مورينيو "يفقد بريقه"

تاريخ النشر: 15 يوليو 2019 - 03:03 GMT
جوزيه مورينيو
جوزيه مورينيو

قارب موسم 2019 ـ 2020 الكروي على البداية. أسابيع قليلة تفصل عن قص شريط افتتاح الدوريات الخمسة الكبرى.

تغييراتٌ عديدة قامت بها الأندية، مدربون جدد، لاعبون مستقدَمون، والبعض غيّر طاقمه الإداري.

وسط هذه الزحمة في الملاعب الأوروبية، لم يغتنم جوزيه مورينيو أي فرصة لتسلم منصب فني، لأن رياحه لم تهب حتى الآن، أو بالأصح، الأندية الكبيرة تجنبتها. حتى اللحظة، مورينيو لا يزال محللاً رياضياً.

 

في السنوات القليلة الماضية، كان مورينيو المادة الأدسم لوسائل الإعلام الرياضية. المدرب الذي اشتهر بسلاطة لسانه وأجوبته المثيرة للجدل، حوّل نفسه مع الوقت من مدرب إلى مهرج، تلاحقه وسائل الإعلام أينما ذهب. لكن اليوم تبدلت الأحوال، ولم يعد مورينيو مثيراً للاهتمام.

منذ بداية مشواره التدريبي، فرض البرتغالي نفسه رقماً صعباً في معادلات كرة القدم. الأداء السلبي من ناحية المتعة، لم يؤثر بتقييمه النهائي مدرباً، إذ وقفت الألقاب التي حققها كجدار صلب، أمام أسهم الانتقادات المتمحورة حول إفساده للمتعة الكروية، بسبب الأسلوب الدفاعي المحكم.

في مشواره التدريبي، اعتمد مورينيو على ثلاث قواعد لبقائه في دائرة المدربين الكبار: خوض الحروب الإعلامية في المؤتمرات الصحفية، وإبعاد تداعياتها عن غرف ملابس الفريق، تكوين كتيبة تتناسب مع أفكاره الدفاعية وإقناع عناصرها بأن الغاية تبرر الوسيلة، إضافةً إلى كسب عاطفة الجماهير، التي طالما شكلت سلاحاً فتاكاً لردع أي تفكير إداري محتمل يقضي بإقالته. في المواسم القليلة الماضية، خسر مورينيو أسلحته الثلاثة، فبقي دون أيّ حماية، وهو يتلقى الضربات.

بدأت المشاكل في حقبة مورينيو الثانية رفقة تشيلسي (2013) رغم تحقيقه لقب الدوري الشخصي الثالث مع الفريق اللندني آنذاك، أقاله مالك النادي رومان آبراموفيتش للمرة الثانية، بعد تخبط الفريق في الموسم اللاحق وبقائه في منتصف جدول الترتيب.

بعد ذلك، سنحت للمدرب البرتغالي فرصة ذهبية أخرى، تمثلت بتدريب مانشستر يونايتد. هناك، عُدّ مورينيو بمثابة "المخلص"، على إثر انحدار مستوى الفريق، وخسارته المكانة التي كان يحظى بها مع أليكس فيرغسون، إلا أن الوقت أظهر عكس ذلك تماماً.

نتائج سيئة وتخبطات مستمرة، أنزلت من أسهم مورينيو في بورصة كبار المدربين، حتى أقيل من يونايتد منتصف الموسم الماضي.

بعد إقالته من إنجلترا للمرة الثانية في غضون خمس سنوات، شغل مورينيو منصب المحلل الفني لقنوات "بي إن سبورتس" القطرية، في خطوة عدّها النقاد بمثابة محطة مؤقتة للمدرب البرتغالي، بانتظار العروض التي ستصله مع نهاية الموسم. انتهى الموسم، ولا يزال مورينيو محللاً!

موجة تغييرات كبيرة حصلت لمدربي الفرق الأوروبية مطلع الصيف الحالي.

أنديةٌ من حجم يوفنتوس، إي سي ميلان، تشيلسي وإنتر ميلان، عينت مدربين جدد في الأشهر القليلة الماضية، دون طرح "ذا سبيشل ون" اسماً محتملاً، رغم سهولة التعاقد معه.

حتى ريال مدريد لم يستقدم مورينيو منتصف الموسم الماضي، رغم أنه من المدربين المفضلين لدى رئيس النادي فلورينتينو بيريز، الذي فضل إعادة المدرب الأسبق زين الدين زيدان.

تطورت كرة القدم في السنوات القليلة الماضية، وازداد اهتمام وسائل الإعلام بها. العائد المالي الكبير الذي يدره هذا القطاع، غيّر من توجهات الرياضة بما لا يتناسب مع مدربي الفرق.

مع الاتجاه الجديد لكرة القدم، المتمثل بتحويل اللاعبين من رياضيين إلى أدوات لتحقيق العوائد المالية الضخمة بالدرجة الأولى، ارتفع صوت اللاعبين، بعد أن لمسوا أفضليتهم في أوساط القاعدة الجماهيرية عن باقي عناصر الأندية، فيما بات المدربون أدوات للعناية بـ "النجوم"، مع صلاحيات متفاوتة تبعاً لكل إدارة.

اليوم، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منبراً حقيقياً قد يسهم بإقالة مدرب تبعاً لتفاعل الرواد.

في ريال مدريد مثلاً، كان لحملة التعاطف مع إيكر كاسياس من قبل الجماهير الملكية دور بارز في انتهاء حقبة مورينيو.

تكرر الأمر في إنجلترا، حين شكلت قضية طبيبة تشيلسي السابقة إيفا كارينيرو سبباً رئيسياً لإقالة مورينيو أيضاً، دون إغفال تداعيات تسرّب المشاكل التي حصلت بين بول بوغبا ومورينيو إلى وسائل الإعلام، وما رافقها من انقلابٍ في غرف تغيير الملابس، ما أسهم بإقالة البرتغالي لاحقاً.

مع انقلاب موازين الأهمية في كرة القدم، أبى مورينيو الرضوخ للتوجه الجديد، إن كان من ناحية تغيير أسلوبه بما يتناسب مع متطلبات الكرة العصرية، أو تعديل عقليته لتقبل الصورة الجديدة لكرة القدم.

الإصرار على أسلوب المدرسة القديمة انعكس سلباً على مورينيو، حتى بات غير مرغوب فيه بالأندية الكبيرة.

النتائج، وما ستدرّ من أموال حقوق البث والشركات الراعية، باتت هدفاً رئيسياً للإدارات، أما مورينيو، فبات بنظرهم شراً يجب الابتعاد عنه.