بالإمكان أن يكشف الفحص المبكر بالتصوير الطبقي (CT Scan) أحيانا عن وجود سرطان الرئة في المدخنين المزمنين ، ولكن دراسة حديثة تشير إلى أنه لا يوجد تأثير لاستعمال هذا الفحص على نسبة الإجمالية للناجين من الوفاة .
علاوة على ذلك، كما يقول الباحثون، فإن تكاليف الفحص عالية جدا، والفحص يزيد من قلق المريض ويؤدي أحيانا إلى عمليات جراحية لا داعي لها . نشر الباحثون نتائج دراستهم هذه في عدد شهر نيسان من مجلة الطب الإشعاعي .
يقول الدكتور جيمس جيت ، أستاذ الطب في عيادة مايو بمدينة روتشستر بولابة نيويورك، الذي قام بالدراسة : " على الجانب الإيجابي من الأمر ، اكتشفنا عددا لابأس به من الإصابات السرطانية في مراحل مبكرة ، إلا أننا لم نرى دليلا قاطعا على انخفاض عدد الوفيات الناتجة عن الإصابة بسرطان الرئة . "
تم ، خلال هذه الدراسة ، فحص 1520 رجلا وامرأة من المدخنين أو الذين أقلعوا عن التدخين منذ وقت قريب ، وكانوا جميعهم بصحة جيدة . بلغت أعمار من خضعوا للدراسة 50 سنة وما فوق، وكانوا جميعهم يدخنون بكيت سجائر في اليوم منذ مدة لا تقل عن عشرين عاما . تم فحص كل فرد منهم مرة في السنة لمدة أربع سنوات. راقب الباحثون عدد وحجم الأورام/العقد (nodules) التي اكتشفها اخصائيو الأشعة الذين اطلعوا على نتائج الفحوصات .
تم، بواسطة هذا الفحص ، اكتشاف ما مجموعه 3356 ورمأ / عقدة اعتبرت مشبوها في أمرها ، كان 68 فقط منها سرطانيا ، فكان تشخيص 69% ممن خضعوا للفحص تشخيصا ايجابيا كاذبا مرة واحدة على الأقل(أي أن فحصا واحدا على الأقل دلّ على وجود سرطان في حين أنه في الواقع ليس سرطانا). أجريت لثلاثة عشر ممن خضعوا للفحص ما مجموعه خمس عشرة عملية جراحية لإزالة أورام تبيّن فيما بعد أنها أورام حميدة . لاحظ الباحثون أن نتائج الفحص الإيجابية الكاذبة سببت خسائر مادية، وأدت إلى وفيات وحالات مرضية وأساءت إلى نوعية حياة المرضى الذين تم فحصهم .
61% من الحالات السرطانية التي تم اكتشافها بهذا الفحص كانت في مراحل مبكرة، مقارنة بحوالي 21 % تم اكتشافها بدون استعمال الفحص الطبقي . قال جيت : هذه هي الأخبار الجيدة ، فأملنا هو أن الاكتشاف المبكر للمرض يخفّض عدد الوفيات . للأسف الأبحاث لم تحقق ذلك الأمل ، فمع أن عدد الحالات السرطانية التي اكتشفت مبكرا ازداد ، ظل عدد الحالات التي اكتشفت متأخرة ثابتا بين المجموعة التي خضعت للدراسة ، قياسا مع الحالات التي أكتشفت في مشروع عيادة مايو الذي هو عبارة عن دراسة أجريت في السبعينات استخدمت فيها أشعة إكس كوسيلة تصفية (غربلة) .
يقول نورمان إيدلمان ، رئيس الأطباء في المؤسسة الأمريكية لأمراض الرئة : لو تغيّر حقا عدد الحالات التي اكتشفت في مرحلة مبكرة تسمح بالشفاء لانخفض عدد الحالات التي وصلت المراحل المتأخرة .
يقول الباحث الذي قام بالدراسة : التفسير الوحيد الممكن لهذا الوضع هو اكتشاف سرطان يموت المريض وهو يحمله، ولكن لا يكون هو سبب وفاته. وهذه الظاهرة تسمى الإفراط في التشخيص .
يقول إيدلمان : اكتشفوا أشياء كثيرة كانت تظهر مثل السرطان تحت المجهر، ولكنها لم تكن شيئا يسبب الوفاة .
قال جيت : حتى الآن لا زال الأطباء غير قادرين على معرفة الأورام التي ستتطور وتلك التي ستظل نسبيا في حالة ركود. وقد يؤدي هذا الوضع إلى علاجات عير ضرورية ، كإجراء عمليات جراحية للمرضى لإزالة الأورام . يتراوح معدل نسبة الوفيات بسبب جراحة سرطان الرئة بين 3 % و 4% . إذن هذا الإجراء لا يخلو من الخطورة .
استعمال الفحص بالتصوير الطبقي لاكتشاف جميع أنواع السرطان في الأشخاص الخالين من الأعراض ظل مثار جدل خلال السنوات القليلة الماضية . تتغنى عيادات الاختصاص بفوائد الفحص بالتصوير الطبقي لكل شيء من أمراض القلب إلى أمراض السرطان، إلا أن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية ، التي وافقت على استعمال التصوير الطبقي بصورة عامة، لم تتفحص بعد المعلومات والبيانات التي تستند إليها هذه الآراء الأكثر شمولية .
يقول إيدلمان : مع أن الدراسة التي أجرتها عيادة مايو مفيدة ، إلا أن نتائجها ليست مؤكدة وقطعية . استخدمت الدراسة مجموعة مراقبة تاريخية بدلا من استعمال التصميم الدراسي العشوائي الذي يعتبر أفضل معيار للأبحاث الطبية . يقوم المعهد الوطني للسرطان حاليا بتجربة عشوائية واسعة للمقارنة بين التصوير الطبقي وتصوير الصدر بأشعة إكس لتشخيص السرطان الرئوي لمعرفة ما إذا كان هناك فرق في عدد الوفيات بين الحالات التي فحصت بالتصوير الطبقي وتلك التي فحصت بأشعة إكس .
سرطان الرئة هو أكبر أسباب الوفاة بين مرضى السرطان من الرجال والنساء في الولايات المتحدة ، حسب قول الجمعية الأمريكية للسرطان . من المتوقع أن تحدث حوالي 172570إصابة بسرطان الرئة في الولايات المتحدة خلال عام 2005، وينتظر أن ينتج عنها وفاة 163510 شخصا . وفي هذه الأثناء يتواصل النقاش بشأن ما إذا كان بالإمكان أن ينقذ الفحص بالتصوير الطبقي حياة المرضى . يقول إيدلمان إنه ليس لجمعيته موقفا محددا تجاه استعمال التصوير الطبقي . ويقول الباحثون إنه ما من جمعية لأخصائيي الأشعة المهنيين توافق على استعمال التصوير الطبقي لاكتشاف المرض في أشخاص يبدو أنهم أصحاء .(البوابة)