تعتبر دولة تركيا من الدول السياحية الأولى في العالم حيث تشتهر بوجود الكثير من المعالم التاريخية والأثرية المهمة من قلاع وحصون وقصور ومساجد وكنائس، وتضم مدينة اسطنبول أكبر تجمع دور عبادة في العالم حيث تنتشر فيها الأديرة والكنائس والجوامع بكثرة، وتمثل مرحلة تاريخية هامة عاشتها المدينة زمن الإمبراطورية البيزنطية والعثمانية، ومساجد اسطنبول متنوعة وفيها أنماط معمارية حديثة وقديمة، وبناها أشهر المهندسين المعماريين في ذلك الزمن مثل معمار سنان وسركيس بليان وغيرهم، ولكل منها سمات وصفات خاصة تتميز بها عن الأخرى، وإضافة إلى اعتبارها أماكن للصلاة فإنها تضم مدافن لأشهر السلاطين العثمانيين وأبنائهم وبناتهم، وفي مقالنا هذا سنتعرف معًا على أهم تلك المساجد فتابعونا.
أشهر مساجد اسطنبول
أينما توجهت في مدينة اسطنبول سيبهرك البناء العمراني والتحف المعمارية المتمثلة بالقلاع والقصور العثمانية إضافة إلى المساجد، وتستقطب مساجد اسطنبول عدداً كبيراً من الزوار والسياح يومياً، وتعتبر أماكن سياحية رائدة في المدينة يقصدها القاصي والداني بغرض التعرف على بنائها الفخم وتاريخها العظيم، إضافة إلى الصلاة في رحاب ساحاتها المباركة.
وبعض هذه المساجد يعود بنائها لزمن العصر البيزنطي وأخرى لزمن الدولة العثمانية، إضافة لمساجد بنيت في العصر التركي الحديث، والبناء لتلك المساجد مستوحى من الطراز الباروكي والأوروبي الغربي الذي كان سائداً في تلك الفترة مع الاحتفاظ بالبصمات العثمانية الإسلامية بالزخارف والنقوش والكتابات وشكل المسجد والقبب والمآذن، وفيما يلي نخبة مميزة من أجمل تلك المساجد وأشهرها:
1- مسجد آيا صوفيا

مسجد آيا صوفيا من المباني التاريخية القديمة في تركيا، ويعد تحفة فنية معمارية أورثتها الإمبراطورية البيزنطية للعالم، ويتربع المسجد على الضفة الأوربية لمدينة اسطنبول منذ قرابة 1500 عام في منطقة السلطان أحمد بقرب المسجد الأزرق ليكون من أهم مساجد اسطنبول التاريخية، وكلمة آيا صوفيا يونانية الأصل وتعني "الحكمة الإلهية"، ويعود تاريخ مسجد آيا صوفيا إلى زمن العصر البيزنطي حيث كان كاتدرائية للمسيحيين الأرثوذكس وتم بناؤه بأمر من الإمبراطور جستينيان عام 532م، وأتى بحوالي 100 مهندس معماري مع تزويد كل مهندس ب100 عامل ليتم إنجاز البناء خلال مدة خمس سنوات.
وبقيت آيا صوفيا كنيسة أرثوذكسية حتى استيلاء الصليبيين على القسطنطينية ليحولوها إلى كاتدرائية للروم الكاثوليك ولتعود مرة أخرى بعد خروجهم للإمبراطورية البيزنطية، وبعد فتح القسطنطينية من قبل السلطان محمد الفاتح عام 1453م أصبحت آيا صوفيا مسجداً للمسلمين حيث أدى فيها السلطان محمد الفاتح أول صلاة جمعة، وتم البدء بإضافة اللمسات المعمارية الإسلامية للمنابر مع بناء 4 مآذن ومحراب وأصبح المسجد أكبر مسجد في اسطنبول، والمكان الرئيسي لإقامة الصلاة في اسطنبول.
وبعد قيام الجمهورية التركية أمر مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية بتحويل المسجد إلى متحف عام 1935م، وبقي كمتحف حتى أواخر عام 2020م حيث أمر مجلس الدولة التركية بإعادة المتحف إلى مسجد ومكان للعبادة، وبالنسبة إلى شكل البناء فإن المبنى قائم على 4 أعمدة ضخمة يبلغ ارتفاعها 24,3 متر وهي مصنعة من الرخام الأخضر، بينما يبلغ ارتفاع القبة الرئيسية فيها 55,6. متر، ويتم الدخول إلى المبنى من 9 أبواب والتي بنيت بطراز البازيليكا، ويتوسط المبنى فسحة سماوية تم إحاطتها برواق طويل تنتهي بردهات جانبية، وفوق الصالة الرئيسية هناك قبة ضخمة تدعمها أنصاف قبب صغيرة.
وما يميز المكان بروز العمارة البيزنطية الفريدة من خلال تزين الواجهات بنقوش وزخارف هندسية رائعة مع إضافة البصمة الإسلامية من خلال اللوحات القرآنية واللوحات الكتابية، وتم تغطية لوحات مسيحية بالجبس ورسم فوقها بالخط العربي، ويمكن القول بأن مسجد آيا صوفيا من أشهر المعالم السياحية في اسطنبول ويزوره سنوياً ملايين السياح والزوار.
2- جامع الفاتح في اسطنبول

