هذه الضغوط. وأرجع الدكتور بارون ذلك إلى تباين درجات فجائية الصدمة إضافة إلى الخبرات الشخصية للفرد في التوافق مع أزمات وضغوط سابقة.
وشدد على ضرورة التعامل مع الظروف الطارئة بعقلانية وموضوعية والتعبير عن المشاعر الداخلية بحرية ومشاركة الآخرين في ذلك دون المبالغة في التعبير عن المشاعر إضافة إلى التواجد مع الجماعات التي تعطي الاهتمام لما يحدث والحديث حول الظروف الطارئة وتداعياتها.
وأضاف قائلا " لابد من جعل الحياة طبيعية قدر الإمكان وذلك بعدم الاستسلام للأحزان أو الضغوط النفسية من خلال ممارسة نفس السلوك المعتاد الذي كان يقوم الشخص به". ودعا الدكتور بارون إلى ممارسة الرياضة يوميا لأن ذلك يبدد المخاوف والتوتر والقلق إضافة الى أخذ القسط الوافر من النوم والراحة ومشاركة بعض الأصدقاء المقربين في وقت الفراغ.
وأشار إلى ضرورة ان يتذكر الإنسان ان هناك بصيص أمل يمضي الى النور في نهاية ممر الأزمة وأن الأزمات مهما طال أمدها فمآلها الى الانفراج.
في حين دعا الدكتور كامل الفراج إلى ضرورة ممارسة الرياضة بصورة دورية لأنها تساعد الجسم على التخلص من المركبات الهرمونية والعصبية التي تحفز القلق والإكتئاب. وأوضح ان هناك ثلاث مراحل رئيسية يتفاعل بها الإنسان مع الأزمات الأولى تتعلق بمرحلة الترقب وتوجس حدوث الأزمة وكيف سيكون الحال وقت وقوعها والمرحلة الثانية هي المرحلة التي تقع بها الأزمة ويتم التعامل مع جوانبها في حين تتعلق المرحلة الاخيرة بالتعامل مع إفرازات ونتائج حدوث الأزمة.
وأضاف قائلا " لقد ثبت علميا أن أصعب مراحل التعامل مع الأزمات يكمن في المرحلة الأولى إذ عادة ما يكتنفها الغموض الذي يعتبر من أكبر محفزات القلق كما أنها أهم مرحلة تستدعي تدخل الخدمة النفسية إذ تسبب أعراضا نفسية لدى الأشخاص الذين يملكون استعدادا للإصابة بأعراض الاكتئاب او القلق".
ويعرف علماء النفس القلق بأنه خوف غامض من شيء لم يحدث بعد كما تكون هناك مساحة رمادية للذي يعاني من القلق في إطلاق العنان لخياله وتوقع الجانب الأسوأ من الحدث. وبين الدكتور الفراج أن ما يعمق مشاعر القلق في هذه المرحلة سريان الإشاعة الكاذبة التي يطلقها البعض بصورة غير مسؤولة للحصول على انتباه الآخرين أو بغرض التسلية وتكون الإشاعة أرضية خصبة لانتشار القلق غير المبرر عقليا._(البوابة)