شكراً أيها العرب... فأنتم هبة السماء

تاريخ النشر: 02 يناير 2013 - 12:47 GMT
البوابة
البوابة

تحفظ  الفرنسي آرسين فينغر مدرب آرسنال قبل سنوات على ولوج المال العربي ملاعب البريمير ليغ بحجة أن من شأنه ابتلاع الكرة الإنجليزية ومن ثم إفسادها، والسبب أن رجال أعمال عرب دخلوا، مثل غيرهم، سوق الدوري الإنجليزي للاستثمار في الجلد المنفوخ، وقرروا شراء أندية يعد آرسنال العريق من ضمنها، وهو ما استحسنه مسيّرو النادي، بينما أبدى المدرب امتعاضه لأنه لا يريد أن يكون جزءاً من الصفقة في زمن نخاسة الملاعب أو كما يتهيأ له.

فينغر لم يقل هذا عندما أقدم الروسي رومان آبراموفيتش على شراء تشلسي، ولم يقل هذا وهو يعرف أن نادي فولهام مملوك للثري المصري محمّد الفايد، هذا المصري الذي كاد ابنه يحكم بريطانيا بزواجه من أميرة ويلز دياناً لولا أنّهما قضيا في حادث سير مميت بباريس.

وعندما دخلت رؤوس أموال أميركية سوق الأندية لم يعلق فينغر، وعندما جاء الشيخ منصور بن زايد واشترى سيتي، أدرك فينغر أن ما كان يقوله رقصة في الظلام، إلى أن رأى المال العربي على قمصان لاعبيه، وصار يرحب بعقود طيران الإمارات وغيرها، ثم تنازل عن كبريائه ليكون محللاً لقناة الجزيرة الرياضية مقابل بعض المال العربي.

وبالتالي يصدق عليه قولهم "يتمنّعن وهنّ الرّاغبات".

ومثله، لم يهضم الهولندي يوهان كرويف إقدام نادي برشلونة على وضع شعار "مؤسسة قطر" على صدور ليونيل ميسي وتشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وسيرجيو بوسكيتس، وأعلن الحرب على قطر لأنها تجرأت على دخول العرين الكتالوني، وكأن مفاتيح البيت في جيب الهولندي الذي نصّب نفسه وصياً على النادي الأشهر حالياً في العالم، ودعا إدارة البارسا إلى تنظيم اقتراع يشارك فيه الأعضاء المساهمون في النادي لقبول أو رفض العرض القطري، وهو ما تم، إنّما لصالح مؤسسة قطر، فأدرك كرويف الصباح وسكت عن الكلام المباح، لأن القافلة تمر ولو زاد النباح.

وعندما نجح نادي ملقة الإسباني بفضل المال العربي في الخروج من دائرة الصغار ليدخل نادي الكبار، تدخلت اليد الخفية لتضرب استقرار هذا الفريق المجتهد بمحاولة حرمانه من اللعب أوروبياً بحجة أنه لم يسدد فواتيره.

غير أن الأمر مختلف في فرنسا التي لم يحدث أن عرفت، في تاريخها، استثماراً عربياً وغير عربي في مجال كرة القدم إلى أن جاء ناصر الخليفي معلناً منح فرنسا امتياز اللعب مع الكبار من خلال تحويل نادي باريس سان جيرمان من فريق لا يتجاوز حلمه ملعب سان دونيه إلى فريق يقارع كبار أوروبا، بجلب لاعبين من عيارات ثقيلة.

وراهن كثيرون على أن التجربة لن تذهب أبعد من قامة برج آيفل، ولكن الإعلام الفرنسي والرأي العام الرياضي اكتشف أن فرنسا قادرة على أن تلعب ضمن الصف الممتاز، وليس الاكتفاء بدور الكومبارس في مختلف البطولات، فمنذ أن فاز مرسيليا بكأس أوروبا للأبطال عام 1993 ثم سحبها منه لأسباب مرتبطة بتلاعبات بيرنار تابّي الفرنسي المثير للجدل، وتوقّف الحلم الفرنسي عند كأس العالم 1998 التي مثلت بيضة الديك في مسيرة الكرة الفرنسية، لم تعرف صاحبة فكرة كأس العالم طريقها... إلى العالم.

ومنذ أيام حدث في ساحة الكرة الفرنسية "تناطح" بين ليوناردو مدير الكرة بنادي باريس سان جيرمان ورئيس أولمبيك ليون جان ميشال أولاس، إذ طالب البرازيلي "شيخ" ليون بأن يلجم لسانه، ويتوقف عن تناول النادي الباريسي بأية كلمة، ويهتم بتنظيف عتبة بيته.

ولم تمر رسالة ليوناردو دون أن يقرأها أولاس ويعقب عليها بقوله: "اعتقد أن نجاح باريس سان جيرمان هو شيء جيد من شأنه أن يجلب نقطة إضافية لفرنسا على مؤشر الفيفا"، ويضيف أولاس: "مجيء قطر هبة من السماء، فشكراً للقطريين".

ويعترف رئيس ليون بأن استثمارات القطريين سمحت بإنقاذ أندية متواضعة مثل سان إيتيان صاحب التاريخ العريق، ويلمح إلى أنه لن يقول (لا) إذا طرق باب ناديه مستثمر قطري آخر، باعتبار أن قطر هي عنوان الاستثمارات الجديدة في فرنسا، ولكن أولاس يتساءل عن السبب الذي يمنع ناصر الخليفي ومساعديه من شراء اللاعبين الفرنسيين... في إشارة منه إلى الصفقات التي جاءت بزلاتان إبراهيموفيتش وتياغو سيلفا وماكسويل ولوكاس مورا وماركو فيراتي وغيرهم من اللاعبين الذين لم يصدق الفرنسيون أنهم سيتركون دوريات ملتهبة ليلعبوا في ملاعب مكتئبة، لكن الرهان القطري أن يجعلوا أيام الكرة في فرنسا أكثر متعة وإشراقاً.

وذكرت وسائل الإعلام أن هناك رغبة لدى الخليفي لجلب لاعب عربي متميز كفيل باستعادة أمجاد الجزائري مصطفى دحلب أيقونة النادي الباريسي في السبعينيات، تلبية لرغبة الجالية العربية التي صارت أكثر إقبالاً على فريق كاد يحال على المعاش.

عز الدين ميهوبي