مسجد هام بني في العهد العثماني في منطقة الفاتح باسطنبول بأمر من السلطان محمد الفاتح بين عامي 1463-1470م، وسمي باسم السلطان محمد الفاتح وكان جزءاً من مجمع ضخم يضم 16 كلية ودار للضيافة ومستشفى ومكتبة ونزل للإقامة وسوق وحمام ومطبخ للفقراء ومدرسة ابتدائية مع إضافة مقابر ومدافن فيما بعد، ولقد تعرض المسجد لعدة كوارث وأصابه ضرر بالغ ليتدمر بالكامل عام 1761م حيث تحطمت الجدران والقبة الرئيسية.
وبقي الفناء الداخلي مع الرواق المغطى بالقبب الصغيرة والتي صممها المعماري الشهير سنان آغا مما استدعى الحاجة لبناء مسجد جديد عام 1771م في عهد السلطان مصطفى الثالث ليأخذ شكل المربع مع قبة واحدة مركزية تم تدعيمها ب4 قبب صغيرة، وتم بناء الأجزاء الجديدة على الطراز الباروكي ليكون المسجد من أشهر مساجد اسطنبول وأهمها، وليصبح مثال عظيم لفن العمارة الإسلامية العثمانية ومرحلة مهمة من تطور هذا الفن عبر الزمن، وأهم ما يميز جامع الفاتح وجود ساعة شمسية تم نقشها من الحجر وبئر ماء، إضافة لذلك يوجد خزان كبير للمياه بجانب الفناء الرئيسي تم إحاطته بسور حديدي، وكان يستخدم زمن العثمانيين.
3- مسجد السليمانية

يتربع مسجد السليمانية على قمة التلة الثالثة لمدينة اسطنبول، ويقع في قلب مجمع السليمانية الكبير والذي يضم مدارس ومكتبة ودار شفاء وفندق ومحلات تجارية ومطعم خيري وخان وحمام، إضافة إلى ضريح المعماري سنان، وهو من أكبر مساجد اسطنبول وأشهرها، وتم بناء المسجد بأمر من السلطان سليمان القانوني وأوكل مهمة البناء إلى المهندس المعماري الأشهر في ذلك الزمن وهو سنان آغا، واعتمد في البناء على الحجر المنحوت بدون استخدام الملاط، وهذه ميزة العمارة الأناضولية.
وبدأ تأسيس الجامع سنة 1550م ليستمر إنجازه مدة سبع سنوات ليكون أهم جامع في اسطنبول، ويبلغ طول الجامع 69 متر وعرضه 63 متر، ويضم قبة كبيرة وسطى تستند على أربع أعمدة رخامية ضخمة ويبلغ ارتفاع القبة 53 متر، ويتوسط الجامع مساحات خضراء واسعة، وله 4 مآذن تدل على ترتيب السلطان سليمان القانوني كونه رابع سلاطين بني عثمان، وتوجد 10 شرفات للمآذن تدل على ترتيب السلطان سليمان العاشر، ويتسم الجامع بالبساطة في الزخارف والنقوش على عكس خريطة مساجد اسطنبول الأخرى.
والتصميم الداخلي للجامع عبارة عن تحفة معمارية رائعة حيث تجد مدخل رئيسي يتفرع لأروقة فيها مكان وضوء، وتجد زخارف وزينة هندسية تغطي جدران الجامع من لوحات قرآنية وخط عربي أصيل، وهناك منبر مصنوع من المرمر الأبيض مع نوافذ زجاجية تعكس ضوء النهار، أما الأرضية فهي مصنوعة من البلاط المصقول من ألوان متعددة أهمها الأحمر والأرجواني، ويكسو جدران الجامع الداخلية لبيت الصلاة اللون الأزرق مع زخارف لها شكل زهرة التوليب والقرنفل وأوراق النبات، وبالنسبة لمحراب الجامع فهو مصنع من المرمر المحفور.
أما منبر الواعظ فهو خشبي وزواياه منقوشة بأوراق ذهبية، ومجلس السلطان تجده في الجهة الشمالية من الجامع حيث كان يؤدي به الصلاة، وإن جمال مسجد السليمانية قائم بإطلالته الساحرة على مضيق البوسفور والقرن الذهبي، وهو ثاني أكبر جامع في اسطنبول بعد مسجد السلطان أحمد الشهير.
4- جامع تشامليجا في اسطنبول

