في 16 آذار الفائت، قادت ثلاثة أهداف من لويس سواريز ونيمار وليونيل ميسي حامل اللقب برشلونة إلى الفوز على آرسنال (3-1)، وبالتالي إلى بلوغه ربع نهائي دوري أبطال أوروبا (5-1)، بمجموع مباراتي الذهاب والإياب.
يومها غرد مهاجم برشلونة ومنتخب إنجلترا السابق غاري لينيكر على "تويتر": "الكرة التي يقدمها برشلونة رائعة. إنه أفضل فريق يمكن مشاهدته في تاريخ اللعبة الجميلة".
وشاطر كثيرون لينيكر في رأيه، فالفوز على آرسنال كان المباراة الـ 38 توالياً لبرشلونة من دون خسارة، وكان يتصدر ترتيب الدوري المحلي بفارق مريح أمام أتلتيكو مدريد وريال مدريد وضرب موعداً مع إشبيلية في نهائي كأس الملك. ومع دخول الموسم مراحله النهائية، بدا أنه سيحتفظ بالثلاثية.
نتقدم سريعاً شهراً واحداً، فإذا بالصورة قد تغيرت بشكل دراماتيكي. فمنذ بداية نيسان الحالي، خرج العملاق الكتالوني من دوري الأبطال، وخسر ثلاث مباريات متتالية في الدوري للمرة الأولى في 13 عاماً وشهد تصدره الدوري بفارق تسع نقاط يتقلص إلى الصفر.
وفجأة بدا وكأن "أفضل فريق يمكن مشاهدته في تاريخ اللعبة الجميلة" لا يستطيع تحقيق الفوز ودخل في أزمة دراماتيكية قد تؤدي إلى إنهائه الموسم من دون ولو لقب واحد.
موقع "بي بي سي" يعدد الأسباب الممكنة وراء هذا التراجع.
حظ سيء؟
بحسب المدرب لويس إنريكه، يعد تراجع فريقه مجرد حظ سيء، على الأقل كان ذلك تفسيره لسقوطه الأخير على أرضه أمام «فالنسيا» (1-2)، يوم الأحد الفائت، عندما أعرب عن سعادته بأداء فريقه الذي: "كان يفتقد فقط إلى الحظ الكافي لتحقيق الفوز".
وقد وافقه الإعلام المحلي، مع تصدر العنوان "1-2. حظ سيء جداً"، الصفحة الأولى من صحيفة "موندو ديبورتيفو" أمس الأول.
فصحيح أن البارسا صنع فرصاً كثيرة للتسجيل وحصد النقاط الثلاث، وخاصة من لويس سواريز وجيرارد بيكيه وميسي وإيفان راكيتيتش ونيمار. كما أن الهدف الأول لفالنسيا جاء إثر كرة تحولت من راكيتيتش إلى الشباك. والأمر نفسه ينطبق على خسارتيه السابقتين أمام ريال مدريد وريال سوسييداد. وهذا يعني أن الأمور كانت ضده، لكنه استفاد أيضاً من قرار الحكم إلغاء هدف سجله غاريث بايل في خسارة الكلاسيكو، بينما كان أندريس إنييـستا محظوظاً لعدم طرده لقطعه الكرة بيده أمام أتلتيكو.
إذن الحظ السيء ليس الجواب الوحيد لتراجع برشلونة. فما هو السبب؟
تراجع إم إس إن
سجل ليونيل ميسي هدفه الـ 500 في مسيرته ضد فالنسيا لكن شراكته مع نيمار ولويس سواريز لم تكن مثمرة في المباريات الأخيرة كما كانت آوائل الموسم.
كان مفتاح نجاح برشلونة في الأشهر الـ 18 الماضية قوته الهجومية الضاربة من ميسي وسواريز ونيمار، المعروفة بـ "إم إس إن، التي جمعت 122 هدفاً الموسم الفائت وبلغت حاجز الـ 100 هدف مجدداً هذا الموسم.
وكما كان نجاح إم إس إن محورياً في المسلسل الطويل للفريق من دون خسارة، يمكن تفسير التراجع الحالي بقلة فاعلية ثلاثي خط الهجوم. فخلال خمس مباريات في اذار، سجل الثلاثي 13 هدفاً، بينها سبعة أهداف لميسي وأربعة لسواريز وهدفان لنيمار.
لكنه لم يتمكن تسجيل أكثر من ثلاثة أهداف في مبارياته الخميس الماضية: هدف لميسي وهدفان لسواريز ولا شيء من نيمار.