يطلق عليه اسم المسجد العملاق بسبب مساحته الواسعة وارتفاعه الشاهق، ويعد أكبر جامع باسطنبول ويقع في قمة تلة العرائس العالية الارتفاع في منطقة اسكودار بإطلالة مميزة على القسم الآسيوي من المدينة، وتم البدء بالبناء عام 2013م بمساحة تبلغ 15000 متر مربع ليتسع لحوالي 37500 شخص، وتم تسليم البناء للمهندس المعماري حاجي محمد غونر، وقامت كل من المهندستين المعماريتين بحر مزراف وخيرية غول طوطو بتصميم المشروع، وتم صب أرضية الجامع بشكل متين بحيث يستطيع 50000 شخص من الصلاة في وقت واحد.
وكلمة تشامليجا تعني الصنوبرية واشتق الاسم من وجود غابة صنوبر ضخمة في المكان، ويضم جامع تشامليجا أقساماً عديدة، وأولها متحف الآثار الإسلامية الذي يمتد على مساحة 11 ألف متر مربع ومعرض الفنون بمساحة 3500 متر مربع، وقسم كراج السيارات بمساحة 3500 متر مربع، ومكتبة بمساحة 3000 متر مربع، إضافة إلى صالة مؤتمرات وقبب و6 مآذن يبلغ طول أربعة منها 107,1 متر، والاثنتان الباقيتان بطول 90 متر، ويبلغ ارتفاع القبة 72 متر وهي أكبر قبة في مساجد اسطنبول كاملة، ولقد خصصت مساحة 30 دونم حول الجامع بغرض التنزه والاستمتاع بالإطلالات المميزة على مدينة اسطنبول.
5- مسجد السلطان أحمد

يعرف مسجد السلطان أحمد باسم المسجد الأزرق ويصنف كأشهر مسجد في اسطنبول، ويقع في مكان مميز في ساحة السلطان أحمد قبالة مسجد آيا صوفيا التاريخي، ويتميز المسجد بعمارة مدهشة وملفتة للأنظار ويشتهر بكونه من أماكن سياحية في اسطنبول الأكثر زيارة وتوافداً من قبل السياح والزوار، وتم بناؤه بين عامي 1609م-1616م من قبل المهندس المعماري الشهير محمد آغا، وللجامع سور مرتفع مع خمسة أبواب ثلاثة منها يقود لصحن المسجد واثنان يقود لردهة الصلاة، ويبلغ ارتفاع قبته الرئيسية 43 متر وتتوزع 8 قباب أصغر حجماً حولها، ويعلو الجامع 6 مآذن.
ويعتبر المسجد الوحيد في العمارة العثمانية الذي يحوي 6 مآذن، وبالنسبة للقسم الداخلي فهناك 260 نافذة مصنوعة من الزجاج الملون وتتدلى من السقف ثريات فخمة تم طلائها بماء الذهب والأحجار الكريمة والكريستال، وتكسو الجدران الداخلية للجامع حوالي 20 ألف قطعة سراميك ملونة باللون الأزرق تم استيرادها من منطقة كوتاهيا وايزينك، وهي بنقوش وتصاميم مختلفة، ومن هنا جاءت تسميته بالمسجد الأزرق، ويتضمن المسجد ملامح معمارية بينزنطية مقتبسة من مسجد آيا صوفيا، ويمتاز بكونه أكبر مساجد اسطنبول والعالم، وفيه مكتبة تاريخية مع مرافق صحية وتعليمية وعشرات المحلات التجارية حول سوره الضخم مع حديقة خضراء واسعة.
6- جامع أيوب الأنصاري في اسطنبول