ولا يتعلق الأمر فقط بقلة الأهداف. فثلاثي خط الهجوم، الذي عمل بشكل جيد معاً خلال الأشهر الـ 18 الماضية، بدا وكأنه فقد الترابط الذي جعل من شبه المستحيل إيقافه.
وخلال الخسارة أمام أتلتيكو مدريد في إياب ربع نهائي دوري الأبطال على سبيل المثال، لم يمرر ميسي أي كرة إلى سواريز خلال الدقائق الـ 90 ومرر كرة واحدة إلى نيمار. بينما في الفوز السابق على ضيفه آرسنال، مرر ميسي ثلاث كرات إلى سواريز و13 كرة إلى نيمار.
شيء ما سار بشكل سيء في العمل الجماعي بين هؤلاء اللاعبين الثلاثة الرائعين. شيء يبقى لغزاً كبيراً.
الإرهاق
يعد الإرهاق التفسير الأكثر شيوعاً لمعاناة برشلونة مع دخوله المراحل الأخيرة من موسم متطلب، بدأه قبل الآخرين لمشاركته في كأسي السوبر الإسبانية والأوروبية.
ومع إضافة كأس العالم للأندية في ديسمبر في اليابان إلى حمله، كانت خسارة الأحد أمام فالنسيا مباراته الـ 56 هذا الموسم.
في البطولات الأوروبية الخمس الكبرى، وحده أتلتيك بلباو لعب عدداً أكبر من المباريات. وللمقارنة، خاض المتأهلان إلى نصف نهائي دوري الأبطال مانشستر سيتي 53 مباراة، وبايرن ميونخ 46 مباراة.
وربما ليس مصادفاً أن تأتي خسارة الكلاسيكو أمام ريال مدريد، التي بدأت تراجع البارسا، بعد عطلة دولية شهدت قيام ستة من لاعبيه الأساسيين، من ضمنهم ثلاثي خط الهجوم، برحلات جوية إلى أميركا الجنوبية.
بدا الإرهاق واضحاً عليهم خلال الخسارة وفي إياب الدور الثاني من دوري الأبطال أمام أتلتيكو، لكن لم يكن هنالك علامات تعب واضحة خلال الخسارة أمام فالنسيا، عندما بقي يجري حتى الثواني الأخيرة.
كما أنه ليس مستحباً بالتأكيد القول للمدرب إنريكي أن فريقه متعب. فخلال مؤتمره الصحفي بعد مباراة الأحد، سأل الإعلامي فيكتور مالو عما إذا كانت الناحية البدنية شكلت عاملاً في مشكلات فريقه، فرد إنريكي بسؤال الإعلامي عن اسمه، مدركاً أنه "مالو"، أي سيء بالإسبانية. وقال: "صحيح... السؤال التالي".
الخطة نفسها ونتيجة مختلفة
لم يتسبب إنريكه بالتأكيد في انهيار فريقه من خلال قيامه بتعديلات على خطته، لأنه لعب بالطريقة نفسها معتمداً على اللاعبين نفسهم خلال الخسائر الأربع الأخيرة كما فعل خلال الأشهر الستة من دون خسارة. وإذا كان هنالك من تغيير طفيف، فإن ميسي بات يشغل مركزاً أكثر محورياً، متيحاً لدفاع الخصوم التركيز في الوسط بدلاً من الاضطرار إلى الانتشار في عرض الملعب بأكمله، كما كان عليهم أن يفعلوا عندما كان ميسي يتمركز على الجناح الأيمن. لكنه مجرد تفريع بسيط ولا يفسر لما توقف ثلاثي الهجوم عن التعاون بشكل جيد أو بشكل منتظم، وهذا يبقى المعضلة الأكبر التي يحتاج إنريكه إلى حلها. في حال نجح في إعادة "ام إس إن" إلى حالته الطبيعية وتسجيل الأهداف، سيستعيد الفريق نغمة الفوز.
البرنامج لمصلحة برشلونة
ليس هنالك وقت أمام إنريكي ولاعبيه للشعور بالأسى لما حل بهم، لأن مباراتهم الأولى من المباريات الخمس المتبقية في الدوري تقام اليوم على أرض ديبورتيفو لا كورونيا.
وتبدو لائحة المباريات في مصلحته، إذ سيواجه فرقاً تحتل مراكز في النصف الثاني من الترتيب. لكن القلق بشأن منافسيه على اللقب لن يفيده. إذ سيتحدد موسمه من خلال استعادته مستواه في الفترة السابقة للشهر الحالي. وفي حال حصل ذلك سيخرج فائزاً من مبارياته الخمس المتبقية ويتوج بطلاً. لكن في الوقت الحاضر تبقى علامة الاستفهام الكبيرة حاضرة.