إن كنت ترغب بمعرفة كم مسجد يوجد في اسطنبول فإن الجواب هناك أكثر من 3000 مسجد وجامع في المدينة، وكلها تمتاز بهندسة معمارية فريدة تميزها عن الأخرى، ومن بين تلك المساجد الرائعة مسجد أبو أيوب الأنصاري، وهو مسجد عثماني تاريخي يقع في منطقة أيوب على الجانب الأوربي من مدينة اسطنبول بقرب القرن الذهبي، وهو أول مساجد اسطنبول التي بنيت بعد فتح القسطنطينية وذلك في عام 1458م، ويوجد في المسجد قبر الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري الذي فقد موضعه لقرون عدة ليتم اكتشافه من قبل آق شمس الدين خارج سور القسطنطينية قبل حصارها من قبل السلطان محمد الفاتح.
وفي القرن الثامن عشر تعرض الجامع لزلزال مدمر، وأمر السلطان محمد الثالث بإعادة بنائه ليتم الانتهاء منه عام 1800م، وتم إعادة بناء المئذنة الشرقية منه في زمن السلطان محمود الثاني عام 1822م، وعند زيارة الجامع ستلاحظ تأثر العمارة فيه بأسلوب البناء الباروكي حيث تم التصميم على شكل مربع مع قبة كبيرة بقطر 16 متر، وبجوارها 8 قبب، وبالداخل تجد فنائين منفصلين واحد للوضوء والثاني فيه شجر جميز قديم، ويغلب من الداخل وجود الزخارف والنقوش الملونة باللونين الأزرق والأبيض، ويحظى المكان بأهمية روحانية ودينية كونه يضم مقام أبو أيوب الأنصاري.
7- جامع أورتاكوي في اسطنبول

يطلق عليه اسم جامع المجيدية حيث بني بأمر من السلطان عبد المجيد عام 1853م من قبل المهندس المعماري نكوغوث بليان على شاطئ مضيق البوسفور مكان المسجد الذي بناه محمود آغا صهر الوزير ابراهيم باشا في حي أورتاكوي في منطقة بشكتاش، وتم تدعيم أساسات البناء عام 1960م وتقويتها حتى عمق 20 متر، ويتضمن الجامع الذي يتميز بكونه من أفخم مساجد اسطنبول كتلتين من البناء واحدة تدعى بكتلة الجامع والثانية بمحفل السلطان، وهما بجوار بعضهما مع وجود فسحة سماوية صغيرة بالجهة الشمالية من الجامع.
أما بالنسبة للجدران فهي مقوسة للداخل ولها دعامات للتقوية، ويتم إنارة الجامع من خلال وجود نوافذ عريضة وعالية، وفي الجامع مئذنتين مربعتي الشكل مع نقوش وزخارف مكتوبة بقلم باروكي إضافة إلى عمارة فريدة ونمط فني شبيه بقصور أوربا في القرن السابع عشر، ويغلب على القبة الرئيسية زينة وزخارف بترصيع سماوي مع خطوط عريضة وأوراق نباتية نافرة ملونة باللون الذهبي.
ويشتمل المسجد على لوحات بخط عربي وكلمة لفظ الجلالة وأسماء النبي والخلفاء الراشدين، إضافة إلى لوحات يقال بأن السلطان عبد المجيد قام بكتابتها بنفسه، وعند الدخول إلى باب الجامع ستشاهد ختم على البوابة تحمل اسم السلطان الذي بنى الجامع.
8- جامع أمينونو في اسطنبول

يمثل جامع أمينونو آخر نموذج لمساجد اسطنبول الكبيرة والتي تم إنشاؤها بأمر من السلاطين العثمانيين، وهو المسجد الذي استغرق أطول مدة في البناء، ويقع في منطقة أمينونو التي تتبع لبلدية الفاتح وهي من المناطق المزدحمة بالسياح والزوار، ويعرف الجامع باسم جامع والدة السلطان، وتم إصدار أمر بناء المسجد من قبل السلطانة صفية والدة السلطان محمد الثالث، وأشرف عليه المهندس المعماري داود آغا، وبعد حريق اسطنبول الهائل الذي حدث عام 1660م أمرت السلطانة خديجة تورهان والدة السلطان محمد الرابع باستكمال البناء عام 1663م من قبل المهندس أحمد آغا، واكتمل البناء بعد 66 عام بإشراف المهندس المعماري مصطفى آغا.
ويضم الجامع قصر السلطان الذي يشتهر بكونه من أجمل القصور، ويمثل الجامع رمز لمنطقة أمينونو ومرحلة تاريخية مهمة توضح تأثير أمهات السلاطين على شأن الدولة العثمانية العام وخاصة في القرنين السابع والسادس عشر، وبشكل عام يتألف المسجد من قبة ضخمة بقطر 16 متر تستند على 4 أعمدة كبيرة، وتملأ الزخارف جدران وأرضية المسجد مع نوافذ عريضة ومرتفعة للإنارة، ويتوسط الفناء الداخلي ميضأة ويحيط به رواق طويل، ويوجد فيه أكبر مقبرة للسلاطين العثمانيين، إضافة لقبر السلطانة خديجة تورهان.
9- جامع بايزيد

شيد جامع بايزيد الثاني بأمر من السلطان بيازيد الثاني في فترة تمتد بين عامي 1501م-1506م، وأشرف على بناء المسجد المهندس المعماري خير الدين الذي اعتمد العمارة البيزنطية في التصميم الهندسي للجامع مع الحفاظ على البصمة الإسلامية العريقة، وتم استكمال البناء بعد وفاته من قبل المهندس المعماري سنان عام 1574م، ويوجد المسجد على قمة التلة الثالثة في مكان ساحة ثيودويسيوس ضمن المنطقة القديمة في اسطنبول، ويعتبر المسجد من أوائل مساجد اسطنبول العثمانية التي يظهر عليها التأثير البيزنطي.
ويتواجد المسجد ضمن مجمع بناء ضخم فيه مطبخ للفقراء ومدرسة ومستشفى ومدرسة دينية وتعليمية وحمام وخان مع قبور ومدافن للسلطان بيازيد وابنته ومصطفى باشا، وللجامع قباب رائعة مع نافورة ثمانية الزوايا للوضوء وقبة رئيسية بطول 16,786م وهي أصغر من قبة مسجد آيا صوفيا، إضافة إلى وجود الأقواس المدببة، ويعد مسجد بيازيد الثاني مثال مطور عن مسجد سلجوقي بني في مدينة أماسيا التركية عام 1308 م.
10- جامع لالالي

تم تصميم الجامع من قبل المهندس المعماري محمد طاهر آغا بأمر من السلطان مصطفى الثالث بين عامي 1760م - 1763م في منطقة لالالي التابعة لمنطقة الفاتح في اسطنبول، واستمد الجامع اسمه من اسم لالالي بابا الذي اعتبره السلطان مصطفى الثالث وليه، وتم بناء الجامع بشكل مجمع كبير يضم مسجد ومدرسة ومكتبة وسوق ومحلات تجارية مع حنفيات سبيل ونزل ومحل صناعة شمع، إضافة إلى مقابر وأضرحة تعود للسلطان مصطفى الثالث وزوجته وبناته وابنه.
ويتكون المسجد من ساحة كبيرة في وسطها نافورة للوضوء مصنوعة من الرخام مع قبة مركزية لها شكل دائري تحيط بها 6 قباب صغيرة نصف دائرية، إضافة إلى مئذنة الجامع، ويتم إضاءة الجامع بوجود 105 نافذة كبيرة وعالية، مع وجود ثلاث مداخل للجامع، ويظهر في البناء الأسلوب الباروكي والكلاسيكي، وكلمة لالالي تعني الزنبق في اللغة التركية.
11- مسجد الحميدية يلدز

يعتبر مسجد الحميدية مرآة تاريخية للدولة الحميدية التي فرضت نفسها عالمياً، ويمثل رمزاً معمارياً جميلاً للسلطان عبد الحميد الثاني الذي أمر ببنائه سنة 1885م ليكون من أجمل وأشهر مساجد اسطنبول العثمانية، ويقع المسجد في شارع بربروش في منطقة بشكتاش في حي يلدز ضمن الطريق المؤدي لقصر يلدز الشهير وسمي الجامع باسم السلطان عبد الحميد الثاني، وتم جلب المعماري الشهير سركيس بليان للإشراف على بناء المسجد واكتمل البناء عام 1886م، ويمتاز المسجد بقبة صغيرة مثبتة على 4 أعمدة سميكة حديدية مع أرضية زرقاء رخامية، ويأخذ شكل مستطيل، وفيه مئذنة محززة حتى القمة ومزخرفة بزينة عثمانية رائعة.
وتأثر بناء المسجد بالأسلوب الفني الاستشراقي لدول أوروبا الغربية مع محافظته على السمة الإسلامية الكلاسيكية، ويضم الجامع 16نافذة، وفيه سلالم نحو جهة اليمين وسلالم نحو جهة اليسار، وسلالم اليمين تقود إلى غرف السفراء ومزينة بذهب عيار 18 بينما سلالم اليسار تقود إلى محفل السلطان حيث كان يؤدي صلاته، والتصميم الداخلي والخارجي للمسجد مستوحى من العمارة القوطية الحديثة مع وجود أنماط مغربية وأندلسية.
وفيه ثريات ضخمة تم إرسالها هدية من القيصر الألماني فيلهلم الثاني، ويمتاز المسجد بوجود مشربية خشبية صنعها السلطان عبد الحميد بنفسه، إضافة إلى منبر واسع للوعظ، وتم استخدام الجامع كخطابات للسلطان عبد الحميد يوم الجمعة، وشهد الجامع حادثة محاولة اغتيال السلطان عام 1905م.
12- جامع مهرماه سلطان

يتواجد جامع مهرماه السلطان قرب أسوار القسطنطينية في اسطنبول ضمن حي أدرنة قابي، وتم البناء بأمر من مهرماه السلطان ابنة السلطان سليمان القانوني، وتم التصميم من قبل المعماري الشهير معمار سنان ويحمل المسجد اسم السلطانة مهرماه، وبني الجامع بين عامي 1562م - 1565م، وموقعه المميز في أعلى نقطة في مدينة اسطنبول يجعله من أهم مساجد اسطنبول وأكثرها سحراً وجمالاً، ويأخذ المسجد شكل المربع تعلوه قبة تستند على 4 أعمدة، وتحيط به العديد من الأروقة الجانبية التي تقود لحجيرات فردية تستخدم كمدارس تعليمية، وفي وسط فناء المسجد الكبير تتربع نافورة كبيرة للوضوء.
أما مدخل المسجد فإنه يمر عبر رواق فيه 7 قباب مع أعمدة مصنوعة من الجرانيت والرخام تفتح على الممرات الجانبية مع كثرة النوافذ الزجاجية الملونة مما يجعل المسجد من أكثر النماذج المعمارية إضاءة، وتم تشييد الجامع ضمن مجمع كبير فيه كلية ومدرسة وحمام ومتاجر وخان، إضافة إلى قبور زوج ابنة مهرماه السلطان وابنتها عائشة هوماشاه السلطان وأحفادها محمد وعثمان ومصطفى بك، أما السلطانة مع مهرماه فلم تدفن في هذا المكان، وإنما دفنت إلى جانب والدها سليمان القانوني في مسجد السليمانية في اسطنبول.
في نهاية مقالنا تم تسليط الضوء على أشهر وأهم مساجد اسطنبول التاريخية والعثمانية والحديثة بتصميمها المعماري الفخم وملامحها الفنية الراقية، والتي تحكي عن تاريخ يمتد من زمن الإمبراطورية البيزنطية ومروراً بالإمبراطورية العثمانية حتى قيام الجمهورية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، نتمنى أن نكون قد أفدناكم وجاوبنا على جميع استفساراتكم.